خاص موقع "أوراق"- فادي الحاج حسن / كاتب وباحث لبناني
قطاع غزة هو منطقة صغيرة تقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وهو جزء من الأراضي الفلسطينية. يمتلك تاريخًا طويلًا ومعقدًا يمتد لآلاف السنين. ويُعتقد أن غزة كانت مأهولة منذ العصور الكنعانية، حيث كانت تعد مركزًا تجاريًا مهمًا بسبب موقعها الاستراتيجي. أيضًا خلال حكم الفراعنة، كانت غزة تحت السيطرة المصرية، وأصبح القطاع جزءًا من الإمبراطورية الفينيقية، حيث تطورت التجارة والملاحة.
في القرن الرابع قبل الميلاد، سيطر الإغريق على المنطقة، ثم تبعهم الرومان. وكانت غزة آنذاك مدينة مهمة على طريق التجارة بين مصر وبلاد الشام. وفي القرن السابع الميلادي، دخلت غزة في الإسلام وأصبحت جزءًا من الخلافة الأموية، ثم العباسية؛ واستمرت غزة تحت الحكم العثماني لأكثر من 400 عام، حين أصبحت مركزًا إداريًا وتجاريًا.
بعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت غزة تحت الاحتلال البريطاني حتى العام 1948. وفي هذا العام أدت الحروب إلى تهجير العديد من الفلسطينيين إلى قطاع غزة، ما زاد من عدد السكان بشكل كبير. من 1948 حتى 1967، كانت غزة تحت الإدارة المصرية. وفي العام 1967، احتل العدو الصهويوني قطاع غزة خلال حرب الأيام الستة. وبدأت في العام 1987، المقاومة الفلسطينية. وفي التسعينيات، جرى التوصل إلى "اتفاقات أوسلو" التي منحت الفلسطينيين بعض الحكم الذاتي في غزة.
تعاني غزة حصارًا اقتصاديًا منذ ذلك الحين، ما أثر على الحياة اليومية للسكان. ويظل قطاع غزة رمزًا للصمود والمقاومة، حيث يواجه تحديات كبيرة ولكنه يحتفظ بتراث ثقافي غني وتاريخ عريق.
الحدود الجغرافية لقطاع غزة
تقع غزة على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وتحدها:
- شمالًا: حدود مع الكيان الإسرائيلي المحتل.
- شرقًا: حدود مع الكيان الإسرائيلي المحتل، بالإضافة إلى منطقة رفح التي تحدها مصر.
- جنوبًا: حدود مع مصر، حيث توجد نقطة عبور رفح.
- غربًا: البحر الأبيض المتوسط. يمتلك القطاع واجهة بحرية، ما يجعله نقطة اتصال حيوية للتجارة والنقل البحري، وهو ما يعزز من أهميته الاقتصادية.
يمتد قطاع غزة إلى مسافة نحو 41 كيلومترًا من الشمال إلى الجنوب، وعرضه يتراوح بين 6 إلى 12 كيلومترًا.
الموارد الاقتصادية في قطاع غزة
على الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية، يمتلك قطاع غزة بعض الموارد التي يمكن استغلالها:
1. الزراعة: تتمتع غزة بتربة خصبة ومناخ مناسب، ما يتيح زراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل مثل الخضروات والفواكه، وخاصة الطماطم، والبطيخ، والحمضيات. ويمكن تعزيز الزراعة العضوية وتطوير تقنيات الزراعة الحديثة لزيادة الإنتاج.
2. الصيد البحري: يمتد ساحل غزة على البحر الأبيض المتوسط، ما يوفر فرصًا للصيد. يمكن تحسين أساليب الصيد وتطوير قطاع الصيد البحري.
3. الموارد المعدنية: تحتوي غزة على بعض المواد البنائية مثل الرمل والحصى، التي يمكن استخدامها في البناء.
4. الطاقة الشمسية: مع توافر أشعة الشمس طوال العام، يمكن استغلال الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، ما يساعد على تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية.
5. العمالة: يمكن تحسين التعليم والتدريب المهني لزيادة كفاءة العمالة، ما يسهم في تعزيز مختلف القطاعات الاقتصادية.
6. ممر تجاري: يعد قطاع غزة نقطة عبور حيوية بين غرب آسيا (الشرق الأوسط) وأوروبا، ما يجعله مركزًا للتجارة. والتاريخ يتحدث عن غزة مركزًا تجاريًا منذ العصور القديمة، حيث كانت تتاجر مع الحضارات المجاورة.
7. الغاز: قرب غزة من حقول الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط يجعلها منطقة استراتيجية في مجال الطاقة. استغلال الغاز يمكن أن يسهم في توفير الطاقة للقطاع ويساعد في تعزيز الاقتصاد. على الرغم من هذه الموارد، تواجه غزة العديد من التحديات مثل الحصار، نقص المياه، وتدهور البنية التحتية، ما يؤثر على استغلال هذه الموارد بشكل فعال.
دعوة ترامب إلى تهجير أهل القطاع
بعد تصاعد الأحداث في غزة، ظهرت دعوات من بعض الشخصيات السياسية، بما في ذلك الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تشير إلى إمكان تهجير سكان القطاع. تأتي هذه الدعوات في إطار محاولة تنفيذ المشاريع الاقتصادية الاستعمارية للإفادة من السوق الاوروبي، لكن العديد من الفلسطينيين يرونها دعوة غير إنسانية، وتعد بمثابة تشجيع على التطهير العرقي.
توظيف ترامب السياسي والاقتصادي
1. التوظيف السياسي: يهدف ترامب من خلال هذه الدعوات إلى تعزيز موقفه وسيطًأ في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، مع أن مثل هذه التصريحات قد تؤدي إلى زيادة التوترات وتعقيد الوضع. كما يسعى ترامب أيضًا إلى كسب الدعم من بعض الأطراف الإسرائيلية التي تؤيد مواقف أكثر تشددًا تجاه الفلسطينيين.
2. التوظيف الاقتصادي: قد تكون هناك نية لتشجيع استثمارات خارجية في غزة بعد تهجير السكان، ما قد يؤدي إلى خلق مشاريع جديدة ولكن على حساب حقوق الفلسطينيين. ‘ن هذه الدعوات تهدف إلى وضع غزة تحت السيطرة الاقتصادية الإسرائيلية أو توسيع المستوطنات الإسرائيلية.
تبقى المقاومة في غزة رمزًا للصمود في وجه الاحتلال، بينما تثير الأوضاع الأخيرة تساؤلات حول مستقبل الفلسطينيين في القطاع. تظل التحديات كبيرة، ويجب النظر بعناية في الدعوات التي تأتي من الخارج، والتي قد تؤثر سلبًا على الحقوق الإنسانية للفلسطينيين.
المنشأ العنصري للسياسة الامريكية في قطاع غزة
تؤكد نظرية مورغان وتايلر وفرايزر: بتطور المجتمعات البشرية والثقافات، حيث تصنف المجتمعات البشرية إلى مراحل مختلفة، ما أدى إلى تسويغ ممارسات عنصرية تجاه الشعوب غير الغربية. هذه الأفكار، رغم أنها تعود إلى القرن التاسع عشر، أسهمت في تشكيل نظرة تفوق الحضارة الغربية. وتُظهر هذه النظريات كيف يمكن استخدامها لتسويغ التمييز ضد المجتمعات، حيث يصور الإنسان الأبيض كإله متفوق. وتدعو تصريحات ترامب إلى تهجير الفلسطينيين إلى دول مثل مصر والأردن، ما يعكس تفكيرًا مشابهًا للأفكار العنصرية التي روجت لها النظريات التطورية. تهدف هذه الدعوات إلى إلغاء الهوية الوطنية الفلسطينية وتجاهل حقوقهم في أرضهم. وهذه الدعوات، تعد الفلسطينيين وكأنهم أقل قيمة أو كائنات يجب إزاحتها، ما يعكس نظرة استعلائية تجاه حقوق الإنسان.
تمثل غزة رمزًا للمقاومة والصمود أمام هذه الأفكار العنصرية. إذ تتجاوز مقاومة الشعب الفلسطيني مجرد الدفاع عن الأرض، بل تعبر عن رفضهم للتصنيف العنصري الذي يروج له الآخرون. إذ إنّ عبارة "يأكلون كما نأكل"؛ والتي صاغها الشعب الفلسطيني تعكس هذه العبارة جوهر الإنسانية المشتركة بين جميع البشر، حيث تنفي الفكرة العنصرية التي تميز بين الناس بناءً على العرق أو الثقافة.
هذا؛ وتتداخل الأفكار العنصرية التاريخية مع السياسات المعاصرة في دعوات التهجير، ما يظهر كيف يمكن أن تستمر هذه الأنماط من التفكير في التأثير على الواقع السياسي. غزة، بصمودها، تمثل تحديًا لهذه الأفكار، إذ تثبت أن الإنسان، بصرف النظر عن خلفيته، يستحق الكرامة والحقوق الأساسية.
الغاز والبترول في قطاع غزة
1. الغاز الطبيعي
- الاكتشافات: في العام 2000، اكتشف حقل غاز "غزة مارين" قبالة سواحل غزة. يُعد هذا الحقل من الاكتشافات المهمة في المنطقة، حيث يحتوي على احتياطات تقدر بمليارات الأمتار المكعبة من الغاز.
- تطوير الحقل: على الرغم من الاكتشافات، لم يطور حقل غزة مارين بشكل كامل بسبب الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة، بالإضافة إلى القيود المفروضة على الوصول إلى الموارد البحرية.
- الفوائد المحتملة: إذا طور الغاز الطبيعي، يمكن أن يسهم في توفير الطاقة لقطاع غزة، وتخفيف الاعتماد على مصادر الطاقة الأخرى، وتحسين الوضع الاقتصادي.
2. البترول
- نقص في الاكتشافات: بخلاف الغاز، لم تكتشف كميات كبيرة من النفط الخام في قطاع غزة. هناك بعض الدراسات التي تشير إلى احتمالات وجود حقول نفطية، لكن لم يتأكد ذلك بشكل قاطع.
- التحديات: تظل الظروف السياسية والاقتصادية تعوق عمليات استكشاف وإنتاج النفط في المنطقة. كما أن الحصار الذي فرضه الكيان الإسرائيلي يؤثر سلبًا على قدرة غزة على الوصول إلى التقنيات اللازمة للتنقيب.
التحديات الجيوسياسية
تظل مسألة السيطرة على الموارد الطبيعية في غزة مرتبطة بالوضع السياسي، حيث تسعى "إسرائيل" للسيطرة على الموارد في المنطقة. ويؤثر الحصار المفروض على غزة بشكل كبير على استغلال الموارد الطبيعية، ما يجعل من الصعب تحقيق الاستفادة الكاملة من الغاز. ويمثل الغاز الطبيعي في القطاع فرصة كبيرة لتحسين الظروف الاقتصادية وتوفير الطاقة، لكن التحديات الجيوسياسية والاقتصادية تعوق تطوير هذه الموارد. بينما تبقى آفاق البترول غير مؤكدة، فإن التركيز على الغاز قد يكون مفتاحًا لمستقبل غزة الاقتصادي.
يمتاز موقع قطاع غزة بكونه نقطة استراتيجية مهمة على الصعيدين الاقتصادي والتجاري؛ فعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي يواجهها، فإن استغلال الموارد الطبيعية، وتعزيز الزراعة، وتحسين البنية التحتية يمكن أن يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية للسكان. ومن خلال قطع روسيا للغاز عن أوروبا بعد حرب أوكرانيا بين أهمية قطاع غزة في إمداد أوروبا بالغاز للتعويض عن الغاز الروسي. وبعد الحرب في أوكرانيا، واجهت أوروبا تحديات كبيرة في تأمين إمدادات الغاز، حيث قامت روسيا بقطع الإمدادات عن العديد من الدول الأوروبية. هذا الوضع خلق حاجة ملحة للبحث عن بدائل لتأمين الطاقة.
إمكانات الغاز في قطاع غزة
- حقل غزة مارين: يحتوي قطاع غزة على حقل غاز "غزة مارين"، الذي يقدر احتياطيه بمليارات الأمتار المكعبة من الغاز. إذا استغل هذا الحقل بشكل فعال، يمكن أن يكون له دور كبير في توفير إمدادات الغاز.
- إمكان التصدير: يمكن لقطاع غزة أن يُصبح مصدرًا للغاز الطبيعي إلى أوروبا، ما يسهم في تقليل الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي ويعزز من الأمن الطاقي الأوروبي. وتظل الأوضاع السياسية المعقدة في المنطقة، بما في ذلك الحصار المفروض على غزة، عائقًا أمام تطوير حقل الغاز واستغلاله بشكل كامل. وتحتاج غزة إلى بنية تحتية مناسبة للتصدير، بما في ذلك منشآت معالجة الغاز وأنابيب النقل. هذه الاستثمارات تتطلب دعمًا دوليًا كبيرًا.
هذا؛ ويمثل قطاع غزة فرصة استراتيجية لإمداد أوروبا بالغاز في ظل الأزمات الحالية. على الرغم من التحديات السياسية والبنية التحتية، فإن استغلال الغاز الطبيعي في غزة يمكن أن يسهم في تعزيز أمن الطاقة لأوروبا ويخلق فرصًا اقتصادية لسكان غزة.
الأمريكي والدعم المطلق للكيان الإسرائيلي
1. التحالف الاستراتيجي
- العلاقة التاريخية: تُعد الولايات المتحدة وإسرائيل حليفتين منذ تأسيس "إسرائيل" في العام 1948. هذا التحالف يتجاوز العلاقات الدبلوماسية، حيث يشمل التعاون العسكري والاقتصادي والثقافي. وتقدم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية واقتصادية كبيرة لدولة الاحتلال ما يعزز من قدراتها الدفاعية ويضمن تفوقها العسكري في المنطقة.
2. المصالح الأمريكية في غرب آسيا (الشرق الأوسط)
- الأمن والاستقرار: ترى الولايات المتحدة أن دعم "إسرائيل" يساعد في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقتنا. إذ هي ترى "إسرائيل" نقطة انطلاق استراتيجية لمواجهة التحديات الإقليمية، مثل التهديدات من إيران والمقاومة القلسطينية ضد الاحتلال.
3. الدور في السياسة الإقليمية
- تعزيز النفوذ الأمريكي: من خلال دعم الكيان الإسرائيلي، تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز نفوذها في المنطقة وضمان ولاء حلفائها العرب. كما تسعى الولايات المتحدة إلى استخدام دعمها للكيان المحتل وسيلةً للضغط على الدول العربية لتحقيق مصالحها، مثل التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
4. التوجه نحو صفقة القرن
- خطة ترامب للسلام: في العام 2020، قدمت إدارة ترامب "صفقة القرن" التي اقترحت حلولًا للصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، والتي كانت منحازة بشكل كبير لمصلحة "إسرائيل". قوبلت هذه الخطة بانتقادات واسعة من الجانب الفلسطيني والدول العربية، فقد عدت تقويضًا للحقوق الفلسطينية.
5. الأثر على القضية الفلسطينية
- تجاهل الحقوق الفلسطينية: الدعم الأمريكي المطلق لـــ":إسرائيل" يعزز من الممارسات الإسرائيلية المجرمة في الأراضي الفلسطينية، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية في غزة والضفة الغربية.
- تأثير على المفاوضات: يعيق الدعم الأمريكي لـــ"إسرائيل" أي جهود جادة للتفاوض على حل نهائي للصراع، حيث يُنظر إلى الولايات المتحدة طرفًا غير محايد.
يمثل التوجه الجيوسياسي الأمريكي والدعم المطلق للدولة الاحتلال الإسرائيلي جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الأمريكية في غرب آسيا (الشرق الأوسط)؛ ويسهم هذا الدعم في تعزيز نفوذ الولايات المتحدة، ويؤثر بشكل مباشر على القضية الفلسطينية، ما يؤدي إلى تعقيد جهود السلام والاستقرار في المنطقة.
المراجع والمصادر:
1. الكتاب: السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية 2001-2011؛ تأليف: أحمد جواد الوادية.
2. التقدير الاستراتيجي (135): محددات السياسة الأمريكية تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة واتجاهاتها المستقبلية
3. المصادر المجهولة في تغطية حرب غزة: "واشنطن بوست" مقابل أقرانها؛ تحليل لتغطية وسائل الإعلام الأمريكية للحرب بين حماس وإسرائيل، مع التركيز على استخدام المصادر المجهولة في التقارير.
https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/almsadr-almjhwlt-fy-tghtyt-hrb-ghzt-washntn-bwst-mqabl-aqranha
مصادر إضافية
- مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.
- تقارير وتحليلات من معهد واشنطن.
1. السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية 2001-2011 - مركز الزيتونة للدراسات.
2. المصادر المجهولة في تغطية حرب غزة: "واشنطن بوست" مقابل أقرانها
The Washington Institute https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/almsadr-almjhwlt-fy-tghtyt-hrb-ghzt-washntn-bwst-mqabl-aqranha.
3. التقدير الاستراتيجي (135): محددات السياسة الأمريكية تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة واتجاهاتها المستقبلية - مركز الزيتونة للدراسات.