اوراق مختارة

طلّاب لبنان يرفعون تحدّي القراءة!

post-img

فاتن الحاج (جريدة الأخبار)

بعدما جرى تشخيصها باضطراب «الوسواس القهري»، وجدت لين أبو حلا، الطالبة في «ثانوية حرمون الرسمية»، ضالتها بين صفحات الكتب التي منحتها نوعاً من السيطرة على عالم داخلي تعمّه الفوضى.

فقد استطاعت ابنة الـ 17 عاماً أن تحوّل لحظة اكتشاف الاضطراب من لحظة ضعف إلى لحظة وعي ومواجهة لأفكارها التي تُشبّهها بالحفلة الموسيقية حيث الآلات غير مدوزنة.

تقول لين إنّ «القراءة رتبت الفوضى في رأسي، وجعلتني أدرك أنني لست وحدي، فهناك أشخاص آخرون من عوالم مختلفة يشبهونني، أشعر بهم وأتشارك معهم المشكلات نفسها».

زاهر، والد لين، يبدو سعيداً باضطرابها وتمردها لأنها «عم تكون حالها بخلفية وثقافية وجمالية تحدد حجمها».

هذا العام، قرأت لين 80 كتاباً ملبية دعوة مصلحة الشؤون الثقافية والفنون الجميلة في وزارة التربية اللبنانية للمشاركة في مبادرة «تحدي القراءة العربي» بنسختها التاسعة.

ومع أن الصبية «المتمردة» لم تكن من ضمن الفائزين في التصفيات النهائية في بيروت تمهيداً للانتقال إلى الإمارات والتنافس على لقب «بطل تحدي القراءة العربي»، في احتفال يُقام في 23 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، لكن حكايتها كانت واحدة من الحكايات المؤثرة في الموسم التاسع.

المبادرة، كما جاء في بطاقة تعريف المنظمين، هي «مشروع عربي أطلقه حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قبل تسع سنوات، لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي، وتطوير آليات الاستيعاب والتعبير بلغة عربية سليمة، واستخدامها في تعاملاتهم اليومية، وتعزيز أهمية القراءة في بناء المهارات المعرفية ومهارات التعلم الذاتي، وبناء المنظومة القيمية للنشء عبر إطلاعهم على قيم وعادات ومعتقدات الثقافات الأخرى».

المشاركة اللبنانية

أما لبنان، فينخرط للمرة الثامنة في هذه «الورشة» العربية، وقد شارك هذا العام 29 ألفاً و700 طالب من كل المراحل التعليمية من الأساسي الأول وحتى الثانوي الثالث من 324 مدرسة رسمية وخاصة، قرأوا نحو 400 ألف كتاب، توزعت بين قصص وروايات وكتب اجتماعية وعلمية وتاريخية ورياضية واقتصادية. الرقم خجول نسبياً، إذا ما علمنا أنّ عدد الطلاب في لبنان يناهز المليون طالب.

مسؤولة مصلحة الشؤون الثقافية، سونيا الخوري، تؤكد أن هناك إصراراً في الوزارة على أن تنحصر المنافسة بين الطلاب اللبنانيين فقط ليمثلوا بلدهم، في حين أن الطلاب غير اللبنانيين الذين يتعلمون في المدارس اللبنانية يشاركون عبر فئة خاصة بهم ويتنافسون في لبنان فقط ولا يتأهلون إلى النهائيات في دبي، إلا أنهم ينالون جوائز هنا تمنحها منظمة اليونيسف.

علماً أن هناك إقراراً بأن عدد الطلاب غير اللبنانيين الذين يُقبلون على المسابقة ليس بسيطاً. ونوهت الخوري بمساهمة المدارس الرسمية في هذا الموسم.

في كل الأحوال، ينتظر أن يطير إلى دبي 26 طالباً من بين الفائزين هذا العام وفي العام الماضي الذين لم يتسن لهم المشاركة في الموسم الثامن للمسابقة بسبب الحرب الإسرائيلية.

يذكر أن المتبارين يتنافسون على أربع فئات: فئة بطل التحدي، فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، فئة المدارس التي تستحق التقدير والتميز، وفئة المشرفين. وفي حالة لبنان يكون هؤلاء مندوبي المناطق التربوية التي هي صلة الوصل بين وزارة التربية والمدارس.

وفاز في المرتبة الأولى عن الفئة الأولى الطالب في السادس الأساسي عبد الرزاق عبد الرزاق الأسمر من «ثانوية مناهج العالمية» في الشمال، علماً أن العشرة الأوائل سيسافرون إلى دبي.

وحاز الطالب ذو الفقار علي صبرة من «ثانوية الرحمة» في النبطية جائزة أفضل طالب عن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وهناك طالبان آخران من الفئة نفسها سينضمان إلى احتفال دبي.

ونالت «ثانوية الحدادين الرسمية» في طرابلس المرتبة الأولى عن فئة المدارس. أما المرتبتان الثانية والثالثة، فذهبتا إلى كل من «ثانوية الرحمة» في النبطية، و«كلية علي بن أبي طالب» التابعة لـ «جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية». وبالنسبة إلى جائزة أفضل مندوب منطقة تربوية، فنالتها ايناس بيضون من المنطقة التربوية في بيروت.

وبقي أن الطلاب يمرّون بثلاث مراحل من التصفيات على مستوى المدرسة، ثم المحافظة وصولاً إلى المستوى المركزي في بيروت قبل التأهل للتصفيات النهائية في دبي.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد