أوراق ثقافية

تناقضات الصورة: «إمركئيل» المنافقة بين الوهم والحقيقة

post-img

نالت «جمعية المعارف الإسلامية الثقافية» نصيبها من همجية العدو خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، إذ تضرّر المبنى المركزي لجميع الأقسام التخصصية في الضاحية الجنوبية لبيروت. كما دمّر العدو معرض الكتاب الخاص بـ «جمعية المعارف» في بيروت والجنوب تدميرًا كاملًا، مما أدى إلى فقدان مئات الكتب. ولم يتبقَ من بعض الكتب غير نسخ معدودة. وكان كتاب «تناقضات الصورة: أميركا بين الوهم والحقيقة» للكاتبة حوراء حوماني الذي صدر عن الجمعية قبيل الحرب، واحدًا من هذه الكتب التي صمدت بوجه العدوان بأعداد قليلة لتروي قصة الكيان الأميركي ذي الأوجه المتعددة، وأحدها يجسد التطابق العميق بين كيانين مغتصبين: أميركا وإسرائيل. وفي ما يلي مقتطفات من الكتاب:

لقرنين ونيف، صنعت الولايات المتحدة الأميركية من نفسها دولة تطفو فيها الصورة التسويقية على حساب الصورة الحقيقية. استطاعت عبر سنوات من العمل الحثيث إعلاميًا من تشكيل لوحة خاصة بها روّجت بأنها الأفضل بلا شوائب، وأن أحدًا غير قادر على منافستها خاصة بعد التحوّل إلى عالم أحادي القطب إثر انهيار الاتحاد السوفياتي أواخر القرن الماضي. محت أو كادت تمحو بفضل ماكيناتها الإعلامية وقدراتها الموظفة بذكاء حقيقةَ أنها قامت على أرض مسروقة تمامًا مثلها مثل إسرائيل، وأنها قضت على السكان الأصليين لهذه الأرض. ومنذ تكوينها الحديث، استغلت الطرق كافة لـ«تأسيد» نفسها في أذهان الناس مقارنة بأي «آخر» مهما كان. وبالإمكانيات نفسها، حاولت إخفاء جرائمها وضحاياها عن عيون العالم أجمع مستغلةً كل قدراتها التكنولوجية والإعلامية لتلميع صورتها خاصة بعد الحروب التي كانت تخوضها لمصالحها السياسية والاقتصادية دون وجه حق، ضد من تصنفهم بمعاييرها بالـ «أعداء»، فتحوّلت بذلك إلى أرض اليوتوبيا والفردوس الأرضي وبلد التسويق الأول، حيث إمكانية الحلم متاحة للجميع واختبار الحرية والفردنة ورفاهية العيش. ولكن الكشف عن الوجه الحقيقي لأميركا بالأحداث والأرقام يضعنا أمام صورة مغايرة تكشف المستور من الرواية التي لا ترغب الولايات المتحدة بالتركيز عليها.

إن إبراز حقيقة هذا البلد مدعمةً بالأدلة، تسمح بإسقاط «تروما باريس» على المشهد الأميركي، لتصير تروما أميركا بدلًا من ذلك. حين ينتظر الرائي أن يجد ما رسمه في ذهنه على مدى سنوات وما ذكّاه الإعلام برواياته الخيالية، إلا أن جلاء تغشية العدسة الأميركية يعدّل على الصورة التي كانت منحوتة بدقة، فيسبب له الصدمة. فأميركا هي نموذج يجسد إصابة الدول باضطراب الهوية التفارقي الذي يعيش فيه الشخص حياتين. منافق يتصرف على غير ما يدّعي، وبهذا الصدد يجيد الأميركي مالكوم إكس وصف بلده: «أميركا أسوأ من إنكلترا وفرنسا مجتمعتين، لأنها ليست استعمارية وحسب، بل ومنافقة بشكل لا يوصف!». ومثله طالب المفكّر نعوم تشومسكي في إحدى مقابلاته أن «الحد الأدنى من الاستقامة الأخلاقية يوجب علينا إذا اعتقدنا أن عمل شيء ما بواسطة الآخرين هو خطأ، فهو أيضًا خطأ حين نعمله نحن». فأميركا تنادي بالديمقراطية فقط حين يناسب ذلك مصالحها السياسية والاقتصادية، تتبنى حقوق الإنسان بحسب مواقفها من ذاك الإنسان إن عُدّ إنسانًا بنظرها، وتحمل شعلة الحرية فقط مع المضمون الذي لا يؤثر على استراتيجياتها الدعائية.

لكن كيف لا يرى العالم هذا النفاق؟ سبق أن طرح الباحثان الأميركيان مايكل ريتش وجينيفر كافاناغ مصطلح تصدع الحقيقة لمعالجة قلة الثقة الداخلية بالبيانات والمعلومات، والمفارقة أنهم لم يتنبهوا أن من يكتبون عنها هي دولة خلقت «حقائق» غير حقيقية بتاتًا على مدار سنواتها الـ248 منذ تأسيسها، فكيف لا تتصدع حقائقها الداخلية في الحياة العامة الأميركية؟!

لذا فالأجدى أن نسأل أنفسنا ما هي نقاط ضعف هذا البلد الذي أشبَعَنا نظريات تفوقية واستعلائية من سياساته الخارجية حتى إعلامه وما بينهما، بدل أن نبقى في خانة المتلقي السلبي سواء كنا في صف المنبهرين أو المواجهين لنمط الأمركة المتمادي. فكيف روّجت أميركا لصورتها اللامعة؟ وأين هي الصورة الحقيقية؟

إن كان نجاح الصورة الأميركية في الترويج لنفسها وليد التمكن من صياغة الرسالة الأكثر فعالية مجيدةً التوجه إلى لاوعي المشاهد/ المواطن العالمي بشكل عام، والسيطرة على التمظهر الذهني عبر تقديم الرواية على طريقتها من زوايا معالجة تناسب مصالحها، فلا بد لها من رؤى وأدوات لذلك. فنظرية المركزية العرقية أو الإثنية ملحقةً بنظرية الإمبريالية الثقافية ثم نظرية القوة الناعمة تحمل في طياتها أهم استراتيجيات العمل الأميركية التي حاولت تنفيذ مخططاتها الإعلامية والثقافية عبرها.

في الحاضر، تعتقد أميركا بتفوقها العرقي والثقافي الذي يسمح لها التوسع في قيادة العالم وقمع أيّ مقاومة لهذه القيادة، على قاعدة لزوم ملء الفراغ المتمثل بأن «تعمل حضارة ما بقوانينها ومعطياتها الداخلية على سد فراغ عن قصور أو ضعف غيرها». ولعل هذا الشعور الضمني بالتفوق، هو ما أدى إلى إنتاج نظرية «الاستثنائية الأميركية» التي تعتقد أن أميركا تحتل مركزًا مميزًا فوق الأمم الأخرى.

يرى المفكر ادوارد سعيد أن مفهوم الآخر بحسب مراتب العلو والدنو، إنما هو مرتبط بالإمبريالية الثقافية، لذا هناك صعوبة في رؤية الجغرافيات الثقافية وتوزعها في العالم بشكل منفصل عن هذه العملية. ويحدد الكاتب الأميركي هربرت شيللر أن الإمبريالية الثقافية هي سيطرة الدول الغربية على الإعلام حول العالم، مما يؤدي إلى تأثير فعّال على ثقافات العالم الثالث من خلال فرض الرؤى والآراء الغربية وبالتالي تدمير وتقويض الثقافات المحلية. ويؤكد عالم السياسة فرانسيس فوكوياما أن ترويج ذلك لا يتم إلا من خلال القوة الناعمة، وإحدى حسناتها «أنها تجعل الشخص يتآلف معك، فحتى لو كان يكره ما تفعله من ممارسات، إلا أنه ليس بمقدوره أن يكرهك». وتشمل أدوات القوة الناعمة بحسب مبتكر المفهوم جوزيف ناي الإعلام بكل وسائله، هذا بالإضافة إلى برامج تبادل الطلاب، الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، الشركات العابرة للقارات، الماركات التجارية العالمية، المشاهير، مراكز الأبحاث والدراسات، المنظمات الدولية. وقد استغلت أميركا كل أدوات القوة الناعمة المتاحة بأفقيتها وعاموديتها وفي مختلف الحقول بأسلوب هجومي، ومن صلبها نبتت محاولات أميركا الحثيثة لخلق نموذج يدّعي المثالية لكنه نظري بحت يتناقض مع الواقع المعاش.

لقد اعتبرت هوليوود السلاح الأكثر فتكًا في تكوين صورة أميركا غير القابلة للكسر بحجر اتهامٍ بجريمة حرب، ليس في عيون الشعب الأميركي فقط، بل في نظر شعوب عديدة حول العالم، وهذا بفعل فصل السياسات والأفعال عن باقي مكونات القوة الناعمة لأميركا. فقد نجحت هوليوود في إعادة تشكيل الواقع العالمي وفق المعادلات الأميركية لتأكيد صورتها المتفوقة مقابل «أبلسة الثقافات الأخرى».

لكن هذا الإيمان المطلق بالتفوق يطرح علامات استفهام عديدة لها علاقة بالأرضية التي يستمر تكريس هذا الاعتقاد على أساسها، لذا وجب رؤية أميركا من الداخل لتبيان ودحض ما تدّعيه أميركا من تفوق على غيرها من الشعوب والدول عبر عرض حقائق تاريخها وواقع حاضرها.

النشأة والاستمرار في ظل اللاقيم

كثر ممن يدرسون واقع الولايات المتحدة الأميركية ومقوماتها كدولة وصورتها كواجهة، ينسون أو يتناسون حقائق دمغت تاريخ تأسيسها. ففي مطالعة تاريخية في أصل نشأة أميركا تحديدًا في كتاب «أميركا والإبادات الجماعية» للمؤرخ منير العكش، يتضح الفكر الذي قامت عليه هذه الدولة والقيم التي تبنتها. فأميركا التي روّجت لمفاهيم الديمقراطية والسيادة والحفاظ على حقوق الإنسان وأدّعت أنها أساس هذه الشعارات والمحافظة على تطبيقها، حملت اسم «إسرائيل» حين كانت بعدُ مستعمرات «احتلالية» للقارة الأميركية المكتشفة حديثًا في القرن السادس عشر على لسان الحجاج الإنكليز، «فهم الذين وضعوا حجر الأساس لفكرة أميركا، فكرة استبدال شعب بشعب وثقافة بثقافة»، لذا يعدّ تأييد أميركا الأعمى للكيان الصهيوني الغاصب انعكاسًا لاستمرارية هذه الروحية الإسرائيلية في الذهنية الأميركية الحالية، خاصة لدى تبرير جرائم هذا الكيان وتأييده في الإبادة التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن الدور التي تضطلع به إسرائيل في الدفاع عن مصالح أميركا في الشرق الأوسط.

حين النظر إلى الأحداث الحالية من منظار تاريخي يجيد إبرازه وتوثيقه العكش، مستعيدًا تأسيس أميركا على جثث الهنود الحمر على أنهم «مجرد أضرار هامشية ترافق انتشار الحضارة (..) لأنها في الغالب مخلوقات متوحشة لا تنتمي للنوع الإنساني». وهنا تصلح المقارنة بين ممارسات أميركا وإسرائيل مع اعتبار الأخيرة أن الشعب الفلسطيني مجرد حيوانات بشرية تستحق الموت ولا داعي لوجودها على هذه الأرض. وبذلك تتساوى أميركا وإسرائيل في ممارساتهم اللاإنسانية تجاه الأعراق التي اعتبروها أدنى شأنًا ومرتبة في الأراضي المستولى عليها.

إن التفوق الذي تدّعيه أميركا على بقية دول العالم يبرر لها نظرية الجغرافيا الحيوية «التي تزعم بأن المكان الجغرافي للدولة المتفوقة كائن حي ينمو باستمرار». وهذا ما تكرسه ممارسات الولايات المتحدة في إمبرياليتها ومطامعها التوسعية إذ «لا تعترف الولايات المتحدة، كإسرائيل إلى الآن بحدود جغرافية لها، وليس في دستورها إشارة إلى ذلك».

لم يكن من الممكن تنفيذ الخطط التوسعية من دون اللجوء إلى موجات متلاحقة من الترحيل القسري والمذابح الجماعية التي "لن تترك أمامهم (الهنود الحمر) من خيار سوى الهجرة أو الموت جوعًا"، إلى جانب عامل الأمراض الذي لم يكن "بأقل لؤمًا". وإننا حين نقرأ مصطلحات مثل الحصار والتدمير الشامل والترحيل القسري والمذابح الجماعية واستراتيجية الغدر في الاتفاقيات، لا يتبادر إلى أذهاننا سوى ممارسات الكيان الغاصب ضد الشعب الفلسطيني منذ أكثر من خمس وسبعين عامًا وحتى اليوم.

كل الأحداث التي طبعت تاريخ أميركا منذ التأسيس يضعهما في خانة واحدة تجسد المعنى الإسرائيلي لأميركا. ومن هنا، يصلح تغيير اسم الولايات المتحدة الأميركية إلى "إميركئيل" التي تتلاحم فيها نظريات الإبادة نفسها والإيمان بأحقية اتخاذ القرار بإنهاء حياة شعب ما تحقيقًا لمصالح وجودية أو اقتصادية أو توسعية أو غيرها.

لقد رافقت هذه البصمة العنصرية والدموية أميركا حتى يومنا هذا بالشواهد. فتاريخها الحديث يزخر بالتدخلات في شؤون الدول وبشن حروب عسكرية واقتصادية وثقافية تستبيح سيادة الآخرين وحريتهم. وإن لم يكن هذا التهديد موجودًا، أوجدته. فهي بحاجة لخلق عدو لكل مرحلة من أجل الإبقاء على فعل الحرب والتدخل مبررًا، مما يناقض ما تتبجح به أميركا على الدوام من احترامها لسيادة الدول الأخرى ونتائج الانتخابات الديمقراطية فيها. فالليبرالية الأميركية تسمح لها بكل تلك التدخلات في الشؤون الداخلية للدول كأن مواطنيها «قُصّر» عن معرفة مصالحهم الخاصة، وأن أميركا دولة حرّة ليس لأنها تحفظ حريات الآخرين، بل لأن لها الحرية الكاملة في هذه التدخلات.

 حقوق الإنسان: من يستحقها ومن يسحقها؟

إن كانت الولايات المتحدة الأميركية لا تغفل مناسبة إلا وذكرت حرصها على حقوق الإنسان وأنها أحد أهم أسباب التدخلات التي تقدم عليها في العالم كونها بأعلى سلم أولوياتها، إلا أن مقياس هذه الحقوق غير متساوٍ ولا متكافئ بالنسبة الجميع، فهي تقيّم قيمة الفرد بجنسيته واتجاهاته ومواقفه. وتواصل انتهاك الحق في الحياة، وهو الأساس الذي تقوم عليه شرعة حقوق الإنسان، كونها السبب في كوارث إنسانية نتيجة الحروب التي خاضتها أو دعمتها، ولن تكون آخرها الحرب الإسرائيلية على غزة وجلّ ضحاياها من الأطفال.

لكن من هم هؤلاء كلهم بنظر الولايات المتحدة الأميركية؟ ببساطة، لا أحد. وستتمكن الولايات المتحدة من ابتكار واستغلال واستخدام كل الأسلحة المتاحة طالما أن بمقدورها التنصل من كل الاتفاقات الدولية التي وقّعت عليها ثم انسحبت منها أو -ببساطة المستقوي- خرقتها، لتسحق تحتها آلاف الأرواح البريئة دون وجه حق.

القانون الدولي: من يطبّقه ومن يُطبق عليه؟

أسست الولايات المتحدة جزءًا من صورتها على دعاية مفادها الالتزام بالقوانين الدولية لدرجة اعتبرت نفسها حامية هذه القوانين والحارسة على تطبيقها من قبل معظم الدول على مستوى العالم. لكن الرصد البحثي لمدى هذا الالتزام وظروف تطبيق هذه القوانين لا يصب في صالح أميركا بتاتًا. فلطالما تبنت الولايات المتحدة استراتيجية التطبيق الإنتقائي تماشيًا مع مصالحها، فهي تنتهجه شعارًا حين يلائمها وتتغاضى عنه متجاهلةً حين لا يخدمها. لكنها تدّعي في ظروف أخرى دقتها في تنفيذ القوانين الدولية والحرص على حقوق الإنسان حين يكون الطرف المتهم معارضًا، خصمًا، أو عدوًا لها. فتستغل حينها إمبرياليتها في جعل الآخرين يدفعون ثمن انتهاكاتهم للقوانين من وجهة نظرها.

الداخل الأميركي: فقاعة كبيرة لكن فارغة

انتشرت في السنوات المنصرمة مجموعة صور تجسد تحولات يشهدها المجتمع الأميركي من الداخل على المستويات المختلفة السياسية والأمنية والصحية وغيرها. فالولايات المتحدة الأميركية تدين الحملات القمعية التي تقترفها حكومات الدول الأخرى -المعارضة لها بالطبع- وتُكثر من التصريحات الإعلامية المنددة والمهددة للطرف القامع. لكن حين تبدأ التظاهرات وأعمال الشغب في التوسع في الشوارع الأميركية احتجاجًا على العنصرية تجاه المواطنين السود، تلجأ الشرطة إلى التكتيكات القمعية نفسها بغطاء يمنحها شرعية مطلقة.

وقد سجلت منظمة العفو الدولية قتل ما لا يقل عن 1,093 شخصًا على أيدي الشرطة باستخدام الأسلحة النارية في عام 2022 أغلبهم من السود. وللحؤول دون تحركات احتجاجية على ذلك، قدَّم المشرعون في الكونغرس قانونًا يقيِّد حرية التجمع وفرض عقوبات متزايدة على أفعال العصيان المدني. ويعدّ العنف باستخدام الأسلحة النارية أحد أبرز أسباب الوفيات والحوادث، إذ هناك 220 مليون قطعة سلاح في أيدي الشعب الأميركي، أي قطعة لكل بالغ، مما يسبب 149 ألف جريمة مسلحة سنويًا. وهذا يساهم- إلى جانب تصاعد التطرف السياسي وكراهية الأجانب والعنصرية- في وقوع عدد من عمليات القتل الجماعي.

هناك امرأة من بين كل ست نساء تعرضت للاغتصاب أو لمحاولة ذلك، 46.7% منهن من قبل أحد معارفهن. وتسجل أميركا نسب طلاق هي من الأعلى في العالم، إلى جانب كونها من أكبر مستهلكي المخدرات في العالم. وقد أظهرت بيانات حكومية أن مستوى الانتحار قد ارتفع إلى أكثر من 49 ألفًا بزيادة 2.6% عن العام السابق.

وحين النظر إلى الولايات المتحدة من الخارج، يعتقد الرائي أنه أمام بلد لا فقر فيه، وأن النظام الذي يدّعي الديمقراطية إنما يجدر به أن يكون محافظًا على حياة كريمة لشعبه مع تساوٍ في الفرص والتقديمات. لكن الولايات المتحدة تواجه ارتفاعًا في معدل الفقر مع انخفاض نسبة الأشخاص الذين ليست لديهم تغطية صحية إلى مستوى غير معتاد. هذا البلد نفسه يخصص مبالغ طائلة للحفاظ على هيمنته العسكرية مما يلقي بعبء ثقيل على كاهل الأميركيين.

كل ما تقدم على مستوى الصورة المشكِّلة للولايات المتحدة الأميركية يضعنا أمام حقيقة مغايرة لما اعتدنا عليه من تسويق. هناك وعدٌ بالرفاهية ودعاية للديمقراطية وشماعة لحقوق الإنسان، لكن يتضح أن الصورة المثالية ليست سوى فقاعة فارغة مثقلة بالأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. وفوق كل ذلك، مجموعة نرجسية تتحكم بالعالم وتصنفه وفق مصالحها وعلاقتها به، ويديها ملطخة بالدم حتى الكتف لكنها تجيد لعب دور الضحية والسجّان في الوقت نفسه. إنها ليست أميركا بل إمركئيل وهي ليست بلد تحقيق الأحلام بل بلد بيع الأوهام.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد