قبل 66 يومًا، غادر أهل الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية بفعل عدوان إسرائيلي همجي غادر. غادروا قراهم وبلداتهم وتركوا الأرواح والقلوب معلّقة في الوديان والجبال، عند فوهات بنادق المجاهدين، فهناك تُحفظ الودائع وترسم مآلات المقبل من الأيام. هم أقرب إليهم من حبل الوريد، بنيانٌ واحد، صانعو أفراحهم والانتصارات، عزهم السرمدي الذي لا يشبهه شيء.
اليوم يعودون، مرفوعي الرأس، كما كان يقينهم من اللحظة الأولى، يقينهم الممتد من يد سيدهم المرفوعة دائمًا بوجه العدو، من صوته الذي هتف في محضر الظالم، مرتكب الإبادة وقتلة الأطفال أن هيهات منا الذلة، وأنه لا تراجع عن خيار المقاومة الإسلامية”، حتى آخر نفس وحجر. وهكذا كان. صدق وعده، وعلت رايته، وقُهر عدوه، وانتصر دمه.
اليوم يا سيد المقاومة، عاد محبوك ومجاهدوك والمؤمنون بنهجك فعلًا وقولًا إلى أرضهم. لم ترتجف لهم يد، بقوا ثابتين على وصيتك، على درب ذات الشوكة، ومضوا. لا يُلام عدوك إن ظنّ أن بقتلك يلحق بأهلك الهزيمة المنشودة منذ أعوام طويلة. لم يدرك بعد أنك أثرٌ عظيم كبير جميل أبدي كجدك الإمام الحسين (ع)، لكنه سيفعل مع الأيام. سيعلم حقًا أن أهلك وشعبك هم امتداد لك، وأنك لا تموت، وهنا معجزة الشهادة. هنا تفسير ما حدث في الخيام والبياضة وعيتا ومارون الراس وعيناتا والعديسة، حيث بقينا وانتصرنا رغم كل شيء، وحيث عدنا رغم تحذيرات العدو الاسرائيلي الذي ظنّ أنه هو من سيعطينا “الضوء الأخضر”. عدنا، وظلّ مستوطنوه ينتظرون “الضوء الأخضر” وظلّت مستعمراتهم خاليه وقرانا عامرة، كما أردت يا أبانا وكما وعدت.
علت كلمتك أيها الشهيد الأغلى، يا أمين عام المقاومة، وسحق جبروت رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو تحت أقدام رجالك وأبنائك.