شهد متحف اللوفر في باريس سلسلة جديدة من الأعطال التي أثارت القلق حول أوضاعه الداخلية، بعدما أدّى تسرّب كبير لمياه ملوّثة مساء الأربعاء، 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى إغراق مكتبة قسم الآثار المصرية وإلحاق أضرار كبيرة بمجموعاتها النادرة.
تسبب اندفاع المياه من الأنابيب المتهالكة في الأسقف المستعارة إلى فيضان واسع أتلف نحو 400 كتاب، معظمها مخطوطات وأعمال علمية قديمة يعود بعضها إلى أكثر من قرنين. وتعرضت مجلّدات تاريخية لأضرار بالغة، فيما فُقدت بعض الكتب بشكل نهائي. كما طاول التسرّب المكاتب الملحقة وجعلها غير صالحة للاستعمال مؤقتًا، ووصلت المياه إلى الطابق السفلي حيث لامست خزانة كهربائية، في حادث كان من الممكن أن يؤدي إلى حريق كبير.
مع أن الواقعة بدت حادثًا طارئًا، فإن مجلة "لا تريبون دو لآرت" الفرنسية أكّدت في مقال لها أن الأمر لم يكن مفاجئًا للإدارة، التي تجاهلت طوال سنوات طلبات قسم الآثار المصرية بتخصيص ميزانيات عاجلة لحماية المجموعات من خطر انفجار الأنابيب، أو الاستعانة بخدمات خارجية لنقلها إلى مخزن فارغ أكثر أمنًا. كما رُفضت اقتراحات شراء أثاث متخصص لحفظ الكتب القيّمة، ومن بينها أعمال كبرى، مثل "وصف مصر"، و"آثار مصر والحبشة" لريتشارد ليبزيوس، بقيت قريبة من النوافذ ولا يحميها سوى طبقة من ورق التغليف.
تُعيد هذه الحادثة التساؤلات بشأن أولويات الاستثمار داخل المتحف، خصوصًا بعد أن كشفت تقارير رسمية عن ترميمات فاخرة أُنجزت في مكاتب الإدارة العامة المجاورة، بلغت تكلفتها 276 ألف يورو، ذهب معظمها إلى الأثاث المصمّم، في مقابل تجاهل صيانة مكتبة علمية تضم مواد نادرة تُعد أدوات أساسية لعمل الباحثين والقيّمين.
تتزامن هذه التطورات مع إغلاق قاعة "كامبانا" منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد اكتشاف "هشاشة بنيوية" في سقفها، وهي القاعة نفسها التي شهدت قبل أسابيع سرقة مجوهرات التاج. ومع تكرار الأعطال، يتصاعد القلق من أن يكون المتحف العريق قد ابتعد عن مهمته الأساسية: صيانة قصره التاريخي وحماية مقتنياته، فيما تنهمك إدارته في مشاريع توسعية ضخمة.