اوراق مختارة

أجندة مشبوهة لإفشال العهد بفتنة داخلية!.. 

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
  
في الذكرى الخمسين لانطلاقة الحرب الأهلية في لبنان، شدد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على العديد من الثوابت من أجل تجنيب البلاد والعباد تجدد هذه الحرب، ومن أبرزها: التخلي عن الحقد والكراهية والاستقواء بالخارج، واعتماد الحوار لحل مشاكلنا الداخلية لأن أي فريق لا يستطيع أن يلغي الآخر، والتأكيد على أن الدولة وحدها هي التي تحمينا، الدولة القوية، السيدة، العادلة.

ما قاله الرئيس عون يعمل اليوم على ترجمته فعلا في معالجته لواحد من أخطر الملفات التي يمكن أن يشهدها عهده وهو سلاح المقاومة الذي يتعرض لحملة دولية – إقليمية – محلية غير مسبوقة بهدف نزعه وإراحة "إسرائيل" منه وكشف ظهر لبنان أمام أطماعها وخططها الاستيطانية التوسعية التي تترجمها في عدوانها اليومي وخروقاتها المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار وضربها كلّ القرارات الدولية بعرض الحائط.

يدرك الرئيس عون أن الحل الوحيد المتاح لسلاح المقاومة هو اعتماد لغة الحوار حول وظيفته المستقبلية ضمن إستراتيجية دفاعية تساهم في حماية الأمن الوطني، وهو اليوم يستعد لقيادة هذا الحوار آملا أن يصل إلى نتائج إيجابية ترضي الدول الراعية والمكونات اللبنانية وتحمي الجيش اللبناني وتحافظ على السلم الأهلي وتطمئن بيئة المقاومة.

ولا شك في أن موقف رئيس الجمهورية الذي لا يتخلى فيه عن بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها وحصر السلاح بيدها، يلقى تفهما من المقاومة التي تتعاطى معه بإيجابية تامة، كما يلقى تأييدًا من أكثرية المكونات والتيارات السياسية اللبنانية التي تضع السلم الاهلي والاستقرار الأمني فوق كلّ اعتبار، خصوصًا أن لبنان لم يوقف إطلاق النار مع العدوّ "الإسرائيلي" ليفتح جبهات داخلية تعيد أجواء الحرب الأهلية التي أجمع اللبنانيون في ذكراها الخمسين على شعار “تنذكر وما تنعاد”.

ربما يئس العدوّ "الإسرائيلي" من الصيغة اللبنانية التي تتناقض كلّيًّا مع مفاهيمه ويريد مع من يدعم توجهاته من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية أن ينقض عليها بالرغم من الدعم الذي وفرته الدول الراعية لتشكيل العهد الجديد رئاسة وحكومة، لكن إيجاد مساحة للفتنة الداخلية في لبنان يصب في مصلحة "إسرائيل" ويمنحها الفرصة في تنفيذ مشاريعها العدوانية وأن توسع من احتلالها.

لذلك، فإن فريقا من اللبنانيين بوزرائه ونوابه وسياسييه وكوادره وإعلامييه ووسائل التواصل الاجتماعي التابعة له يأخذ على عاتقه منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ النفخ في بوق الفتنة من خلال اعتماد لغة الاستفزاز والتشفي ومنطق العزل والتهميش والاستقواء بالخارج ورسم خطوط حمراء أمام كلّ التفاهمات الوطنية التي يمكن أن تحصل.

وقد بدأ هذا الفريق مؤخرا، بالانقلاب على مواقف رئيس الجمهورية وطروحاته وأولويته بالنسبة لمعالجة سلاح المقاومة ودعوته إلى الحوار مع حزب الله بشأنه، حيث ينصب نفسه مرشدا للعهد ورئيسه وحكومته ووزرائه، لجهة رفض منطق الحوار ومنع عناصر المقاومة من الانضمام إلى الجيش والحؤول دون استفادة الجيش من سلاح المقاومة، متمسكا بالدعوة إلى نزع سلاح المقاومة وفق جدول زمني سريع جدًّا خوفا من تطوّرات دولية إقليمية تعيد خلط الأوراق.

هذا الموقف الملتبس الذي يصب في مصلحة العدوّ "الإسرائيلي" استدعى ردا عنيفا من حزب الله على لسان الحاج محمود قماطي الذي أكد أن “اليد التي ستمتد إلى هذا السلاح ستقطع”، وقد سارع هذا الفريق في الاستثمار بهذا الموقف وممارسة كلّ أنواع التحريض لضرب علاقة الرئيس عون بحزب الله الذي أوضح بدوره أن موقف قماطي هو ردا على استفزاز القوات اللبنانية وأن العلاقة الإيجابية مع الرئيس عون مستمرة.

وربما أخطر ما في هذا الأمر هو التصريحات والتحليلات التي تحاول أن تضغط على الجيش اللبناني وأن تضعه في مواجهة حزب الله وتحميله مسؤولية عدم المبادرة إلى نزع سلاحه أمام المجتمع الدولي، حيث تعتبر مصادر متابعة أن مثل هذه المواقف من شأنها أن تستدرج البلاد إلى تداعيات كارثية لا يمكن لأي فريق أن يتحمل تداعياتها، الأمر الذي يطرح سؤالًا مشروعًا لجهة: هل هذا الفريق يعمل وفق أجندة مشبوهة يريد من خلالها تصفية حساباته مع الرئيس جوزاف عون بضرب عهده وإفشاله بفتنة داخلية أو بحرب أهلية جديدة؟؟..

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد