أوراق سياسية

هل ينجح بري وحزب الله في إعادة إعمار الجنوب؟

post-img

نور فيّاض (لبنان الكبير)

بعد مرور عامٍ على الهدنة التي أُعلن عنها في الجنوب اللبناني، لا تزال صورة الدمار تطغى على مشهد القرى الحدودية، في ما لم تترجم الوعود بإعادة الإعمار إلى أي خطوات عملية على الأرض. آلاف المنازل المهدّمة تنتظر تدخّل الدولة، لكنّ ملفّ التعويضات يبدو عالقًا في دهاليز السياسة.

تشير تقديرات البنك الدولي إلى حاجة لبنان إلى نحو 11 مليار دولار لإعادة بناء المنازل والبنى التحتية التي دمّرتها الحرب، لكنّ غياب التمويل الخارجي وربط المساعدات بملف سلاح “حزب الله” جعلا الإعمار رهينة التجاذبات السياسية والإقليمية.

ورغم مرور سنة تقريبًا على الهدنة، لم تبدأ أي خطة فعلية لإعادة الإعمار، إذ لم تتعدَّ التحركات الرسمية بعض الجولات الميدانية لمجلس الجنوب، من دون صدور مراسيم أو فتح ملفات التعويضات، في ما يعيش الأهالي بين وعود مؤجَّلة وانتظارٍ طويل.

في المقابل، تواصل "إسرائيل" خرق القرار 1701 وتوسّع اعتداءاتها على الجنوب والبقاع، مستهدفة الورش والمعدّات التي تُستخدم في الترميم، لتُبقي الإعمار شبه مستحيل، في وقت يحاول فيه الأهالي ترميم ما يمكن بقدراتهم المحدودة.

يقول مصدر خاص في حزب الله عبر “لبنان الكبير” إنّ “صرف دفعات الإيواء وتأمين مستلزمات التدفئة سيبدأ في الأسبوع الثاني من الشهر الجاري، على أن تُقدَّم المساعدات وفقًا للأولوية”.

ويوضح أنّ “بعض الشيكات التي كانت قد صُرفت ولم تُقبض بعد، سيتم دفعها قريبًا، في ما ستنطلق دفعات الإيواء للعام الجديد بعد استكمال الدراسات الميدانية التي حدّدت المستحقين، خصوصًا بعد أن تمكّن عدد من العائلات من ترميم منازلها أو العودة إليها”.

ويلفت إلى أنّ “المبلغ المتوقع دفعه في ملف الإيواء يُقدَّر بنحو 200 مليون دولار، أي ما يعادل تقريبًا ثلث ما دُفع في العام الماضي”.

أما في ما يتعلق بملف إعادة الإعمار في المناطق غير الحدودية، فيكشف المصدر أنّ “الخطط والدراسات أُنجزت، وتم تلزيم بعض المشاريع، على أن يكون الإعمار مباشرة عبر الورش والمشاريع، وليس من خلال دفع تعويضات مالية للأفراد”.

ويرى أنّ “الصورة النهائية ستتّضح مطلع العام المقبل وفق التطورات والظروف الميدانية”، مشيرًا إلى أنّ “حزب الله لا يريد أن يظهر وكأنه يحلّ محلّ الدولة في هذا الملف، إذ تبقى مسؤولية الإعمار والتعويض على عاتق الحكومة كما تعهّدت في بيانها الوزاري، مع تأكيد الحزب وقوفه الدائم إلى جانب اللبنانيين، وخصوصًا أبناء بيئة المقاومة”.

في المقابل، يؤكد مجلس الجنوب أنّه “لا توجد بعد أي آلية واضحة لدفع التعويضات، إذ إنتهت اللجان من الكشوفات الميدانية، لكن لم تُحدَّد حتّى الآن قيمة المبالغ التي ستُمنح للمواطنين”، مشيرًا إلى أنّه “حتّى اللحظة ما في مصاري”، في إشارة إلى غياب التمويل اللازم للبدء بعملية الدفع.

وكان المجلس قد أكّد سابقًا أنّه يحتاج إلى نحو 5 مليارات و200 مليون دولار لتغطية نطاق عمله في التعويض على البيوت المهدّمة والأرزاق والمحلات التجارية.

اليوم، يجتمع الرئيس نبيه بري في الجنوب بعد عامٍ على انتهاء الحرب الأخيرة، ليتولّى شخصيًا إدارة هذا الملف الحساس، ساعيًا إلى إعادة طرحه كأولوية وطنية تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة. وتُعتبر هذه الخطوة رسالة واضحة إلى الداخل والخارج بأنّ الجنوب ليس مجرد ساحة صراع، بل أرض حياةٍ وصمود، وأنّ الدولة لن تتخلّى عنه مهما اشتدّت الضغوط أو تعقّدت الظروف.

خطوة بري تحمل آمال الجنوبيين، وهي أيضًا اختبارٌ لجدّية الدولة في هذا الملف، لكنّ السؤال الذي يفرض نفسه: هل ينجح الرئيس بري، “عرّاب الإعمار”، هذه المرة في كسر الجمود وإطلاق ورشة الإعمار فعليًا؟ أم سيبقى الجنوب رهينة الأوضاع السياسية والأمنية، ورهينة الوعود؟

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد