اوراق خاصة

روح "نصر الله" طوفانٌ للأمّة وكابوسٌ للأعداء

post-img

د. عبدالله عيسى/ كاتب لبناني

تسعى روح سيّد شهداء الأمّة السيّد حسن نصر الله سعيها، وهي تتجلجل في الأرواح الواثقة من ربها ودربها "إن إمامنا وقائدنا وسيّدنا وعزيزنا وحسيننا، في هذا الزمان، هو سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الحسيني الخامنئي -دام ظلّه- وأن الجمهورية الإسلاميّة في إيران هي قلب المحور ومركزه الأساسيّ وداعمه الأقوى" عقيدةً راسخة، ونهجًا قويمًا لا عدول عنه، فهذه ثوابت الهويّة والنهج والمسار، لا مرحليّة فيها حتى تعيد إنتاجها الظروف.

تملأ روح سيّد شهداء الأمّة السيّد حسن نصر الله ضمير صانعي القرار وعقولهم وقلوبهم، وغرف العمليّات المركزيّة في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة وسائر مكوّنات "جبهة المقاومة"، وهم الأوفياء العاشقون له، يصمّمون على صيانة عزّة واقتدار وتفاعل "جبهة المقاومة" التكامليّ على الدوام؛ لأن هذه العناصر مقوّمة لهويّة وتطلّعات الثورة الإسلاميّة في مواجهتها التحدّيات الجارية والطموح الحضاريّ العادل للشعوب الناهضة. وهي عينها تختزن رؤية السيّد نصر الله الذي يرى بالإمام الخامنئيّ "حسين العصر" واعدًا ومتوعّدًا الأميركيّين والصهاينة وكل المتآمرين بفدائه وعدم التخلّي عنه.

يتردّد خطاب سيّد شهداء الأمّة قاعدةً صلبة للمتمسّكين بعقيدته والسالكين على عهده، وهو القائل: "نحن قومٌ لا يمكن أن يمسّ بإرادتنا وبعزمنا وبيقيننا وإيماننا لا حصار ولا تجويع ولا عطش ولا خوف ولا حرب، وإذا وقف قائدنا الحسينيّ في هذا الزمن ليقول لنا هذا الليل قد غشيكم، سنقول له واللهِ يا سيّدنا ويا إمامنا لو أنّا نقتل جميعًا ولو أنّا نعلم أننا نقتل ثم نحرق ثم ننشر في الهواء ثم نحيا؛ يفعل بنا ذلك ألف مرة، ما تركناك يا ابن الحسين".

كما تحلّق روح سيّد شهداء الأمّة السيّد حسن نصر الله مع كلّ الصواريخ التي تدك الكيان الصهيونيّ اللقيط، تجول فوق عواصم وأراضي عربيّة وإسلاميّة، تقيم الحجّة، وتستفز وعيّ الأفراد والجماعات والمجتمعات والدول، وتستثير دفائن العقول، وتحرّض الضمائر والإرادات، لتكون حيّة وعلى قدر التحدّي الجديد مع افتتاح المرحلة الخامسة إثر عمليّة "طوفان الأقصى" بالعدوان الأميركيّ السافر بيد إسرائيليّة على إيران، فجر يوم الجمعة 13 حزيران 2025، لتعلن أن الوعد الصادق لم يكن فلتة لسان، بل ها هو يترجم معناه في الاحتفاظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين، وهو أوّل سابقة مدمّرة وممتدة تضرب صميم الكيان المصطنع والآفل، فالضربة بالضربة والحرب بالحرب؛ كما قال الإمام الخامنئي المفدّى، يوم أمس.

إن روحُ سيّد شهداء الأمّة السيّد حسن نصر الله تقضّ مضاجع العدو من واشنطن إلى تل أبيب والعواصم المنقادة لإرادة الهيمنة. وها هي الخريطة التي مسحتها يمناه تزيل زيف الكيان اللقيط، كما رسائل الهدهد 1 و2 و3 تستعيد ألقها، وهي تضرب في شمال فلسطين المحتلة قاعدة ميرون وحيفا وشركة رافائيل العسكريّة، وسائر المواقع في تل أبيب والوسط والقدس المحتلة وصولًا إلى جنوب فلسطين المحتلّة.

ها هي روحه الشريفة تفتك بمستوطنة غوش دان وبــ"المدينة" المستوطنة ريشون لتسيون، وهي أوّل مستوطنة صهيونيّة في العام 1882 أسّست على أراضي قرية فلسطينيّة اسمها "عيون قارة"، وتصيب مقرّات جهاز 8200 ومركز القيادة الكبرى والاستخبارات  IDFC4I وأنظمة القيادة الرقمية وعمليّات الحرب السيبرانيّة وأنظمة C4ISR المتطوّرة للجيش الإسرائيليّ، ومركز أبحاث بيولوجيّ أمني، مرورًا بمختلف المنشآت والمراكز العسكريّة والأمنيّة ومنازل علماء وقادة الصهاينة المجرمين، متدرّجة تصاعديًّا في قدرات المناورة والتدمير لأهداف حسّاسة.

ها هو السيّد نصر الله يسكن برهبة قاتلة مخيّلة "بنيامين نتنياهو" فيجتاحه بالأرق والاضطراب، ويلاحقه في لا وعيه ووعيه، بعدما عدّه الأخير محور المحور، وأنّ اغتياله شكّل النقطة الفاصلة في مسار هذه المواجهة الخطيرة.

هكذا تحضر روح سيّد شهداء الأمّة في رحلتها ما بعد الشهادة العظيمة، انطلاقًا من حضوره القويّ في غرفة القيادة والسيطرة وإدارة التصدّي للعدوان الإسرائيليّ على قلعة المقاومة ودرّة تاجها إيران، مرورًا مع سيرورة العمليّات المعقّدة والمركّبة والمدمّرة لأبطال الحرس الثوري الإسلاميّ والجيش الإيرانيّ، وانتهاءً بكل ما يزعزع هذا الكيان في ترجمة لمقولة السيّد نصر الله "إسرائيل هذه أوهن من بيت العنكبوت".

لقد أرسى السيّد نصر الله موقفه السلاح سيّدًا عند الولي الفقيه بروح الجنديّة، وأمضى وصيّته الأساس بفدائه للإمام الخامنئي والجمهوريّة الإسلاميّة مفتاحًا لحفظ المقاومة الإسلاميّة والأوطان وطنًا وطنًا مستقلًّا، وأولويّةً تتقدّم الأمن القومي المقاوم في مواجهة الهيمنة الأميركيّة ومشاريعها العدوانيّة المهينة التي لا تتوانى عن الإبادة والتهجير والتجويع.

لا عهد يضمر، ولا ثابتة تتغيّر، ولا ظروف تقعد القائمين عن جهادهم وتعبئة جماهيرهم وملازمة سلاحهم والوقوف بشهامة ومسؤوليّة على قدر الحدث في الوقت والمكان والحضور المناسب.

كما لا عذر في الآلام والجراح والركام، بل هي زاد أهل العزّة بقيادة العزم على صراط الحق من دون خشية أو حزن أو هوان أو الأخذ بلومة لائم، وبهمّة مضاعفة مستبشرة، تجبل المظلوميّة بالقوّة والصبر بالنصر بتوكّل على الله وثقة بالمؤمنين وإعداد بوسع المستطاع وإقدام على الفعل وبث الأمل.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد