اوراق مختارة

يوروفيجن 2026: اطردوا إسرائيل

post-img

رضا صوايا/ جريدة الأخبار

تحولت مسابقة «يوروفيجن» من حدث موسيقي يجمع الأوروبيين حول الأغنية والترفيه، إلى معركة سياسية وأخلاقية محورها مشاركة إسرائيل. أمر ينذر بعاصفة كبرى تهدد النسخة المقبلة من المسابقة. أمام الضغط المتزايد من قبل عدد من الدول الأوروبية، يجد «الاتحاد الأوروبي للبث» (EBU) نفسه في مأزق غير مسبوق. بعد سبعة عقود على إقامة المسابقة تحت شعار الوحدة، بات الاتحاد مطالبًا باتخاذ قرار مصيري يحدّد مستقبل المهرجان: هل يرضخ للضغوط ويستبعد إسرائيل، أو يغامر بتمزيق الحدث من الداخل؟

في خطوة جديدة تكشف حجم الانقسام داخل العائلة الأوروبية، أعلنت هولندا انضمامها إلى إيرلندا ودول أخرى في التلويح بالانسحاب من نسخة 2026 من «يوروفيجن» المقرر إقامتها في فيينا في أيار (مايو) من العام المقبل، في حال أصرّ «الاتحاد الأوروبي» للبث على إشراك إسرائيل.

سوّغت «هيئة البث الهولندية» (AvroTros) قرارها بالارتفاع الكارثي لعدد الضحايا المدنيين في غزة، الذين تجاوز عددهم 64 ألف شهيد في عامين. وأضافت أنّ مقتل الصحافيين في غزة شكّل عاملًا حاسمًا في موقفها.

جاء الموقف الهولندي بعد يوم واحد من بيان «هيئة البث الإيرلندية» (RTE) التي رأت أن إرسال وفد إيرلندي إلى فيينا سيكون أمرًا منعدم الضمير في ظل فداحة الخسائر في الأرواح في غزة، معربةً عن قلقها البالغ إزاء استهداف الصحافيين ومنع الوصول الدولي للإعلاميين إلى غزة.

كذلك، أشارت سلوفينيا وآيسلندا إلى أن مشاركتهما مشروطة باستبعاد إسرائيل من المسابقة. وهو ما يعني أن المقاطعة تتحول تدريجًا من مواقف فردية إلى ضغط جماعي، يضع «الاتحاد الأوروبي للبث» أمام اختبار غير مسبوق في تاريخ المسابقة.

دائمًا ما شكلت مشاركة إسرائيل في المسابقة عامل ضغط وتوتر. في نسخة 2019 التي أقيمت في تل أبيب، خرجت تظاهرات واسعة تنديدًا بإعطاء إسرائيل حق الاستضافة رغم استمرار حصار غزة. كما تعرّضت المغنية الإسرائيلية ناتا بارزيلاي، الفائزة بالمسابقة عام 2018، لانتقادات حادة وحملات مقاطعة، إذ اعتبر ناشطون أن فوزها جاء كغطاء لتلميع صورة إسرائيل دوليًا. وفي السنوات اللاحقة، واجه ممثلو الكيان العبري احتجاجات صاخبة، إذ رفعت في عدد من المدن الأوروبية شعارات تطالب بمقاطعتهم أثناء عروضهم الترويجية. كذلك، شهد البث المباشر للمسابقة، في أكثر من مناسبة، مقاطعة جماهيرية أو صيحات استهجان عند إعلان تصويت إسرائيل أو تقديم أغنيتها. وبعد حرب الإبادة المستمرة في غزة منذ عام 2023، تصاعدت المطالبات بشكل غير مسبوق لاستبعاد إسرائيل بالكامل من المسابقة.

من جهته، أقرّ «الاتحاد الأوروبي للبث» (EBU)، المنظم للمسابقة، بجدية الموقف، وأكد مديره مارتن غرين على أنّ المشاورات مع الدول الأعضاء لا تزال جارية بهدف «جمع الآراء حول كيفية إدارة المشاركة والتوترات الجيوسياسية المرتبطة بالمسابقة». وقد سمح الاتحاد للدول بالانسحاب من دون عقوبات حتى شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل، في خطوة غير مألوفة في تاريخه.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد