أوراق سياسية

قمة الدوحة من دون موقف رادع.. إلى اللقاء بعد عدوان "إسرائيلي" جديد!.. 

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
  
انتهت القمة العربية والإسلامية الطارئة في الدوحة، ولم يكد حبر بيانها الختامي يجف حتّى كثفت "إسرائيل" هجماتها على قطاع غزّة وأجبرت المواطنين على النزوح تحت النار، وأعاد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تهديد قطر متهما إياها بقيادة حصار ضدّ الكيان، وتجددت الغارات الصهيونية على لبنان وتحديدًا في النبطية حيث استهدفت بصواريخ دقيقة منزلا مدنيا مأهولا بحجة أنه يستخدم مقرا لحزب الله، وكانت الحصيلة إصابة ١٢ شخصا بينهم سبع نساء وأربعة أطفال، فضلًا عن استئناف العدوان على سورية حيث شنت الطائرات الحربية "الإسرائيلية" غارات على حيّ دمر بريف دمشق، هذا عدا عن التهكم والسخرية من قبل مسؤولين إسرائيليين على القمة، ووضعهم القادة والزعماء العرب أمام تحدي مواجهة "إسرائيل".

هذه العربدة "الإسرائيلية" المتمادية فرّغت القمة وكلماتها وبيانها الختامي من أي مضمون ومن أي تأثير، وهو بالأساس لم يكن على مستوى الحدث القطري ولا على مستوى تهديدات نتنياهو بتحقيق حلم "إسرائيل" الكبرى حيث جاء البيان مشبعا بالعبارات الانشائية وبالإدانات والاستنكارات والشجب والرفض التي لا تمنع عدوانا ولا تحرر ارضًا ولا توقف تهديدًا ولا يكسر حصارا على أهالي غزّة الذين يواجهون حرب الإبادة والتجويع أمام مسمع ومرأى أكثر من قمة عربية عقدت خلال ٧١٠ أيام من العدوان المستمر عليهم.

افتقد البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية الطارئة إلى الموقف الرادع، فكانت الكلمات التي أسست للبيان أشبه بتوصيف العدوان بدل مواجهته، وبتحميل أميركا والمجتمع الدولي مسؤولية ما تقوم به "إسرائيل" بدل اتّخاذ قرارات حاسمة للتصدي له، وإكتفى بالإدانات بدل الخروج بموقف موحد من قطع العلاقات وطرد السفراء ووقف التطبيع والتهديد بالرد على النار بالنار، لكن كلّ ذلك لم يحصل وجاءت القمة الطارئة باهتة وتقليدية ولم ترق إلى مستوى الطموحات ولم تشف صدور قوم مؤمنين، ورغم ذلك رد "الإسرائيلي"  عليها بوقاحة اعتداءً وقتلًا على غزّة ولبنان وسورية وتهديدًا لقطر وعبرها إلى دول الخليج، وكأن الكيان الغاصب يرفض حتّى الإدانة من قبل القمم العربية لعدوانه، تجسيدا للشرق الأوسط الجديد الذي تريده أميركا مدجنًا ساكنًا بحيث لا يكون في المنطقة أي كلمة تعلو فوق كلمة "إسرائيل" التي تمتلك جواز مرور على سيادة وكرامة كلّ الدول ومن دون أي اعتراض. 

ولعل الطعنة الأبرز التي تعرضت لها القمة العربية والإسلامية جاءت من أميركا التي أوفدت وزير خارجيتها مارك روبيو للاجتماع مع نتنياهو والوقوف معه على حائط المبكى بالتزامن مع إنعقادها، في رسالة بالغة الدلالات حول الدعم المطلق للعدو الصهيوني وعدم إقامة أي اعتبار لاجتماع ٥٧ دولة عربية وإسلامية.

وقد تُرجم الرد الأميركي على القمة، بإعلان روبيو أن توجه العديد من الدول لدعم حل الدولتين بين "إسرائيل" وفلسطين يؤدي إلى تقويض عملية السلام في المنطقة، لينسف بذلك كلّ الجهود الرامية للوصول إلى هذا الحل، وكلّ  ما صدر عن القمة العربية وما سبقها من قمم بهذا الاتّجاه.

انتهت القمة العربية ولم يستطع زعماء ٥٧ دولة إدخال كسرة خبز إلى غزّة، وغادر الزعماء العرب قطر التي ما تزال مهدّدة، بينما لبنان يتعرض لأبشع الاعتداءات اليومية وربما حاكت كلمة رئيسه جوزيف عون تطلعات الشعب العربي بمطالبته الزعماء العرب بالكف عن الادانات واتّخاذ القرارات الرادعة، في حين أحرجت كلمة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الحكومة اللبنانية عندما اعتبر أن قبول الحكومة اللبنانية بورقة أميركيّة، يواجه بالقصف والاغتيالات، وتسعى "إسرائيل" إلى الزّجّ به في حرب أهليّة.

انتهت القمة و"إسرائيل" ستضاعف من اعتداءاتها.. والى اللقاء في قمة جديدة بعد عدوان جديد!.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد