أوراق سياسية

“السلالم” تُنصَب على شجرة نواف سلام.. هل ينزل؟!.. 

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
  
يحبس اللبنانيون أنفاسهم بانتظار جلسة الحكومة يوم الجمعة المقبل لمناقشة خطة حصرية السلاح التي يُفترض بقيادة الجيش أن تقدمها، وما يمكن أن يصدر عنها من نتائج قد تضع لبنان أمام مفترق طرق، فإما إلى تهدئة، وإما إلى مزيد من التوتر.

بات واضحًا أن التطورات الأخيرة في البلاد معطوفة على فشل الزيارة الأميركية وإخفاق السفير توم برّاك في انتزاع أي خطوة إيجابية تجاه لبنان من العدوّ ال"إسرائيلي"، قد أضعف موقف حكومة نواف سلام، خصوصًا في ظل وجود بند واضح وصريح في الورقة الأميركية يؤكد أن عدم التزام أي طرف من الأطراف المعنية بها يجعلها بحكم الملغاة، الأمر الذي أوجد تباينات في صفوف بعض الوزراء من جدوى السير بورقة تطلب من لبنان كلّ أنواع التنازلات من دون أن تلزم "إسرائيل" بأي شيء، بل على العكس فإن العدوّ أمعن بعد إقرار الورقة في اعتداءاته وفي انتهاكه للسيادة اللبنانية بزيارة رئيس أركان جيش العدوّ إلى الجنوب وتأكيده أن لا تراجع ولا انسحاب، وفي توسيع نطاق احتلاله نحو نقاط سادسة وسابعة من دون حسيب دولي أو رقيب محلي.

في غضون ذلك، تتكثف الاتّصالات الرئاسية بهدف الوصول إلى تسوية يمكن من خلالها إخراج لبنان من عنق الزجاجة، ويقود نائب رئيس مجلس النواب إلياس أبو صعب محادثات بهدف تقريب وجهات النظر بين عين التينة وبين قصر بعبدا والسراي للوصول إلى قواسم مشتركة، تحافظ على البلاد وتصون السلم الأهلي والوحدة الوطنية وتحمي مجلس الوزراء من الانفجار الداخلي، خصوصًا أن من قرأ بين سطور خطاب الرئيس نبيه بري في الذكرى السابعة والأربعين لتغييب الإمام موسى الصدر وجد أنه شرّع انسحاب الوزراء الشيعة من جلسة الحكومة في حال أخذت الأمور منحى استفزازيا، حيث وصف الانسحاب من جلستيّ الخامس والسابع من آب بالموقف الوطني وليس الطائفي والمذهبي.

ولم يتوان الرئيس بري عن نصب “السُلّم” على شجرة نواف سلام، عله يتمكّن من النزول عن بعض المواقف، لجهة رفض رمي كرة النار في حضن الجيش اللبناني، وضرورة مناقشة السلاح بمسؤولية وطنية وليس تحت التهديد والقفز فوق الدستور وخطاب القسم والبيان الوزاري، والتأكيد على التزام لبنان بكلّ بنود اتفاق وقف إطلاق النار من دون أن تطبق "إسرائيل" أي بند منه.

وسواء عن قصد أم عن غير قصد، فقد نصب توم برّاك “سُلّما” ثانية على الشجرة السلامية بعدما فشل في دفع "إسرائيل" إلى القيام بأي خطوة إيجابية تجاه لبنان، حيث أكدت عبر مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أنها لن تنتظر سحب سلاح المقاومة ومن ثمّ تفكر في إمكانية تقليص وجودها في الجنوب.

وكذلك فقد نصب الزعيم وليد جنبلاط “سُلّما” ثالثة على شجرة سلام بعدما جاهر بأن الورقة الأميركية تتضمن إملاءات "إسرائيلية" لا يمكن للبنان أن يقبل بها، معتبرا أن الخيار العسكري ليس حلا، داعيًا إلى حوار وطني.

ويبدو أن قيادة الجيش سوف تنصب “سُلّما” رابعة، من خلال الخطة التي ستقدمها إلى الحكومة، وتشير المعلومات إلى أنها ستكون متكاملة لكنّها تتضمن سلسلة معوقات وعراقيل بدءا من الاحتلال "الإسرائيلي" مرورًا بالصعوبات الناتجة عن غياب العدة والعتاد والإمكانات، وصولًا إلى غياب التوافق الوطني لإنجاز هذه المهمّة تحت سقف الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.

كل تلك “السلالم” من شأنها أن تمنح الرئيس سلام القدرة على النزول عن الشجرة من دون أي إحراج دولي أو إقليمي أو حتّى وطني، خصوصًا أن هدف حصرية السلاح هو تقوية الدولة ودعم سيادتها واستقلالها، وليس الدخول في نفق مظلم قد يودي بالبلاد والعباد إلى الفتنة والى التهلكة.

أمام هذا الواقع، هل ينزل سلام عن الشجرة ويعطي الجيش مساحة زمنية مفتوحة لتطبيق الخطة، أم يقود الجلسة الحكومية على غرار مسار الجلستين السابقتين، ما يعني انسحاب جديد للوزراء الشيعة وغياب للميثاقية وربما مقاطعة قد تحول الحكومة إلى “بتراء” على غرار مشهد حكومة فؤاد السنيورة في العام 2006!..

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد