اوراق مختارة

المخطط الإسرائيلي تهجير اهل غزة.. وتوسيع المنطقة العازلة جنوباً

post-img

هتاف دهام (لبنان 24)

بعد فترة وجيزة من انتهاء الهدنة استأنفت "إسرائيل" قصفها على قطاع غزّة، وجاء التصعيد نتيجة رفضها الدخول في مفاوضات جدية بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، فضلًا عن استمرارها في فرض الحصار على القطاع عبر منع دخول المساعدات الإنسانية وقطع الكهرباء عنه. وأعلن رئيس وزراء الاحتلال.

"الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، مساء أمس أن المفاوضات بشأن الأسرى "الإسرائيليين" في غزّة ستجري تحت النار، مشيرًا إلى أن الضربات الجوية التي بدأت فجر اليوم مجرد بداية.

مما لا شك فيه أن التصعيد "الإسرائيلي" الذي يطال غزّة يتزامن مع تكثّيف "إسرائيل" غاراتها على مواقع مختلفة في جنوب لبنان وبقاعه وداخل العمق السوري. هذا التوسّع في العمليات العسكرية يعكس إستراتيجية "إسرائيلية" تهدف إلى تصعيد الضغط على أكثر من جبهة، في محاولة لفرض معادلات جديدة في المنطقة، علمًا أن أي تصعيد إضافي على لبنان قد يؤدي، بحسب مصادر دبلوماسية، إلى تدخلات إقليمية ودولية للجم "إسرائيل" بالتوازي مع الضغط على لبنان وحزب الله.
والسؤال المطروح لماذا تجددت الحرب على غزّة؟
إثر هدنة الـ 60 يومًا بين العدوّ "الإسرائيلي" وحركة حماس التي سرت منذ 19 كانون الثاني الماضي بعد وساطة من الولايات المتحدة مصر وقطر، تم خلالها تبادل اعداد من الأسرى، كان يفترض الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق التي تنص على الافراج عن جميع الأسرى "الإسرائيليين" في مقابل المعتقلين الفلسطينيين ثمّ وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب "إسرائيل"  من قطاع غزّة وعملية إعادة الاعمار التي تستمر من ثلاث إلى خمس سنوات، لكن حماس رفضت طلب نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من

الاتفاق وفق الخطة الأميركية على خلفية سعيه لتحقيق مكاسب سياسية تدفع عنه المحاسبة القضائية والسياسية متّخذًا ذريعة لفتح الحرب من جديد مع تشديد الحصار ومنع دخول المساعدات إلى القطاع حيث شن الطيران "الإسرائيلي" هجومًا جويًا واسعا على كلّ انحاء القطاع أسفر عن استشهاد أكثر من 400 فلسطيني وجرح المئات حتّى الساعة. .

ان استئناف العدوان على غزّة يدخل، بحسب العميد منذر الأيوبي، ضمن الخطة الموضوعة من مجلس الحرب لتهجير الفلسطينيين من أهل القطاع والضفّة إلى مصر والأردن، وهذا المخطّط لا يزال على طاولة القيادة العسكرية والسياسية التي تحاول تحقيقه بالحرب المدمرة والأرض المحروقة.وذكرت شبكة "سي بي إس" الأميركية، أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" حاولتا التواصل مع الحكومة السورية بشأن "خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين قسرا من قطاع غزّة وإعادة توطينهم في أماكن أخرى"، علمًا أن ترامب كان تحدث عن تحويل غزّة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".

من هذا المنطلق لا يبدو أن هناك مدة زمنية محدودة لإنهاء العدوان ومن المحتمل العودة إلى عملية الاجتياح البري وعودة قوات العدوّ إلى مناطق سبق وانسحبت منها في الأسابيع الماضية، وتوازيًا وفي ظل تنديد الأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتجدد حرب الإبادة على أهالي القطاع تصاعدت الانتقادات في الداخل "الإسرائيلي" سيما من أهالي الأسرى على اعتبار أن نتنياهو يشعل الحرب مجددًا غير آبه سوى ببقائه في رئاسة الحكومة من أجل إنقاذ مستقبله السياسي على حساب الأسرى والمجازر المرتكبة..

ووفق قراءة الأيوبي، فإن ثمة تنسيق بين واشنطن و"تل أبيب" لاستئناف الحرب على غزّة إذ أعلنت قناة فوكس نيوز عن تشاور "الإسرائيليين" مع إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن الهجمات على القطاع بالتزامن مع تصريح للرئيس الأميركي "أن حماس والحوثيين وإيران وكلّ  من يسعى لإرهاب "إسرائيل"  والولايات المتحدة سيدفع ثمنًا باهظًا وستفتح عليه أبواب الجحيم"، وتجدر الإشارة إلى أن ما يجري يتوافق مع قرار تهجير فلسطينيي غزّة، وسقوط الخطة المصرية العربية لإعادة إعمار القطاع إذ سبق وأدى الرئيس الأميركي تحفظه العلني عليها ورفضه الضمني لها.

وأمام ما تقدم ماذا عن لبنان وتطبيق آليات القرار الأممي 1701 بكامل مندرجاته لجهة وقف الأعمال العدائية.؟

في ظل استمرار الغارات الجوية على مناطق الجنوب والبقاع إضافة إلى استهداف المواطنين بالمسيرات بذريعة انتمائهم إلى حزب الله فإن لا شيء، بحسب الأيوبي، يمنع عودة الحرب بمعناها الواسع، لا سيما وأن "إسرائيل" تفلتت من التزاماتها تحت أنظار اللجنة الخماسية العسكرية وقوات الأمم المتحدة، كما أن اندلاع المعارك على الحدود الشرقية والشمالية مع سورية يعتبر وفق معادلة التزامن، إلهاء القوى العسكرية وصرف أنظارها عما تقوم به قوات العدوّ من قضم للأراضي الجنوبية وتوسيع المنطقة العازلة منعًا لعودة الأهالي إلى قراهم وبالتالي تكريس الاحتلال للنقاط الإستراتيجية بشكل دائم. كما أن تنفيذ عملية عسكرية عبر الجنوب السوري أمر وارد ويهدف إلى تثبيت طوق عسكري على البقاع اللبناني وصولًا إلى التحام لوجستي وعملياتي مع التنظيمات المتشددة المتواجدة على الحدود السورية ما يمنع نهائيًا تسرب أي دعم إيراني سواء بالسلاح أو المال لحزب الله. ورغم ذلك، ثمة من يؤكد أن لبنان لم يعد في وارد الدخول في أي حرب إسناد، فاتفاق وقف إطلاق النار أنهى كليًا وحدة الساحات.

وسط ما تقدم، تشير أوساط سياسية مطلعة على الأجواء الأميركية إلى أن "إسرائيل" تسعى إلى تثبيت واقع جغرافي يحقق لها أفضلية أمنية، خاصة عبر مقترح تبادل الأراضي والحديث عن إدخال مفاوضين مدنيين إلى جانب العسكريين، وهذا يعني محاولة لإخراج المفاوضات من الطابع العسكري إلى طابع سياسي أكثر انفتاحًا، وهو ما قد يشكّل اعترافًا غير مباشر ب"إسرائيل"، وهذا الأمر لا يزال حتّى الساعة مرفوض من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والحكومة، علمًا أن مصادر سياسية لا تخفي أن الضغوط الأميركية سوف تزيد على لبنان في المرحلة المقبلة لجهة نزع سلاح الحزب من شمال الليطاني، لكنّها تشدد على أن لبنان متمسك بالقرار 1701 ويبدي إصرارًا على ضرورة أن تنفذه "إسرائيل".
 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد