أوراق ثقافية

الحصول على الجنسية الأمريكية يزداد صعوبة

post-img

في خطوات متسارعة منذ بداية الولاية الرئاسية، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغييرات جوهرية على نماذج الهجرة، ولا سيما على طلبات التجنيس، أثارت مخاوف واسعة بين المدافعين عن حقوق المهاجرين ومنظمات المجتمع المدني.

شملت التعديلات الجديدة إلزام المتقدمين للحصول على الجنسية بالكشف عن جميع حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب تقديم معلومات شخصية مفصلة عن أفراد عائلاتهم، حتى في حال كونهم غير موثقين أو غير معنيين بطلب التجنيس بشكل مباشر.

رأت منظمات حقوقية أن هذه التغييرات تضع المقيمين الدائمين في مأزق حرج بين حماية خصوصية من يحبونهم وبين سعيهم للحصول على الجنسية الأمريكية.

في خطوة موازية، ألغت وزارة الأمن الداخلي برنامج منح المواطنة والاندماج، وهو البرنامج الذي أُطلق في العام 2009 بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وكانت هذه المنح تُقدم إلى منظمات محلية غير ربحية تُساعد المقيمين الدائمين الشرعيين في استكمال عملية التجنيس من خلال توفير الدعم القانوني وتعليم اللغة الإنكليزية والتربية المدنية.

في سياتل، أفادت منظمة “خدمة الاستشارة والإحالة الآسيوية” بأن إلغاء المنحة شكّل ضربة قوية لبرامجها، إذ كانت تغطي نحو 27% من التمويل السنوي لخدمات الجنسية. وقالت المنظمة إن التخفيض أدى إلى “زيادة غير مسبوقة في الطلب على خدمات التجنيس، وسط شعور متزايد بعدم الأمان وعدم اليقين بين المقيمين الدائمين القانونيين”.

لم تتوقف القيود الجديدة عند هذا الحد، إذ من المتوقع فرض زيادات على رسوم الطلبات، وتعديل اختبار التجنيس لخفض نسب النجاح، فضلًا عن إطالة مدة معالجة الطلبات، وهو ما تعتبره منظمات الهجرة بمثابة “عقبات غير ضرورية” تهدف إلى إبطاء أو منع حصول المهاجرين المؤهلين على الجنسية.

ترى لوسيا مارتيل دو، وهي مديرة حملة الأمريكيين الجدد في مركز الموارد القانونية للمهاجرين، أن “جمع بيانات وسائل التواصل الاجتماعي والتحقيق في الخلفيات العائلية لا يتعلقان بالسلامة العامة، بل بالمراقبة”، فبرأيها أن هذه الإجراءات تُقوّض الثقة في النظام، وتُفكك البنية التحتية التي ساعدت آلاف المهاجرين في إكمال رحلتهم نحو الجنسية.

بحسب معهد سياسات الهجرة، فإن التجنيس لا يُمثّل مجرد وضع قانوني جديد، بل يمنح الأفراد حماية قانونية وفرصًا أفضل للعمل، ويقلل من احتمالات الترحيل، كما يسهم في تقوية الاقتصاد من خلال زيادة الإيرادات الضريبية وتعزيز المشاركة المدنية.

مع وجود أكثر من عشرة ملايين مقيم دائم قانوني مؤهلين للحصول على الجنسية، تحذر منظمات الهجرة من أن تشديد الإجراءات سيحرم المجتمعات من إسهام هؤلاء الأفراد الذين يعيشون ويعملون ويدفعون الضرائب في الولايات المتحدة، ويطمحون فقط إلى إتمام الخطوة الأخيرة في مسار الهجرة القانوني. وتؤكد لوسيا مارتيل دو أن “التجنيس ليس مجرد معاملة رسمية، بل هو رمز لانتماء المهاجرين للقيم الديمقراطية”، مشيرة إلى أن كثيرين من المجنسين الجدد قدموا من دول تُقيد الحريات، وهم يدركون جيدًا قيمة الديمقراطية وحرية التعبير.

في ظل هذه التطورات، تستمر منظمات المجتمع المدني في العمل على دعم المهاجرين، رغم ما تواجهه من تحديات مالية وتنظيمية متزايدة. وترى هذه الجهات أن الدفاع عن حق المقيمين الدائمين في الحصول على الجنسية هو دفاع عن القيم الأمريكية ذاتها.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد