رضا صوايا/جريدة الأخبار
وجد الصهاينة في القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب والقاضي بترحيل الطلاب الأجانب الذين يظهرون تعاطفًا مع «حزب الله» و«حماس»، فرصةً لتشديد مساعيهم المتواصلة لكم الأفواه وقمع كل مناهض للإجرام الإسرائيلي وصولًا إلى حذف القضية الفلسطينية من كل نقاش مستقبلي تحت طائلة العقاب.
قرار ترامب لم يكن مفاجئًا، إذ يأتي في إطار مخطط متكامل للإدارة الجديدة جرى التعبير عنه بوضوح خلال الحملة الانتخابية، ويهدف إلى قمع المشاعر المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة. وكان مراسل صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية في واشنطن، بن صامويلز، قد كشف في منتصف الشهر المنصرم أنّ «حملة القمع ستكون سريعة ومُحكمة، وربما تكون معركتهما ضد الحركة المؤيدة للفلسطينيين أحد الأمور القليلة التي لها مسار واضح في سياسة الإدارة الجديدة». رؤية ترامب يتبناها العديد من المسؤولين البارزين في إدارته كوزير الخارجية مارك روبيو الذي طالب في تشرين الأول (أكتوبر) المنصرم من وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن «بإلغاء تأشيرات أولئك الذين أيدوا أو تبنوا نشاط حركة حماس».
لا غنى في هذا السياق عن التذكير بمشروع «إستير» - تيمنًا بـالبطلة اليهودية التاريخية التي أنقذت اليهود من الإبادة الجماعية في بلاد فارس القديمة- الذي طورته «مؤسسة هيريتيج» (The Heritage Foundation) المحافظة، والتي تسعى لجعله سياسة رسمية متبعة من قبل إدارة ترامب. يهدف المشروع إلى مكافحة معاداة السامية في الولايات المتحدة، عبر «تفكيك البنية التحتية التي تدعم العنف المعادي للسامية الذي تمارسه شبكة دعم «حماس» والحركات المرتبطة بها داخل الولايات المتحدة الأميركية في غضون 12 إلى 24 شهرًا لاستعادة الحماية المتساوية بموجب القانون لجميع الأميركيين». مشروع يضغط اليهود لتطبيقه، كما عبرت عن ذلك الكاتبة آمي نوشتاين في مقال منشور في Jewish News Syndicate بعنوان «لقد حان الوقت لدفع «مشروع إستير» التابع لمؤسسة التراث إلى الأمام»، حيث تدعو إلى «الدفع قدمًا بأجندة تجريد الجامعات والصناعات ووسائل الإعلام من كراهيتهم الخبيثة لليهود، والتي تشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل ويهود الشتات».
في هذا السياق، انبرت منظمة صهيونية أميركية متطرفة باسم Betar USA في تجميع قائمة بأسماء الطلاب الأجانب الحاصلين على تأشيرات وقامت بإرسالها إلى البيت الأبيض ووزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي الأميركية وإدارة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك للترحيل بسبب مشاركتهم في تظاهرات مؤيدة لفلسطين في حرم الجامعات.
تستخدم المنظمة برامج التعرّف إلى الوجه وتكنولوجيا قواعد البيانات المتقدمة لتجميع القائمة، التي ضمت حتى الآن بحسب المنظمة أكثر من 100 طالب و20 عضو هيئة تدريس وموظف وبعضهم من الأردن وسوريا ومصر وكندا والمملكة المتحدة. وهؤلاء الطلاب مسجّلون في مؤسسات مرموقة، كجامعات كولومبيا وبنسلفانيا وميشيغان وسيراكيوز وكاليفورنيا في لوس أنجلوس و«نيوسكول» للبحوث الاجتماعية وجامعة «كارنيجي ميلون» وجامعة جورج واشنطن.
تستوحي Betar عملها «من رؤية مؤسسها زئيف جابوتنسكي» وتعرف عن نفسها بأنّها «المنظمة الصهيونية الأكثر نشاطًا في الحياة الواقعية في أميركا، مع وجودنا في العديد من المدن ونجاحاتنا العديدة التي لا يمكن الحديث عنها». ويكفي ذكر جابوتنسكي لمعرفة خلفية المنظمة الفكرية، خصوصًا أنّ الأخير مؤسس الحركة الصهيونية التصحيحية بعد انفصاله عن المنظمة الصهيونية، ويعتبر أبا اليمين الصهيوني المتطرّف والملهم الأساسي لبنيامين نتنياهو. وتذكر المنظمة على موقعها بقادتها التاريخيين مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغين وإسحاق شامير، وكذلك بنزيون نتنياهو، والد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
اللافت أنّ البحث عن مدير فرع المنظمة في الولايات المتحدة روس غليك، يقودنا إلى مقال في صحيفة New York Post عام 2019 بعنوان «القصة المزعجة وراء مرتكبي جرائم الانتقام الإباحية في نيويورك»، حيث يظهر اسم غليك كمتورط ومدان في عملية تحرش وابتزاز لصديقته السابقة حيث عرض صورًا فاضحة لها على تطبيقات وصفحات عدة.
في مؤشر على البعد العنفي في تاريخ المنظمة وفلسفة وجودها، نشرت صفحة المنظمة على موقع X في 17 كانون الثاني (يناير) الجاري فيديو لأحد أعضائها وهو يتجول في ساحة Times Square في نيويورك أثناء اعتصام مؤيد لفلسطين وهو يعرض عليهم أجهزة «بيجر». وقد علّقت الصفحة على الفيديو بالقول: «بيتار توزع أجهزة البيجر في تايمز سكوير. وجدنا العديد من أنصار «حماس» و«حزب الله» بحاجة للجهاز».