أوراق سياسية

تقرير استخباراتي أمام السوداني: العراق التالي بعد قطر

post-img

فقار فاضل (الأخبار)

كشفت مصادر مطّلعة في لجنة الأمن والدفاع النيابية، أن أجهزة الاستخبارات العراقية والأمن الوطني وضعت أمام القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في اجتماع أمني رفيع عُقد أخيرًا، تقريرًا مفصّلًا يتضمّن تحذيرات من احتمال أن تتحوّل الساحة العراقية إلى الهدف المقبل لخطوة تصعيدية من جانب رئيس الوزراء ال"إسرائيلي"، بنيامين نتنياهو. وبحسب المعلومات، فإن التقديرات الاستخباراتية العراقية تشير إلى أن تل أبيب تدرس فتح جبهة جديدة في المنطقة، في ما يُعدّ العراق أحد أبرز المرشحين لذلك.

وأشار التقرير الأمني، بوضوح، إلى أن "إسرائيل" ترى في العراق مركز النشاط الأبرز لإيران، بعدما فقدت الأخيرة نفوذها العسكري المباشر في الساحة السورية. وباتت بغداد، وفق هذه المعلومات، تشكّل" العمق الإستراتيجي لحزب الله اللبناني"، ما يجعلها هدفًا محتملًا في أي مواجهة إقليمية مقبلة.

وفي موازاة تلك التحذيرات، أعلنت الحكومة العراقية بدء خطوات عملية لبناء منظومة دفاع جوي حديثة، في محاولة لتعزيز قدرة البلاد على التصدّي لأي خرق محتمل لأجوائها. وتزامن هذا التحرّك مع نشاط دبلوماسي متزايد يقوده السوداني، كان آخر فصوله في الدوحة، حيث أطلق رسائل واضحة ترفض الاعتداءات "الإسرائيلية" وتدعو إلى تنسيق عربي ـ إسلامي لمواجهتها.

وفي تعليقها على ذلك، ترى الباحثة في الشأن السياسي، سهاد الشمري، المقرّبة من دوائر القرار الحكومي، في حديث إلى "الأخبار"، أن التلويح "الإسرائيلي"  باستهداف العراق يصطدم بجدار الاتفاق الأمني القائم بين بغداد وواشنطن، والذي يضع العراق في خانة "الحليف" لا "الخصم". وتلفت إلى أن "السوداني يدير علاقاته الخارجية بحذر وهدوء، بما يضمن حماية الموقف العراقي من الانزلاق إلى مواجهة مباشرة"، مضيفة أنه "من الواضح أن هناك حوارًا عراقيًا - أميركيًا جديًا لإبعاد الساحة العراقية عن أي تصعيد".

من جهته، يشير قيادي في "ائتلاف الإعمار والتنمية"، المدعوم من السوداني، في تصريح إلى "الأخبار"، إلى أن "الرسائل التي أطلقها السوداني من الدوحة كانت بمثابة إعلان موقف واضح: العراق لن يكون منصة للاعتداءات، ولن يسمح بأن يتحوّل إلى ساحة تصفية حسابات. بل على العكس، يسعى لتوحيد الموقف العربي ـ الإسلامي في مواجهة الاعتداءات "الإسرائيلية"".

ويعتبر أن مبادرة السوداني لبناء تحالف عربي ـ إسلامي ضدّ الاحتلال، "خطوة جريئة"، تضع بغداد في قلب معادلة إقليمية جديدة، لافتًا إلى أن "رئيس الوزراء يتعامل مع التهديدات "الإسرائيلية" من موقع المسؤولية، لا من موقع ردّ الفعل، معتمدًا على مروحة واسعة من الاتّصالات الإقليمية والدولية".

وعلى الرغم من أن البعض يرى أن احتمالات استهداف العراق قائمة في أي لحظة، يعتقد آخرون أن هذا البلد، بفضل موقعه ومصالح الأطراف الدولية فيه، قد يكون أكثر حصانة من غيره. وعلى أي حال، تواجه بغداد اختبارًا بالغ الحساسية بشأن آلية حماية نفسها من تهديدات "إسرائيلية" متصاعدة، من دون أن تنزلق إلى الحرب، ومن دون أن تخسر علاقاتها المتوازنة مع واشنطن وطهران في آن.

وفي هذا السياق، يحذّر السياسي العراقي ورئيس جبهة "المنقذون"، محمد توفيق علاوي، في حديث إلى "الأخبار"، من "وجود تهديدات فعلية تمسّ العراق بشكل مباشر"، مشيرًا إلى أن "إسرائيل قد تقدم على اعتداءات ضدّ بلادنا في أي لحظة، خصوصًا مع غياب موقف عربي موحّد في مواجهة هذا العدو". ويعتقد أن "الخطر على العراق لا يأتي فقط من الخارج، بل أيضًا من الداخل، حيث يظلّ الانقسام السياسي والطائفي عاملًا مضاعفًا للأزمة. فالطائفية قد تكون بتداعياتها أخطر من التهديد "الإسرائيلي"  نفسه، لأنها تُضعف الموقف الوطني وتفتح الباب أمام التدخلات الخارجية".

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد