شانتال عاصي (صحيفة الديار)
مع دخول فصل الشتاء وموسم الأعياد، يزداد اهتمام الأشخاص بصحتهم بشكل ملحوظ، إذ تصبح أجسامنا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الموسمية مثل نزلات البرد والإنفلونزا والالتهابات التنفسية. وتؤدي التغيرات المناخية إلى انخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى التجمّعات الأسرية والاجتماعية التي عادةً ما تتزامن مع الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات، إلى إرهاق الجهاز المناعي وضعفه.
وفي هذا السياق، يُصبح دمج المكملات الغذائية الموسمية مع نظام غذائي متوازن خطوة ضرورية لتعزيز المناعة ودعم الجسم خلال هذه الفترة الحرجة.
فيتامين د: ضوء الشمس في كبسولة
يُعد فيتامين د من العناصر الغذائية الأساسية لدعم الجهاز المناعي، خاصة خلال فصل الشتاء، إذ يقل التعرض لأشعة الشمس التي تُعد المصدر الطبيعي لهذا الفيتامين. أظهرت الدراسات أن نقص فيتامين د يرفع من خطر الإصابة بالعدوى، بينما يساعد الحصول على مستويات كافية منه على تعزيز قدرة الجسم على مقاومة الفيروسات وتقليل حدة الالتهابات التنفسية.
لذلك، يُنصح الأشخاص الذين يقضون معظم أوقاتهم في الداخل أو الذين يعيشون في مناطق تعاني من قلة ضوء الشمس بتناول مكملات فيتامين د تحت إشراف طبي، مع الالتزام بالجرعات الموصى بها. ويمكن دعم هذا الفيتامين من خلال الأغذية الطبيعية مثل الأسماك الدهنية كالسلمون والسردين، صفار البيض، ومنتجات الألبان المدعمة. ويؤكد خبراء التغذية أن الجمع بين التعرض المعتدل للشمس وتناول الأطعمة الغنية بالفيتامين يحقق أفضل النتائج لتعزيز المناعة.
أوميغا-3: دعم القلب والمناعة
تؤدي الأحماض الدهنية أوميغا-3 دورا مزدوجا خلال موسم الشتاء، فهي تعزز المناعة وتحمي القلب والأوعية الدموية في الوقت نفسه. تتوافر أوميغا-3 بشكل طبيعي في الأسماك الدهنية، مثل السلمون والسردين، إضافة إلى بذور الكتان والجوز وزيت السمك كمكمل غذائي.
تشير الدراسات إلى أن أوميغا-3 تساعد في تقليل الالتهابات المزمنة التي قد تتفاقم في الطقس البارد، وتدعم استجابة الجسم الطبيعية للأمراض الموسمية. كما تسهم هذه الأحماض في تحسين أداء الخلايا المناعية، ما يجعلها إضافة أساسية لأي نظام غذائي يهدف إلى تعزيز الدفاعات الطبيعية للجسم خلال فصل الشتاء وفترة الاحتفالات.
البروبيوتيك: حماية الأمعاء والمناعة
يُعتبر البروبيوتيك عنصرا مهما آخر لدعم المناعة، حيث يحافظ على توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء. ويؤدي الجهاز الهضمي دورًا رئيسيًا في وظائف الدفاع المناعي، إذ تواجد نسبة كبيرة من خلايا المناعة في الأمعاء.
يمكن الحصول على البروبيوتيك من الأغذية المخمرة مثل الزبادي والكيمتشي والكمبوتشا، أو من خلال المكملات الغذائية. وتظهر الدراسات أن استهلاك البروبيوتيك بانتظام يقلل من شدة الالتهابات التنفسية، ويحسن قدرة الجسم على محاربة العدوى، خاصة في أوقات الشتاء التي تشهد زيادة في الأمراض الموسمية.
النظام الغذائي الأمثل لتعزيز المناعة
إلى جانب المكملات الغذائية، يؤدي اتباع نظام غذائي متوازن دورًا رئيسيًا في الحفاظ على المناعة. ينصح بتناول كميات كبيرة من الخضراوات والفواكه الطازجة الغنية بالفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، مثل البرتقال، الكيوي، الجزر، والسبانخ، لتعويض النقص الغذائي الذي قد ينشأ عن نمط الحياة في الشتاء.
كما يُنصح بتناول البروتينات عالية الجودة من مصادر حيوانية مثل الأسماك والدواجن، ومن مصادر نباتية مثل البقوليات والمكسرات، لما لها من دور في بناء العضلات وتجديد الخلايا ودعم الجهاز المناعي. وتُعد الحبوب الكاملة والألياف أساسية لتحسين عملية الهضم والحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن نطاق صحي، ما يقلل من الانتفاخ ويعزز الصحة العامة.
ينبغي الحد من الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكر، التي غالبًا ما تُستهلك خلال الاحتفالات، واستبدالها بوجبات غنية بالعناصر الغذائية أو فواكه مجففة ومكسرات. كما يُنصح بتناول المشروبات الدافئة الصحية مثل الشاي الأخضر الغني بمضادات الأكسدة، الذي يدعم المناعة ويحسن أداء الجسم.
التوازن بين المكمّلات والغذاء
يشدد خبراء التغذية على أن المكملات الغذائية وحدها لا تكفي لتعزيز المناعة، بل يجب دمجها مع نمط حياة صحي يشمل النوم الكافي، ممارسة الرياضة بانتظام، وتقليل مستويات التوتر النفسي. هذا التوازن يعزز فعالية المكملات الغذائية ويجعل الجسم أكثر قدرة على مواجهة الأمراض الموسمية.
خلال فترة الشتاء والأعياد، يواجه الكثيرون صعوبة في الحفاظ على نمط غذائي صحي بسبب الانشغالات الاجتماعية ووفرة الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية. لذلك، يعد التخطيط للوجبات واختيار الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية وتناول المكملات عند الحاجة، استراتيجية ذكية للحفاظ على الصحة العامة وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض.
استراتيجية فعّالة
أخيراً، يُعد دمج المكملات الغذائية الموسمية مثل فيتامين د، أوميغا-3، والبروبيوتيك مع نظام غذائي متوازن، استراتيجية فعّالة لتعزيز الجهاز المناعي خلال فصل الشتاء وفترة الأعياد. هذا النهج المتكامل يضمن قدرة الجسم على مواجهة الأمراض الموسمية بفاعلية، مع الحفاظ على مستويات الطاقة والنشاط، ويمنح الأفراد فرصة الاستمتاع بالموسم الاحتفالي بصحة جيدة دون التعرض للمضاعفات الصحية الشائعة خلال هذا الوقت من السنة.
