أوراق إعلامية

ترامب يقفل قناة «الحرة»: لا نصر يرجى من الحرب الناعمة!

post-img

زكية الديراني/ جريدة الأخبار

قبل حوالى أربعة أعوام، كانت الذراع الإعلامية للسياسة الأميركية في المنطقة مهدّدة بالإغلاق، لكنّ الخطوة تأجّلت بسبب تداعيات جائحة كورونا، ليعود قرار الإغلاق ويخيّم على استديوهات «الحرة»، وهذه المرة سيكون تامًا وليس على مراحل.

حُسم الأمر! ستغلق قناة «الحرّة» الأميركية الناطقة بالعربية والمموّلة من الكونغرس الأميركي، أبوابها بشكل كامل، على أن يُبتّ القرار النهائي في الساعات القليلة المقبلة بعد اجتماع يضم أعضاء «شبكة بث الشرق الأوسط» (MBN). وكانت الشبكة تضمّ سابقًا مجموعة من القنوات والإذاعات من بينها «الحرة» و«الحرة - عراق»، وإذاعتا «سوا» و«سوا - عراق»، إلى جانب المنصات الرقمية التابعة لها، مثل «ارفع صوتك»، و«أصوات مغاربية»، و«الساحة».

تملك تلك الوسائل مكاتب ثابتة لها في الولايات المتحدة وأخرى منتشرة في العالم، وتضم مئات الموظفين. وبهذه الخطوة، سيكون مصير «الحرة» مشابهًا لـ «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» (usaid) التي أغلقت أبوابها أخيرًا بقرار من دونالد ترامب أيضًا، فوجد آلاف الموظفين أنفسهم عاطلين من العمل بشكل مفاجئ.

لكن من كان يتابع أخبار «الحرّة» في السنوات الأخيرة، يعرف جيدًا أنّ خبر الإغلاق لم يكن مفاجئًا. فقد مرّت الشبكة في مطبّات اقتصادية عدة في الأعوام الأخيرة كادت أن تودي بها. وكان آخرها إغلاق «الحرة عراق» في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، بعدما أعلنت القناة تقليص الميزانية بنحو 20 مليون دولار أميركي وتسريح ما يقرب من 160 موظفًا.

أتت هذه الخطوة بعدما كانت القناة العراقية بمنزلة الذراع الإعلامية للسياسة الأميركية في بغداد، وعملت على بث الفتن وتفرقة الشعب. وقبل أربعة أعوام تقريبًا، كانت «الحرة» مهددة بالإغلاق، لكن الإدارة الأميركية أجّلت الخطوة بعد انتشار جائحة كورونا، ليعود قرار الإغلاق ويخيّم على استديوهات «الحرة»، وهذه المرة سيكون تامًا وليس على مراحل.

في هذا السياق، كانت قناة «الحرة» تعيش ما يشبه حالة «فصام» في المدة الأخيرة، عاكسةً بهذا التخبّط الصراع في مراكز القرار الأميركي. من جهة أعلن الكونغرس أخيرًا عن ميزانية العام الحالي للمحطة، ما طمأن الموظفين بشأن مستقبلهم. من جهة أخرى، اصطدم القائمون على القناة بإعلان كاري ليك كبيرة مستشاري الرئيس الأميركي ترامب في «الوكالة الأميركيّة للإعلام العالمي» (USAGM)، عن تجميد التمويل وإغلاق القناة بشكل نهائي.

هكذا، تلقّى موظفو «شبكة بثّ الشرق الأوسط» (MBN) يوم الأحد الماضي رسالةً بريديةً من إدارة الشبكة، تؤكّد لهم على استمرارها في العمل حتى تتضح الصورة. وأكد مدير الشبكة جيف غيدمن على عدم التوقف عن «النضال من أجل المؤسسة ومن أجل دافعي الضرائب الأميركيين» على حد تعبيره. وتابع أنّ قرار استمراره في منصبه يضمن الموافقة على استمرار التمويل.

من يومها، تتوالى الاجتماعات في القناة، من دون الخروج بموقف واضح يحدد مصير الموظفين، على أن يتخذ القرار النهائي قريبًا، ليشكل نقطة تحول في الصراع بين الكونغرس وإدارة ترامب. مع العلم أنّ الموظفين يجمعون على أن قرار الإغلاق لا عودة عنه إلا بـ«معجزة»، متسائلين عمّن سيخالف «أوامر الرئيس ترامب»!

على الضفة نفسها، من المتوقع أن ينعكس قرار إغلاق القناة على مستقبل الموظفين، وتحديدًا العرب منهم الذين هاجروا بعقود عمل إلى الولايات المتحدة الأميركية، قبل أن يصدموا بقرار الإغلاق الذي سينهي عقودهم، وسيكون مصيرهم في مهبّ الريح. أما بالنسبة إلى مكتب «الحرة» في بيروت، فإنه يعيش حالُا من الضياع التي ضربت كل مكاتب القناة الأميركية الناطقة بالعربية. بعدما كان الموظفون يشعرون بأمان بأنّ الإعلام الأميركي في «بحبوحة» مالية، استفاقوا صباحًا على خبر إغلاق القناة.

ترى مصادر أنّ قرار إغلاق «الحرة» خطوة إيجابية بالنسبة إلى الشعب الأميركي وتحرّره من أعباء الضرائب، لأنّ القناة تتلقّى تمويلًا حكوميًا أميركيًا من أموال دافعي الضرائب الأميركيين. ورأت بعض المصادر بأن قرار ترامب يثبت بأنه غير مهتم بالرأي العام العربي، بحجّة تقليص مصاريف الحكومة وتجفيف منابع الهدر المالي.

يختتم السؤال: كيف تخلى الرئيس الأميركي عن إحدى الأذرع الإعلامية في الشرق الأوسط، وسط النيران التي تهدّد بالتهام المنطقة ووحدها الولايات المتحدة مسؤولة عنها؟.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد