في الذكرى السادسة والسبعين للنكبة الفلسطينية، وفي وقت تتجدد فيه المأساة الفلسطينية يومًا بعد يوم، تستعد قاعة هيئة الأمم المتحدة في نيويورك لاحتضان فعالية استثنائية في الخامس عشر من الشهر المقبل، تحت عنوان «من المسافة صفر»، وهي تظاهرة سينمائية تُقام ضمن فعاليات إحياء يوم النكبة، لتسليط الضوء على ما يعيشه الفلسطينيون اليوم من نكبة مستمرة، لا تقل فظاعة عن تلك التي بدأت في العام 1948.
تأتي هذه الفعالية وسط صمت دولي مقلق إزاء الجرائم المتواصلة في قطاع غزة، حيث تُرتكب المجازر بحق المدنيين، وتُستباح الحياة الفلسطينية تحت سمع العالم وبصره. من هنا، يكتسب العرض المرتقب أهميته، لا كمجرد مناسبة ثقافية، بل كفعل مقاومة، وشهادة بالصوت والصورة على ما يتعرض له الشعب الفلسطيني.
المبادرة الفلسطينية، بدعم من بعثة فلسطين الدائمة لدى الأمم المتحدة، تهدف إلى تحويل قاعة المنظمة الأممية إلى شاشة كبرى لعرض معاناة الفلسطينيين، من خلال مجموعة مختارة من الأفلام الوثائقية والقصيرة التي توثق الحياة اليومية في ظل القصف والدمار والتجويع، وتجسّد معاناة الفلسطيني في المخيم والمنفى، وفي الداخل المحاصر.
سيلقي خلال الفعالية سفير فلسطين في الأمم المتحدة، الدكتور رياض منصور، كلمة محورية، يؤكد فيها أن إحياء ذكرى النكبة لا ينفصل عن المأساة الراهنة، إذ ما زال الفلسطيني يُهجّر، وتُهدم بيوته، وتُقصف مستشفياته ومدارسه، في مشهد يكرر النكبة بأبشع صورها. كما سيشارك في الحدث المخرج والناشط الأمريكي الشهير مايكل مور الذي عبّر مرارًا عن تضامنه مع القضية الفلسطينية، وسيكون له ظهور خاص يدعو فيه إلى تحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته الأخلاقية في وقف الإبادة المستمرة. وقد قال في تصريحات سابقة: «حين يُقتل الأطفال على مرأى العالم، لا يعود الصمت خيارًا. على السينما أن تصرخ، وأن تفضح، وأن توثّق، لأن الصورة أحيانًا تخلّف أثرًا أعمق من كل البيانات الدبلوماسية».
يشارك في الفعالية المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، أحد أبرز رموز السينما الفلسطينية، والمشرف على مشروع «من المسافة صفر».
الفكرة من عرض «من المسافة صفر» في مقر الأمم المتحدة، هي أن يكون ذلك بمثابة مساءلة للمنظومة الدولية، التي طالما وعدت الشعب الفلسطيني بالعدالة، لكنها عجزت عن حمايته. فبينما يُدفن الأطفال تحت الأنقاض في غزة، ويُحاصر المدنيون حتى الموت، يأتي هذا الحدث ليرفع الصوت عاليًا من داخل المؤسسة الأممية نفسها.