أوراق سياسية

الرسالة الإسرائيلية وصلت.. فهل وصلت الرسالة اللبنانية؟!.. 

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
    
وصلت رسالة العدو الإسرائيلي الى لبنان، وهي ليست الأولى التي تحمل ضغوطا بالحديد والنار، لكن هذه المرة حملت مزيدا من الوحشية والغطرسة ومن إبتزاز الدولة اللبنانية بالقصف والتدمير لإخضاعها للشروط الصهيونية بدءا من التفاوض المباشر وصولا الى الاستسلام الكامل وتشريع الاحتلال والمنطقة العازلة.

ما حصل أمس يؤكد أنه كلما تقدم لبنان بخطوة إيجابية على صعيد الدبلوماسية والتفاوض، أمعن العدو في الخطوات السلبية، كون هذا الكيان التوسعي الغاصب القائم على الاحتلال والقتل والدماء، لا يريد اليوم سوى تحقيق أهدافه التي تفتح أمامه الطريق أمام “إسرائيل الكبرى” التي أعلن نتيناهو عنها صراحة ودعَمَه بذلك الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقوله: “إن خريطة إسرائيل صغيرة عليها”.

كما جاء هذا العدوان الذي طال خمسة بلدات مترامية الأطراف شرقا وغربا ووسطا، ليناقض كل الاجتهادات التي تحدثت عن مبادرة مصرية أو مبادرة ألمانية، أو وساطة فرنسية، ليتبين أن الأمر لا يعدو سوى طرح بعض الأفكار التي ترفضها إسرائيل مسبقا كما رفضت قبل ذلك ورقة توم براك ومقترحاته ودفعت مهمته في لبنان نحو الفشل، وليؤكد أن العدو الصهيوني لا يقيم وزنا لا لدبلوماسية لبنانية هي بالأساس غير مجدية، ولا لمبادرات إن وجدت ولا لاقتراحات وأفكار، بل هو ماض في تنفيذ مخططه نحو التوسع وانتزاع التنازلات من لبنان، تحت مرأى ومسمع الداعم الأميركي الذين يمتلك وحده القدرة على وضع حد لكل ما يجري، كما فعل قبل ذلك في إيران، وكذلك مؤخرا في غزة، لكنه لا يبادر ولا يفعل في لبنان، ما يؤكد أيضا أن كل الوساطات الأميركية وترؤس مورغان أورتاغوس للجنة الميكانيزم، ووجود الجنرال الأميركي جوزيف كيرفيلد على رأس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار وزيارات المبعوثين من أميركيين ودوليين كلها لزوم ما لا يلزم، إذا لم يضع الأميركي خارطة طريق حقيقية لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان.

هذه الحقيقة أدركها رئيس الجمهورية جوزيف عون الذي استنكر وشجب العدوان، وأكد أنه “كلما عبر لبنان عن انفتاحه على نهج التفاوض السلمي لحل القضايا العالقة مع إسرائيل، كلما أمعنت في عدوانها على السيادة اللبنانية وتباهت باستهانتها بقرار مجلس الأمن 1701 وتمادت في خرقها لالتزاماتها بمقتضى تفاهم وقف الأعمال العدائية”، وخلص الرئيس عون الى القول: “رسالتكم وصلت”.

كذلك، فقد سجل قائد الجيش العماد رودولف هيكل خلال عرضه التقرير الثاني من خطة الجيش أمام مجلس الوزراء، موقفا متقدما حيث اقترح تجميد خطة الجيش بحصر السلاح الى أن يتوقف العدوان الإسرائيلي.

وفي موقفيّ الرئيس عون والعماد هيكل رسالة واضحة الى الراعي الأميركي بأن لبنان لم يعد قادرا على تقديم شيء، طالما أن الإسرائيلي يصر على استمرار العدوان ويرفض الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، ما يجعل الكرة في ملعبه كونه الضامن مع الفرنسي لهذا الاتفاق.

واللافت، أن رئيس الحكومة نواف سلام ووزير الخارجية يوسف رجي اللذين تزامن وجودهما على طاولة مجلس الوزراء مع العدوان الإسرائيلي على القرى الجنوبية التي سبقتها تهديدات بالإخلاء أطلقها أفيخاي أدرعي، لم يحركا ساكنا، لتقديم شكوى فورية الى مجلس الأمن، بل استمرا في الاهتمام ببنود جدول الأعمال من القانون الانتخابي الى التعيينات الى الاستماع الى تقرير الجيش الذي يتحدث عن حصر سلاح المقاومة في زمن العدوان، وهما حتى ساعة متأخرة من الليل لم يبادر أي منهما الى الاستنكار أو الإعلان عن تقديم شكوى، ما يطرح سؤالا محوريا حول هذه الدبلوماسية التي يعتمدها سلام ورجي؟، والتي بعد سنة كاملة لم توقف عدوانا ولم تحفظ أرضا، ولم تحم مواطنا، ولم تنتزع أي إيجابية من أميركا راعية عدوان إسرائيل والتي يفتش يوسف رجي عن كيفية البكاء في حضنها لمساعدتنا..

أما الكتاب الذي وجهه حزب الله الى الرؤساء الثلاثة فهو لم يحمل جديدا لا بل أكد المؤكد، لتذكير بعض من يعنيهم الأمر في ظل “الهمروجة” الهادفة الى تسهيل تقديم التنازلات للعدو، بأن ثمة مسلمات وثوابت وكرامة وسيادة وطنية لا يمكن لأي كان التفريط بها.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد