حسين كوراني/ خاص موقع أوراق
وسط عدوان إسرائيلي مستمر واعتداءات متنقلة على الأراضي اللبنانية كافة طالت العاصمة بيروت، ومع تجميد اجتماعات لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ومنح الكيان الصهيوني تأشيرة أميركية للاستمرار في اعتداءاته، يتعرض لبنان لضغوط سياسية أميركية تحملها نائبة المبعوث الأميركي مورغان أورتاغوس في ثالث زيارة لها غدًا للبنان، بهدف إخضاعه والزامه تشكيل لجان ديبلوماسية سياسية تمهّد لمسار تطبيعي، يُجمع اللبنانيون على رفضه.
وقبل وصول أورتاغوس الى بيروت وإجرائها محادثات سياسية، بدءًا من رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، فرئيس الحكومة نواف سلام، وصولاً الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، تتقاطع المقرات الثلاثة على موقف رسمي ثابت وموحّد لمواجهة العاصفة الأميركية المتوقعة، وهو أن لا خروج عن مضمون القرار الأممي 1701 واتفاق وقف إطلاق النار؛ إذ إن الاتفاق صاغه الجانب الأميركي ووقع عليه الجانبان اللبناني والإسرائيلي من خلالها وبوساطتها، وتشكلت لجنة تحت إشرافها لتنفيذه.
وسيحث الجانب اللبناني الرسمي الثلاثي الموفدة الأميركية على السير في تطبيق الاتفاق والضغط على "إسرائيل" للالتزام به ووقف عدوانها وسحب الذرائع منها واطفاء الضوء الأخضر في وجه خروقها، من دون فتح أي مسارات جديدة لا جدوى منها ولن توصل الى أي نتيجة، وسيصر على أن تشكيل لجان لكل من ملف الأسرى والنقاط الخمس المحتلة مؤخرًا، ما يُسقط جدوى اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701، إذ إن الوثيقتين تلزمان "إسرائيل" بالانسحاب من غير أي لجان ومن دون أي شروط، وهذا يُعد انتهاكًا للسيادة اللبنانية وخرقاً للاتفاق وتجاوزاً للقرار الأممي.
أما ملف النقاط الثلاث عشرة المتنازع عليها، فلبنان متعاون لإجراء مفاوضات غير مباشرة عليها مع "إسرائيل"، تحت إشراف الأمم المتحدة، على غرار المفاوضات البحرية ومستوى تمثيلها. وبالتالي فالتجاوب اللبناني سينحصر في تشكيل لجنة عسكرية تقنية واحدة، لا ثلاث.
وفي السياق، رأت مصادر مقربة من الرئاسة الأولى، أن لبنان لن يُقدم على التطبيع أو على أي مسارات تبدأ ديبلوماسية وتنتقل لتصبح سياسية فتطبيعية، وسيكون تحت سقف قرار الدول العربية ولن يغرّد خارج سربها. وتضيف إن رئيس الجمهورية سحب كل الذرائع الإسرائيلية بإعلانه من باريس أن لا علاقة لحزب الله بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه المستوطنات، وسيستمر في مطلبه من المجتمع الدولي وعلى رأسه أميركا للضغط على "إسرائيل" لوقف عدوانها على لبنان والتزام الاتفاق والقرار الأممي.
أما مصادر رئاسة الحكومة فتقول إن الجانب اللبناني سيكون مستمعاً مع أورتاغوس، وسيطرح عليها "الديبلوماسيةَ المكوكية" على غرار ما كان يستخدمه سلفها آموس هوكشتاين، أي نقل الرسائل بين لبنان و"إسرائيل" من دون أية لجان لتقريب وجهات النظر والوصول الى اتفاقات.
أربعة مطالب تحملها أورتاغوس إلى لبنان
افادت مصادر مطلعة أن موقف لبنان الرسمي من الضغوط الأميركية لتشكيل لجان مدنية ثابت ولم يتغير اذ ان الرفض سيد الموقف مع إمكانية حصول ليونة ما ضمن شروط. وهناك اربع نقاط أساسية سوف تبلغها أورتاغوس للجانب اللبناني تأتي أهميتها متساوية بالنسبة للإدارة الأميركية وهي:
أولاً ، جدول زمني لتسليم سلاح حزب الله وكل السلاح غير الشرعي الى الدولة اللبنانية. وبما خص البحث في موضوع الاستراتيجية الدفاعية فهو سيأتي بعد تسليم السلاح ، وهو مشروع يطرحه الجيش بحسب حاجاته من العتاد والعديد وينسقه مع السلطة السياسية ، وأن نموذج "الحشد الشعبي" غير وارد بتاتا .
ثانياً : تشكيل لجنة مدنية لبنانية للتفاوض على ترسيم الحدود والانسحاب الإسرائيلي واستعادة الأسرى. المصدر أشار الى أن الحديث عن لجنة مدنية يعني من أعضاء سياسيين في طريقة تفاوض غير مباشرة .
اما المطلب الثالث فهو تطبيق القرارات الدولية كافةً وخاصةً من ناحية ضبط الحدود الشرقية لمنع التهريب وبالتحديد السلاح .
المصدر ختم أن الجانب الأميركي سيشدد على ضرورة وقف اقتصاد " الكاش" الذي يسهل تمويل الإرهاب ، كما ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية وإدارية.
وبحسب مصدر رسمي فإنّ موقف لبنان الرسمي الذي ستتبلّغه اورتاغوس انّ الأولوية هي لتنفيذ الاتفاق ووقف الاعتداءات والخروقات والانسحاب الإسرائيلي، أما تثبيت الحدود وحل النقاط العالقة فيتمّ التفاوض حولهما ضمن لجنة تقنية عسكرية على غرار ما حصل في الترسيم البحري.
فرنسا ترفض الضغوط الأميركية القصوى
في غضون ذلك، افاد مطلعون على الموقف الفرنسي" أن فرنسا ترفض الضغوط الأميركية القصوى على لبنان، وترى أنه سيؤدي الى فوضى داخلية ستكون تداعياتها خطرة جدًا. كما أن باريس تعتبر أنه لا يمكن الانتقال من آلية مراقبة وقف إطلاق النار الثلاثية بين لبنان و"إسرائيل" إلى نوع من تطبيع ديبلوماسي بينهما".
وترفض باريس العمليات الإسرائيلية في لبنان خصوصاً وأن "إسرائيل" وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار، وتطالب فرنسا الكيان العبري بالانسحاب من النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها في الجنوب اللبناني، فيما تشدّد على أنه يتوجّب على الجيش اللبناني أن يستمر في عمله وقد أظهر قدرته حتى الآن على حفظ الاستقرار في لبنان، لذا ينبغي أن تنسحب "إسرائيل" كلياً وأن تجنّب لبنان القصف لأن الأولوية اليوم هي عودة استقرار لبنان وتمكين السلطات اللبنانية من استعادة السيطرة، ليس فقط على الحدود بل على كامل الأراضي وحل الأزمة المالية في البلد وتسيير عمل الدولة".
لا بديل عن سلاح حزب الله
وبالعودة الى الفترة الماضية نجح حزب الله في "العض" على الجرح وفي ضبط النفس وعدم الرد تاركًا للدولة والرعاة أن يعالجوا الانتهاكات الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه سحب أي ذريعة للعدو، كعمليات اطلاق الصواريخ المشبوهة والتي تبين عدم وقوف الحزب خلفها، ورغم ذلك لم تتوقف الخروقات وهو ما قطع الشك باليقين بأن هذا العدو لا يحتاج الى ذرائع ولا يلتزم باي اتفاق وهو ماض في حربه التي عرّت المجتمع الدولي واحرجت اركان السلطة اللبنانية الذين اضطروا الى رفع الصوت وتغيير نبرة خطابهم بعدما استشعروا بخطورة المشروع الإسرائيلي واكتشفوا زيف الوعود الدولية، وهو ما يعطي الحزب شهادة "براءة " من كل الاتهامات التي سيقت ضده حول مصادرته قرار الحرب ويعطي شرعية لسلاحه باعتباره آخر ما تبقى لخلق نوع من التوازن العسكري بعدما فشلت الدبلوماسية في ردع هذا العدو، فهل تعيد الدولة حساباتها وتستخدم ورقة هذا السلاح للضغط على المجتمع الدولي من اجل وقف العدوان؟