مع استمرار العدوان "الإسرائيلي" على إيران، والذي يمكن أن يشهد انخراطًا مباشرًا من الولايات المتحدة، بدأت إيران تلوح بـ"ورقة" ممكن أن تستخدمها في الحرب وهي إغلاق مضيق هرمز.
أين يقع مضيق هرمز
مضيق هُرمُز أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن. يقع في منطقة الخليج الفارسي فاصلًا ما بين مياه الخليج الفارسي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، فهو المنفذ البحري الوحيد للعراق والكويت والبحرين وقطر. تطل عليه من الشمال إيران (محافظة بندر عباس) ومن الجنوب سلطنة عمان (محافظة مسندم) التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية.
الأبعاد الجغرافية
عرضه 50 كم (34 كم عند أضيق نقطة) وعمقه 60م فقط، ويبلغ عرض ممرّي الدخول والخروج فيه ميلين بحريّين (أي 10,5كم). وتعبره 20 - 30 ناقلة نفط يوميًا بمعدّل ناقلة نفط كلّ 6 دقائق في ساعات الذروة، محمّلة بنحو 40% من النفط المنقول بحرًا على مستوى العالم.
تجارة النفط عبر المضيق
وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإنه في عام 2011، تم نقل ما معدله 14 ناقلة نفط في اليوم من الخليج الفارسي عبر المضيق محملًا 17 مليون برميل من النفط الخام. ويقال إن هذا يمثل 35% من شحنات النفط المنقولة بحرًا في العالم و20% من النفط المتداولة في جميع أنحاء العالم. وذكر التقرير أن أكثر من 85% من صادرات النفط الخام ذهبت إلى الأسواق الآسيوية، مع اليابان والهند وكوريا الجنوبية والصين أكبر الوجهات.
إستراتيجية إيران البحرية
يكاد مضيق هرمز يعدّ العنصر الأهم في الإستراتيجية البحرية لإيران؛ إذ يعدّ، بحسب موقع "ستراتفور"، ممرًّا مائيًا حيويًا يربط منطقة الخليج ببحر العرب، ويمر عبره يوميًا ما لا يقل عن 30% من إمدادات النفط الخام العالمية، ونسبة مماثلة من إمدادات الغاز المسال عالميًا، حسب إحصائيات حديثة.
كما أنّ الجمهورية الإسلامية "لطالما استخدمت وجودها البحري الكبير في مياهه، كأداة ضغط وتهديد خلال فترات التوتّر مع الولايات المتحدة و"إسرائيل"، سواء عبر إغلاقه أو من خلال مهاجمة السفن التجارية والعسكرية الأجنبية، واعتراضها بوسائل أخرى".
وفي تقرير بعنوان: "جيوبوليتيك التجارة: التهديدات الأمنيّة في مضيق هرمز وإستراتيجيات الحرب الأكثر ترجيحًا"، عرّج الموقع على مبادرة إيران خلال السنوات الماضية إلى تعزيز حضورها العسكري في الممر البحري، وعلى القدرات التي طوّرها الحرس الثوري الإيراني في المنطقة، ولا سيّما على صعيد تكتيكات الحرب اللّامتماثلة، وأدواتها من أسراب الزوارق الهجومية السريعة، والطائرات المسيّرة، فضلًا عن تقنيات زرع الألغام، والحرب الإلكترونية، والقدرات الصاروخية المضادة للسفن، إضافة إلى أساليب الهجمات الإلكترونية على البنية التحتية للموانئ، والتشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لحرف مسار السفن، والاستيلاء على ناقلات النفط الإستراتيجية، وفق تكتيكات ما عُرف بـ"حرب الناقلات" إبّان المواجهة مع العراق في ثمانينيّات القرن الماضي، وذلك بهدف "خلق حالة من عدم الاستقرار من دون التسبّب بحرب شاملة".
وفي الموازاة، تنشر القوات البحرية التابعة للجيش الإيراني سفنًا حربية وغواصات هناك، مدعومةً بقواعد الصواريخ المنتشرة في المناطق المطلّة على الخليج، وقواعد بحرية أخرى في بندر عباس، وقشم، وأبو موسى، وجاسك، وتشابهار، وفق الموقع.
وبالحديث عن أثر تطوّرات العدوان "الإسرائيلي" واحتمالات تدخّل واشنطن فيه، على الموقف الإيراني، يبدو أكيدًا أنّ "التصعيد الأميركي ضدّ إيران من شأنه أن يؤدّي إلى رد فعل انتقامي من جانبها ضدّ "إسرائيل"، وفي منطقة مضيق هرمز، بحسب "ستراتفور"، الذي يوضح أنّ هذا الرد قد يشمل "تعطيل طرق الملاحة والتجارة الدولية عبر المضيق، عبر مهاجمة ناقلات النفط والأصول العسكرية الأجنبية المتمركزة فيه".
البحرية الأميركية: معضلة مخاطر الرد الإيراني
إزاء ذلك، شرع "مسؤولو البنتاغون في دراسة جميع الطرق التي يمكن أن تردّ بها الولايات المتحدة على إيران"، في حال انخراط الأولى في الحرب، بحسب ما كشفته صحيفة "نيويورك تايمز"، متحدّثة عن وجود خشية حقيقيّة لدى "البنتاغون" من "الأصول البحرية الإيرانية، المتمركزة في هرمز، والقادرة على الحدّ من حرية حركة السفن التابعة للبحرية الأميركية" هناك.
وأرجعت الصحيفة، نقلًا عن مصادر عسكرية أميركية، تلك الخشية إلى سبب جوهري، يتمثّل بترسانة إيران من الألغام البحرية، التي "يمكن أن تحاصر قطع الأسطول البحري" التابع للولايات المتحدة في الخليج، علمًا أنّ هذه الألغام من أنواع وأحجام مختلفة، ومنها ما يعدّ ذا قوة تدميرية عالية، وتصل زنته إلى مئات الأرطال؛ وأخرى أكثر تطوّرًا، تستخدم أجهزة استشعار مغناطيسية وصوتية وزلزالية.