غسان ريفي (سفير الشمال)
ما إجتمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو إلا وكان “العدوان” ثالثهما، سواء كان على فلسطين أو على لبنان أو على إيران، أو على سوريا والعراق واليمن.
ويكتسب اللقاء المنتظر بين الرجلين والمقرر عقده في 29 الشهر الجاري، أهمية خاصة، كونه يأتي بعد إعلان نتنياهو صراحة أنه في “مهمة ربانية من أجل تحقيق إسرائيل الكبرى”، وعرضه تفاصيل الخارطة الزرقاء التي تقتطع أراض من عدة دول عربية وإسلامية.
لذلك، يترقّب الإقليم هذا اللقاء، في ظل تصعيد غير مسبوق على إيران، وإستمرار في العدوان على غزة ولبنان وسوريا، ورفع وتيرة الخطاب الأميركي ـ الاسرائيلي والتهويل والتهديد بالحرب ضد كل من يقف في وجه مشروع تغيير وجه الشرق الأوسط.
وبالرغم من كل ذلك، فإن اللقاء لا يأتي في سياق عادي، بل في لحظة ارتباك حقيقية لكلا الطرفين، حيث تتراجع قدرة المشروع الأميركي ـ الإسرائيلي على فرض الوقائع، مقابل صمود غير متوقع من فصائل المقاومة من فلسطين الى لبنان، في وقت يدرك فيه الرئيس ترامب أن منطق القوة قد استنفد، بعد كل ما شهدته المنطقة على مدار سنتين.
من المتوقّع أن تحتل إيران موقع الصدارة في محادثات ترامب ونتنياهو، لكن من دون أن يعني ذلك اتخاذ قرار بحرب شاملة. فالولايات المتحدة، رغم تصاعد لغة التهديد، تدرك أن الحرب على إيران ليست نزهة، وأن إسرائيل لم يعد بمقدورها خوض هذه الحرب بمفردها وأن نتنياهو سيسعى لاستدراج أميركا للمشاركة فيها، ما يعني مواجهة مباشرة مع إيران، وفتح أبواب جحيم إقليمي قد يمتد من شرق المتوسط الى الخليج، ويضع المصالح الأميركية في دائرة الخطر.
ولا شك في أن نتنياهو سيعمل على إستثمار اللقاء مع ترامب لتعويض فشل كيانه في كسر المعادلات التي فرضتها قوى المقاومة، وفي تحقيق أهداف الحروب التي خاضها، وللهروب من أزماته الداخلية المتفاقمة، لا سيما سيف القضاء المسلط على رقبته، خصوصا بعد رفض الرئيس الاسرائيلي طلب الرئيس ترامب بالعفو عنه.
في اللقاء المرتقب، يحضر لبنان كعنصر قلق للعدو الاسرائيلي، خصوصا أن حزب الله يلوذ بالصمت تجاه كل ما يتعلق بترميم قدراته، وهذا ما يربك إسرائيل التي وبالرغم من المكابرة، ما تزال ترى المقاومة قوة إستراتيجية لا يمكن تجاوزها في أي حسابات حرب أو تسوية، وهذا ما يجعل فريق نتنياهو يبالغ في تهديداته، وفي الإستفزازات اليومية التي يقوم بها علّه يستدرج المقاومة الى المساحة التي يريدها.
كل المؤشرات تشير الى أن لبنان سيخضع لمزيد من الضغط السياسي والأمني، في ظل تراجع أسهم الحرب التي ستكون كلفتها على الأميركي تعزيز شرعية المقاومة وعودة إلتفاف أكثرية اللبنانيين حولها، في حين يُدرك العدو أن أي مغامرة جديدة وأي إخفاق في تحقيق الأهداف ستكون نتائجه كارثية عليه، وستضاعف من وتيرة الهجوم على حكومته ورئيسها.
أما سوريا، فيفترض أن تكون حاضرة بقوة في الحسابات الأمنية. فالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أراضيها، تأتي في إطار محاولة منع تعافي الدولة السورية، بالرغم من كل التنازلات التي تم تقديمها حتى الآن، ما يؤكد أن العدو لا يريد إتفاقات أمنية بقدر ما يريد مزيدا من الإحتلال والتوسع، لا سيما بعد إعلان ترامب عن إعطاء الجولان لإسرائيل.
ترى مصادر مواكبة أن لقاء البيت الأبيض بين ترامب ونتنياهو قد لا يشهد إتخاذ قرارات كبرى، بعدما أثبتت الوقائع أن الحرب بكل أشكالها شاملة كانت أو جزئية غير قادرة على قلب الموازين، أو إحداث التغيير المنشود، وأن التسويات هي الطريق الوحيد للوصول الى الأهداف المرجوة، لذلك قد يركز هذا اللقاء على كيفية إدارة الصراع وممارسة الضغوط الى أن يحين موعد التسويات.