تستخدم الشرطة وأجهزة الاستخبارات في صربيا برامج تجسس من شركة سيليبرايت الإسرائيلية (Cellebrite) لمراقبة الصحافيين والناشطين الحقوقيين بشكل غير قانوني، بحسب تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، الاثنين. ولجأت الأجهزة الأمنية الصربية إلى منتجات "سيليبرايت" لفتح واستخراج البيانات من هواتف الأفراد، عبر برنامج تجسس جديد هو "نوفيسباي" (NoviSpy) الذي يعمل على نظام أندرويد.
ورغم أنه متأخرٌ من الناحية التقنية عن برامج التجسس المتطورة الأخرى مثل "بيغاسوس"، فإنّ "نوفيسباي" يسمح للسلطات الصربية باختراق الهواتف الذكية وتجاوز القفل من دون إدخال رمز المرور، وكذلك الوصول إلى البيانات الشخصية الحساسة في الهواتف المستهدفة، وكذلك تشغيل الميكروفون أو الكاميرا عن بعد فيها. وبحسب معدة التقرير دينوشيكا ديساناياكي، تستخدم صربيا "تكنولوجيا المراقبة وتكتيكات القمع الرقمي للسيطرة والقمع الموجه ضد المجتمع المدني"، مشيرةً إلى أن برامج "سيليبرايت" الإسرائيلية يمكن أن تشكّل خطرًا هائلًا على الناشطين الحقوقيين "عند استخدامها خارج نطاق الرقابة القانونية الصارمة".
وثق تقرير منظمة العفو الدولية حالتين على الأقل لاستخدام السلطات الصربية برنامج نوفيسباي للتجسس على صحافي وناشط بعد استدعائهما إلى مراكز الشرطة. ففي فبراير/ شباط الماضي، فقد أوقفت الشرطة لفترة وجيزة الصحافي الاستقصائي الصربي سلافيشا ميلانوف، بحجة اختبار القيادة تحت تأثير الكحول. وبعد إطلاق سراحه، لاحظ سلافيشا أن هاتفه الذي تركه في مكتب الاستقبال في مركز الشرطة قد عُبث به. ولاحقًا، أظهر تحليل أجراه مختبر منظمة العفو الدولية أنه قد جرى استعمال أحد منتجات "سيليبرايت" لفتح قفل الهاتف وتثبيت "نوفيسباي". كما جرى العثور على أدلة جنائية تظهر استخدام الهاتف نفسه للوصول إلى هاتف الناشط البيئي نيكولا ريستيتش.
أبلغت منظمة العفو الدولية كلًّا من "أندرويد" و"غوغل" عن "نوفيسباي" قبل نشر التقرير، ليزال برنامج التجسس عن أجهزة أندرويد المصابة. كما أرسلت "غوغل" تنبيهات إلى أهداف محتملة، تحذرهم من احتمال تعرّضهم لاستهداف حكومي، وفقًا للشركة.
عبّر ناشطون مستهدفون عن صدمتهم، منددين باستعمال أدوات الرقابة والتجسس لملاحقتهم. وقال أحدهم، طالبًا عدم الكشف عن هويته: "هذه طريقة فعالة بشكل لا يصدق لتثبيط التواصل بين الناس". فيما قال آخر إنه يجب "أن تختار الرقابة الذاتية أو أن تتحدث بلا خوف، وفي هذه الحالة يجب أن تكون مستعدًا لمواجهة العواقب". وفيما رفضت السلطات الصربية الرد على طلبات التعليق التي أرسلتها منظمة العفو الدولية، دافعت شركة سيليبرايت الإسرائيلية عن نفسها في بيان بعد نشر التقرير، زاعمةً أن "الاستخدام الأخلاقي والقضائي والقانوني" لتكنولوجيتها "كان في غاية الأهمية لمهمتنا المتمثلة في تسريع العدالة، وإنقاذ الأرواح في جميع أنحاء العالم".
أضافت أنها: "تأخذ على محمل الجد جميع مزاعم إساءة الاستخدام المحتملة لتكنولوجيتها"، مشيرةً إلى أنّها تحقّق في نتائج التقرير. من جهتها، أكّدت منظمة العفو الدولية أن أبحاثها أظهرت بوضوح أنه يمكن إساءة استخدام برامج "سيليبرايت"، بهدف "نشر برامج التجسس وجمع البيانات على نطاق واسع من الهواتف المحمولة خارج التحقيقات الجنائية المبررة".