غسان ريفي (سفير الشمال)
يمارس العدوّ "الإسرائيلي" أسوأ أنواع الابتزاز بحق لبنان، فيصعّد من عدوانه الذي يطال المنشآت الاقتصادية والتجارية في الجنوب وكلّ ما يرمز إلى إعادة إعمار الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، ثمّ تطرح التفاوض المباشر بما يخالف الدستور اللبناني وكلّ القوانين المرعية الإجراء.
يلقى العدوّ "الإسرائيلي" في ابتزازه دعما أميركيا واضحًا يترجم بمزيد من الضغط على لبنان الرسمي الذي تمنع الولايات المتحدة عنه المساعدات إلى أن يتخّذ خطوة ترضيها وما جولات توم برّاك ومورغان ارتاغوا إلا عبارة عن محاولات لأقناع أركان السلطة بهذه المفاوضات، حيث تشير المعلومات إلى مفاتحة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون بهذا الأمر خلال إحدى الزيارات.
يُدرك الرئيس عون حجم الضغوط التي تمارس عليه، لذلك فقد بادر إلى طرح المفاوضات غير المباشرة مع العدوّ "الإسرائيلي" تنفيذا للقرار ١٧٠١ واتفاق وقف إطلاق النار في ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٤.
ومع إطلاق هذا الطرح، بدأت المشاورات حوله عبر سلسلة لقاءات رئاسية، بهدف توحيد الموقف اللبناني، في ظل خشية من أن تبدأ المفاوضات غير مباشرة وتحولها التدخلات الأميركية إلى مباشرة أو إلى تطبيع، خصوصًا في ظل محاولات المحور الأميركي في لبنان إلى استدراج البلاد إلى هذا التطبيع سواء بالظهور الإعلامي على شاشات صهيونية أو بتبني السردية "الإسرائيلية"، والتأكيد أن ليس لـ"إسرائيل" أطماع في لبنان، فضلًا عن تخفيف الأحكام عن عملاء العدو، علما أن على الحكومة تفعيل قوانين المقاطعة والتواصل والتعاون والعداء المطلق لـ"إسرائيل" خصوصًا في ظل الاعتداءات المتنامية على الأراضي اللبنانية.
لا شك في أن "إسرائيل" تسعى إلى استدراج لبنان إلى مفاوضات تحت النار ما يعني الهزيمة والاستسلام، وبالتالي فرض شروطها حول المنطقة الحدودية العازلة والرقابة الدائمة على لبنان واستمرار العدوان بذريعة عودة المقاومة لبناء قدراتها.
هذه الشروط مجتمعة مرفوضة جملة وتفصيلًا ولا يمكن القبول بها لا سيما بعد الصمود الأسطوري للبنان من خلال مقاومته وتفشيل أهداف العدوّ التي لم تتحقق وقد استغل وقف إطلاق النار والتزام لبنان به لاحتلال النقاط الخمس.
وجاء موقف الرئيس جوزيف عون ليتناغم مع هذا الرفض، بوضعه شرطا أساسيًّا لجهة أن تكون المفاوضات غير مباشرة بوفد تقني غير مدني أو سياسي ومترافقة مع تنفيذ "إسرائيل" للقرار ١٧٠١ واتفاق وقف إطلاق النار اللذان يؤكدان على انسحاب "إسرائيل" الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها واغتيالاتها، وهو موقف وطني يحاكي تطلعات أكثرية اللبنانيين الساعين لتحرير أرضهم من رجس الاحتلال.
وتشير المعلومات إلى أن المفاوضات المباشرة أو التفاوض تحت النار غير قابل للنقاش مع الثنائي الشيعي، وهو بالرغم من عدم اتّخاذه أي موقف تجاه تلك الطروحات، إلا أنه يشدد على الأولويات السيادية في مواجهة الاحتلال وإجباره على الانسحاب، ودفع الجهات الدولية الراعية للضغط على العدوّ لوقف اعتداءاته، وعندها يمكن مواجهة أي خطوة إيجابية بخطوة مماثلة للثنائي.
من الواضح أن "إسرائيل" قد اتّخذت قرارها حيال بقاء احتلالها وتنفيذ المنطقة العازلة، لذلك فهي سوف تستمر في توسيع اعتداءاتها للضغط على لبنان وابتزازه، ما سيرفع من منسوب التحدّي الوطني الذي يقوده الرئيس جوزيف عون، في وقت تستبعد فيه المصادر في حال استمرار العدوان وتوسعه أن تبقى المقاومة محافظة على هدوئها وعلى صبرها!..