رضا صويا/ جريدة الأخبار
الحملة على داعمي القضية الفلسطينية في الولايات المتحدة ما تزال في بداياتها وهي مرشحة للتصاعد بوتيرة متسارعة، إلى حد أنّ ملاحقة الناشطين السلميين لمجرد التعبير عن رأيهم، باتت تحتل الأولوية ولو اقتضى ذلك التوقف عن ملاحقة المجرمين المتورّطين في الإتجار بالبشر وتهريب المخدرات.
كشف مقال، في جريدة «هآرتس» الإسرائيلية، قبل أيام أنّ دائرة الهجرة والجمارك الأميركية أوقفت تحقيقاتها في القضايا المتصلة بالإتجار بالبشر وتهريب المخدرات، ليتفضّى عناصرها لمراقبة منصات التواصل الاجتماعي بحثًا عن منشورات من طلاب مؤيدين لفلسطين.
كذلك أشارت مجلة Time الأميركية إلى خفض عدد موظفي وزارة التعليم إلى النصف تقريبًا في عهد ترامب، بما في ذلك مكتب الحقوق المدنية الذي يُكلّف محاموه بالتحقيق في شكاوى التمييز ضد الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد جرى توجيه الموظفين لإعطاء الأولوية لقضايا «معاداة السامية».
الجامعات هنا، بإداراتها والعديد من أساتذتها وطلابها متواطئة ومشاركة في حملة القمع، إلى حد الوشاية على الطلاب المتعاطفين مع الفلسطينيين للسلطات الأمنية وفرض عقوبات غير مسبوقة في التاريخ، تصل إلى حدّ حرمانهم من شهاداتهم.
في هذا السياق، أعلنت جامعة كولومبيا الأميركية قبل أيام في بيان أنّ «الهيئة القضائية في الجامعة أصدرت قرارات وفرضت عقوبات على الطلاب، تراوحت بين الإيقاف عن الدراسة لسنوات عديدة، وسحب الشهادات مؤقتًا والطرد».
مع تنامي الحملة، عاد إلى الواجهة الدور الذي تقوده منظمة Betar USA الصهيونية الأميركية المتطرفة التي تنشط في تجميع قائمة بأسماء الطلاب الأجانب الحاصلين على تأشيرات وترسلها إلى البيت الأبيض ووزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي الأميركية وإدارة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك للترحيل بسبب مشاركتهم في تظاهرات مؤيدة لفلسطين في حرم الجامعات. فاخرت المنظمة بأنها أسهمت في اعتقال الطالب الفلسطيني محمود خليل، الذي قاد احتجاجات في جامعة كولومبيا، تنديدًا بالإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وكشفت أنها قدمت «آلاف الأسماء » الأخرى لتلقى معاملة مماثلة.
اللافت أنّ اعتقال الطلاب الأجانب الذين يحملون جوازات إقامة ليس كافيًا للمنظمة التي جاهرت بأنّه «من المتوقع أن يبدأ ترحيل المواطنين المجنسين خلال شهر».
تعتمد المنظمة على وسائل عدة لتحديد الناشطين والمتعاطفين مع فلسطين من بينها الذكاء الاصطناعي من خلال برامج التعرّف إلى الوجه القادرة على تحديد الأشخاص الذين يخفون وجوهم بأقنعة، كما تتبع المنشورات والتفاعلات على وسائل التواصل الاجتماعي.
الجديد في هذا السياق هو ما صرّح به مدير فرع المنظمة السابق في الولايات المتحدة روس غليك، بأنّ «الأفراد المدرجين في قائمة «بيتار » تم تحديدهم من خلال بلاغات من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين في الجامعات »، لافتًا إلى أنه «تلقى في الأشهر الأخيرة سيلًا من الرسائل من طلاب وأساتذة وإداريين جامعيين من جميع أنحاء البلاد، جميعهم يزوّدونه بمعلومات عن هويات المتظاهرين ».
في هذا الإطار، أظهر تحقيق للصحافي آلان ماكليود على منصة «مينت برس» أن عميدة كلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا التي تخرج منها محمود خليل، الدكتورة كيرين يرحي-ميلو هي «ضابطة سابقة في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ومسؤولة في بعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة.
تؤدي دورًا مهمًا في إثارة القلق العام بشأن موجة معاداة السامية المزعومة التي تجتاح الحرم الجامعي، ممهدةً الطريق لحملة قمع واسعة النطاق للحريات المدنية التي أعقبت الاحتجاجات ».
وفقًا للتحقيق «عملت يرحي-ميلو قبل دخولها المجال الأكاديمي، كضابطة ومحللة استخباراتية في الجيش الإسرائيلي. وبما أنها جُنّدت في أجهزة الاستخبارات لإجادتها اللغة العربية، فمن المرجح أنّ وظيفتها تضمّنت مراقبة السكان العرب. وبعدما تركت عالم الاستخبارات، عملت في البعثة الدائمة لإسرائيل لدى الأمم المتحدة في نيويورك. وهناك، التقت بزوجها، المتحدث الرسمي باسم إسرائيل في الأمم المتحدة».
في هذا الإطار، كانت جامعة كولومبيا قد أوقفت أواخر العام الماضي الأستاذ المساعد شاي دافيداي (يعرّف عن نفسه بأنّه صهيوني) عن العمل، بسبب سلوكه وتنمره على الطلاب المؤديدين لفلسطين واستهدافه لهم. وبرز اسم دافيداي أيضًا في قضية محمود خليل عبر منشور له على منصة X توجه فيه إلى وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو داعيًا إياه إلى ترحيل محمود خليل قبل يوم من إلقاء القبض على هذا الأخير.