سحبت الأوبرا الملكية البريطانية (Royal Ballet and Opera)، يوم أمس الاثنين، عرضها الإنتاجي المخطط له لأوبرا توسكا للعام 2026 في ما يُسمّى "دار الأوبرا الوطنية الإسرائيلية" في تل أبيب، في أعقاب حادثة رفع أحد العارضين العلم الفلسطيني في ختام أحد العروض في لندن الشهر الماضي.
قالت منظمة فنانون من أجل فلسطين في المملكة المتحدة، في بيان لها صدر يوم أمس الاثنين، إن الرئيس التنفيذي لفرقة الباليه والأوبرا الملكية أليكس بيرد أبلغ الموظفين في الأول من أغسطس/آب أنه "اتخذنا قرارًا بعدم تقديم إنتاجنا الجديد لأوبرا توسكا في إسرائيل". وحذف الموقع الإلكتروني للأوبرا الوطنية الإسرائيلية أي إشارة إلى دار الأوبرا الملكية البريطانية.
يأتي هذا القرار في أعقاب رسالة مفتوحة وقّعها 182 موظفًا في فرقة الباليه والأوبرا الملكية، انتقدوا فيها رفض إدارتهم التنديد بالإبادة الجماعية التي ترتكبها "غسرائيل" في قطاع غزة. يقول موظفو فرقة "آر بي أو"، بمن فيهم الراقصون والمغنون والموسيقيون وموظفو الأقسام الفنية والإبداعية والتقنية والإدارية، إنهم "يرفضون أي عروض حالية أو مستقبلية في إسرائيل"، ويطالبون المنظمة "بمنع إنتاجنا عن المؤسسات التي تُشرّع دولةً متورطة في قتل جماعي للمدنيين وتدعمها اقتصاديًا".
قال العاملون في المجال الثقافي: "بصفتنا منظمةً عالميةً ذات مكانةٍ مرموقة وقادرةً على صياغة الخطاب والتأثير في القيم الثقافية، تقع علينا مسؤولية التصرف بأخلاق"، معربين عن تضامنهم مع الفنان الذي رفع العلم الفلسطيني "في عملٍ شجاعٍ ووضوحٍ أخلاقيٍّ على مسرحنا".
لم يسبق أن تظاهر العاملون في إحدى أبرز المؤسسات الثقافية البريطانية بهذا العدد للمطالبة بإنهاء التواطؤ في جرائم الحرب الجسيمة، ولمقاطعة المؤسسات الإسرائيلية. ولم يسبق أن استجابت إدارة مثل هذه المؤسسة بإجراءاتٍ فورية، بحسب ما قالته منظمة "فنانون لأجل فلسطين" في المملكة المتحدة.
في هذا السياق، قال متحدثٌ باسم المنظمة: "هذا إنجازٌ مُرحّبٌ به للمساءلة المؤسسية، ونصرٌ للتنظيم الشعبي. في مختلف أنحاء القطاع الثقافي، اختار العديد من المؤسسات، في مواجهة الإبادة الجماعية، الصمت أو ما هو أسوأ. وتمثّل الرسالة المفتوحة الصادرة عن موظفي فرقة الباليه والأوبرا الملكية انتفاضة أخلاقية جوهرية ضد هذا الرفض للتحدث علنًا".
أضاف: "منذ بداية الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة، حشد الفنانون والكتاب البريطانيون والعاملون في المجال الثقافي والإعلامي جهودهم للضغط على المؤسسات لقطع علاقات التواطؤ. وقد ردّ بعضهم بالقمع والرقابة. ومع ذلك، يُدرك عدد متزايد منهم التزامهم الأخلاقي والقانوني بعدم الإضرار بالنضال الفلسطيني من أجل الحرية".
جاء في رسالة مفتوحة لأعضاء فرقة الباليه والأوبرا الملكية قبل أيّام: "نحن الموقعون أدناه، نعرب عن قلقنا العميق إزاء قرار فرقة الباليه والأوبرا الملكية البريطانية تأجير عرضها لأوبرا توراندوت لدار الأوبرا الإسرائيلية في ظل الإبادة الجماعية المستمرة في غزة. هذا الإجراء، البعيد كل البعد عن الحياد، ينسجم ماديًا ورمزيًا مع دولة متهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
أضافوا: "تُقدم دار الأوبرا الإسرائيلية تذاكر مجانية علنًا لجنود جيش الدفاع الإسرائيلي، ما يعزز هذا التقارب. وقد ذكّرنا رفع أحد الفنانين العلم الفلسطيني على خشبة المسرح بأن الفن لا ينفصل عن الضمير. في المقابل، حاول مدير الأوبرا أوليفر ميرز إزالة العلم بالقوة مُظهرًا عدوانه أمام الجمهور".
كما طُرد قبل أسبوعين راقص في دار الأوبرا الملكية في لندن مباشرة بعد عرضٍ رفع في نهايته علم فلسطين. ولفت الراقص داني بيري الأنظار بعد انتشار مقطع فيديو له على الإنترنت يُظهر أشخاصًا خلف الكواليس وهم يحاولون انتزاع علم فلسطين حين كان يلوح به، ما لم يرُق لإدارة دار الأوبرا الملكية في لندن، ووصفته بأنه "غير لائق بتاتًا"، ومُنع الراقص من العمل فيها مجدّدًا.