د. أنور الموسى/ كاتب وأستاذ جامعي لبناني
تسيطر حالات الجنون الجماعي والانهيار النفسي المجتمعي الدراماتيكي على الكيان الصهيوني، حيث غدا قسم كبير من الممنوعين من الهرب خارج الكيان مصدومين تعساء، يعانون رهاب الصاروخ مع قلق خطير مصحوب بالاكتئاب والهوس والهلع والأرق والتبول غير الإرادي والارتجاف، والبكاء والتهتهة، وجلد الذات بسبب القدوم إلى فلسطين، وشعور بالذنب، والسوداوية… لدرجة أن امراة صهيونية باعت جسدها لقاء الهرب الفاشل؛ وباحت بالقول إنها باتت تشتهي الموت! وتدخل كل يوم في فصل جديد من الجحيم.
تشمل المعاناة الصهيونية النفسية الفئات كلها، ولا تقتصر على شريحة دون أخرى، حتى الجندي السادي الذي من المفترض به رفع معنويات "ناسه"، بات يمشي وهو يرتجف أو ينظر إلى الخلف هربًا من الصاروخ.
ما يزيد الطين بلة هو الدوي المفزع لصفارات الإنذار التي أضحت معادلاً شرطيًا للموت والفزع، كونها تمهيدًا للهرب المحتم من الموت الصاخب… فضلاً عن الصوت المزلزل للصاروخ الإيراني نفسه الذي يخلف دمارًا مهولاً وانهيارًا فادحًا على الصعيد النفسي…
وما مشهد تدافع الصهاينة إلى الملاجئ بصورة جنونية، سوى منظر بسيط يلقي الضوء على حياة الجحيم النفسي التي لا تطاق عندهم، حيث بات المستوطن يهرب تاركًا ذويه وأولاده وزوجه فريسة للصواريخ… لا مشكلة عنده ما دام الهرب يخوله المحافظة على حياته، وليذهب أهله وذووه بعده إلى الجحيم.. وفكرة النجاة وحفظ حياة… باتت جلية عند نسائهم اللواتي يعترفن ببيع أجسادهن لضباط صهاينة مقابل الهرب…
الانهيار النفسي طال، أيضًا، الجنود والضباط الذين يبحثون مع أسرهم عن مهربين كي يفروا إلى قبرص أو الأردن أو مصر… فضلا عن رجال أعمال دفعوا أموالاً طائلة للمهرببن لقاء نجاتهم من رهاب الصاروخ الإيراني… وسط معلومات عن أن أصحاب مؤسسات كبرى تخلوا عن ثرواتهم وأعمالهم للمهربين لقاء نجاتهم.
ما ضاعف من الكارثة النفسية والانهيار السيكولوجي الصهيوني منع سلطة الأنا الأعلى، والمتمثلة بالسلطات الصهيونية، الملايين منهم من الفرار والتضييق عليهم… وهكذا باتوا أسرى العذاب والموت، ينتظرون كل لحظة نزول صاروخ إيراني إلى مكان قريب منهم…
كما لوحظ غزارة الموت الفجائي وموت السكتات القلبية، وحالات الانتحار والجنون… وما ضاعف المشكلة توقف المراكز النفسية عن العمل، وإصابة العديد من الطواقم النفسية والطبية بالانهيار وصدمات ما بعد الصاروخ واضطرابات ما بعد الصدمة…
كذلك رافق رهاب الصاروخ مضاعفات خطيرة عند ملايين الصهاينة، لعل أبرزها حالات الغضب والشجار والصراخ والعدوانية عند المستوطنين، وهذا ما يفسّر ضرب أفراد من أسرة نتنياهو والتهجم شخصيًا على المسؤولين…
في تفسير لهذه الظاهرة؛ يمكن القول إن السبب هو زوال الآمان والأمن الناتج عن خداع المسؤولين للمستوطنين، فضلا عن رهاب الصاروخ… ولا ننسى لحظات انتظار الموت عند الصهاينة "المغنجين"، حيث تؤدي الحرب النفسية الإيرانية دورًا مهمًا، هنا، عبر تصريحات تطلب من الصهاينة الإخلاء واستخدام صواريخ جديدة وغير ذلك.
في المحصلة، خوف ففزع فهلع فقلق فاكتئاب فترقب… حالات متفشية عند الصهاينة تمهّد لانتحار جماعي أو جنون مجتمعي… في وقت لم تعد الطواقم النفسية قادرة على التدخل… كل هذا من نتائج مرض جديد… لم تعهده معاهد علم النفس… إنه رهاب الصاروخ الإيراني الجديد.. كما يتوقع ارتفاع حدة هذا المرض المميت مع استخدام طهران المزيد من الصواريخ الفتاكة التي ستكون، بحسب المراقبين، العلاج الشافي للكيان الغاصب كله…