أوراق سياسية

مؤتمر المصيلح لإعادة الإعمار: رهان على البنك الدولي

post-img

آمال خليل (الأخبار)

على أنقاض منزله المدمّر، في منطقة كروم المراح شرق ميس الجبل، كان حسّان عمّار، يحاول انتشال ما تبقّى من أغراضه وحاجياته. على بعد نحو مئتي متر فقط، كان جنود الاحتلال "الإسرائيلي"، يراقبونه من الطريق المحاذية للخطّ الأزرق، بعدما توغّلت قوة "إسرائيلية"، فجر أمس، داخل أراضي البلدة، ولغّمت منزله وفجّرته عن بُعد.

المشهد ليس جديدًا على ميس الجبل. فقبل مدّة وجيزة، حدث السيناريو نفسه في منازل مجاورة في الحي ذاته وفي أحياء حدودية أخرى من البلدة.

"مَن يحمينا؟"، يسأل عمار، الذي أصر على البقاء في منزله الذي سلم من الهدم في أثناء التوغّل البرّي، مؤكّدًا أنّ العدوّ لا يريد أي حركة على مقربة من الحدود، ومشيرًا إلى مئات المنازل التي دُمّرت حول منزله ليس في أثناء العدوان فقط، بل بعد وقف إطلاق النار وعودة الأهالي.

يتزايد الدمار في الجنوب، من دون أي أفق واضح لإعادة الإعمار، في ما ترتفع في المقابل صرخات الأهالي احتجاجًا على رضوخ السلطة السياسية للإملاءات الأميركية و"الإسرائيلية"، من دون أن تقدّم حلولًا حقيقية لمأساة النزوح والدمار.

وفي محاولة لطمأنة الجنوبيين، بعد سنتين من بدء العدوان، عُقد اللقاء التنسيقي الأول، تحت شعار "نحو إعادة الإعمار" في المصيلح، بدعوة من الرئيس نبيه برّي وكتلة "التنمية والتحرير"، وغاب عنه وزراء الحكومة باستثناء وزراء ثنائي أمل وحزب الله.

في مداخلته، أوضح وزير المالية، ياسين جابر، أنّ الحكومة "بذلت جهدًا كبيرًا لتأمين مبلغ 250 مليون دولار لإعادة الإعمار"، إلا أنّ إقرار القانون تعثّر بسبب عدم تأمين نصاب جلسات مجلس النواب الأخيرة. وأشار إلى تأمين تمويل إضافي بقيمة 250 مليون دولار، لإعادة تأهيل شبكة الكهرباء، و200 مليون دولار لدعم المزارعين، فضلًا عن مبالغ إضافية لمجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة، لمتابعة عملهما في الجنوب والضاحية. وأعلن جابر أنّ مجلس إدارة البنك الدولي، سيزور الجنوب الأسبوع المقبل، للاطّلاع ميدانيًا على حجم الدمار، ومشاهدة المبادرات الفردية التي أطلقها الأهالي لإعمار منازلهم ومحالهم على نفقتهم الخاصة.

من جهته، أشار وزير الصحة، ركان ناصر الدين، إلى أنّ كلفة إعادة تأهيل وترميم المستشفيات في لبنان، تقدّر بنحو 10 ملايين و280 ألف دولار، لافتًا إلى أنّ العمل مستمرّ لتأمين التمويل اللازم لتغطية تكاليف علاج جرحى الحرب. وتطرّقت وزيرة البيئة، تمارا الزين، إلى أزمة معالجة الركام والردميات التي تُقدّر كمّيتها بنحو 15 مليون متر مكعب، مشيرةً إلى أنّ الكلفة اللازمة لمعالجتها مرتفعة جدًا، وإلى أنّ العمل بدأ بشكل جزئي وفق الإمكانات المتاحة مع مراعاة الشروط البيئية.

بدوره، أوضح النائب أمين شري، أنّ كلفة الترميم الإنشائي والجزئي للأبنية المتضرّرة جزئيًا لا تتجاوز 100 مليون دولار، ما يتيح إعادة آلاف العائلات إلى منازلها، مشيرًا إلى أنّ هذا المبلغ "وحده يمكن أن يعيد نحو 7000 عائلة في الضاحية الجنوبية".

من جانبها، لفتت محافظ النبطية، هويدا الترك، إلى أنّ قانون إعادة الإعمار لم يتطرّّق إلى المشاعات والملكيات العامة التي تؤوي آلاف العائلات، مؤكّدةً أنّ 5600 شخص، لا يزالون نازحين ويحتاجون إلى دعم الدولة والمنظمات الدولية. وشدّدت على ضرورة دعم البلديات باعتبارها "الجهة الأقرب إلى الناس والأكثر قدرة على تقديم الخدمات الميدانية".

أمّا رئيس مجلس الجنوب، هاشم حيدر، فاستعرض صعوبة العمل في القرى الحدودية الأمامية نتيجة استهداف الاحتلال 323 آلية وفرق عمل، ومنعه تنفيذ عمليات إعادة الإعمار في مناطق محدّدة.

وفي السياق نفسه، أكّد رئيس مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، كمال حايك، أنّ إصلاح الأعطال في الشبكة الكهربائية يسير بوتيرة متقدّمة، موضحًا أنّ نسب الإنجاز بلغت 60٪ في عيترون، 50٪ في مركبا، 2٪ في كفر كلا، و30٪ في ربّ ثلاثين، على أن تُنجز إصلاحات الناقورة بنسبة 100٪، بحلول نهاية العام. وأكّد حايك، التزام المؤسسة تأمين الكهرباء لأيّ عائلة ترغب بالعودة إلى قريتها الحدودية.

وصدرت عن المؤتمر عدد من التوصيات، أبرزها دعوة مجلس الوزراء، إلى عقد جلسة خاصة حول الجنوب، بمشاركة جميع أجهزة الدولة، لوضع آلية واضحة لبرنامج إعادة الإعمار، والتأكيد على شمولية الملف بحيث يشمل البقاع والضاحية الجنوبية والجنوب ومناطق جزين والريحان وكفرشوبا والعرقوب وقرى الحافة الأمامية، مع ضرورة تضمين الموازنة السنوية للحكومة بندًا خاصًا بملف إعادة الإعمار.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد