احتشد نحو 100 مؤلف بريطاني أمس الخميس أمام المقر الرئيسي لشركة «ميتا» الأميركية في لندن، احتجاجًا على ما وصفوه بـ«سرقة» أعمالهم الأدبية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، في أحدث فصول الصراع المتصاعد بين المبدعين وشركات التكنولوجيا العملاقة.
«ميتا، سارقة الكتب!»
رفع المتظاهرون لافتات تندد بالرئيس التنفيذي للشركة، مارك زوكربرغ، مرددين شعارات من أبرزها: «ميتا، ميتا، سارقة الكتب!»، في تحرك رمزي للفت الانتباه إلى ما يعتبرونه استغلالًا غير مشروع لإبداعاتهم.
من جهته، قال الكاتب إيه جيه ويست، إنه شعر بـ «الاشمئزاز والاستغلال» عندما اكتشف أن روايته The Spirit Engineer مدرجة ضمن قاعدة بيانات تحتوي على محتويات يُعتقد أنها استُخدمت لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
كما رأى ويست، أن استخدام كتبه لتطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي قد تحل مكان المؤلفين أنفسهم، يُعدّ أمرًا «مثيرًا للاشمئزاز»، مضيفًا: «لقد أخذوا كتبي لتغذية تكنولوجيا مصممة خصيصًا لتدميري». وحاول الكاتب دخول مبنى الشركة لتسليم رسالة احتجاج موقعة من عدد من المؤلفين البارزين، من بينهم كايت موس وريتشارد أوسمان، لكن أبواب المبنى ظلت مغلقة.
مكتبة «ليب جن» في قلب العاصفة
يتركز القلق على استخدام مزعوم لشركة «ميتا» لمكتبة إلكترونية تُعرف باسم LibGen (Library Genesis)، التي تُتيح الوصول المجاني إلى ملايين الكتب والمقالات العلمية. وبحسب تقارير إعلامية أميركية، كشفت وثائق داخلية أن زوكربرغ وافق على استخدام محتوى LibGen، وهو ما أثار موجة من الانتقادات، خصوصًا بعد أن نشرت مجلة أتلانتيك قاعدة بيانات تضم جميع العناوين المتوافرة في المكتبة.
«ميتا»: كل شيء قانوني
في المقابل، أكد ناطق باسم «ميتا» لصحيفة ذي غارديان البريطانية أن الشركة «تحترم حقوق الملكية الفكرية للأطراف الثالثة» وأن استخدامها للمعلومات يتوافق مع القوانين المعمول بها، في إشارة إلى أن تدريب النماذج قد يعتمد على ما يُعرف قانونيًا بـ «الاستخدام العادل» أو الاستثناءات المسموح بها.
أكبر هجوم على حقوق النشر؟
دعا إيه جيه ويست الحكومة البريطانية إلى التدخل العاجل، واصفًا ما يحدث بأنه «أكبر هجوم على حقوق النشر البريطانية في التاريخ»، في ظل تسارع استخدام المحتوى الإبداعي البشري لتدريب تقنيات الذكاء الاصطناعي من دون الحصول على إذن مسبق من المؤلفين أو دفع تعويضات.
فنانون ومبدعون ضد تقنين الاستغلال
يأتي هذا التحرك بعد أقل من شهرين على رسالة مفتوحة وقعها أكثر من ألف فنان بريطاني، بينهم إلتون جون ودوا ليبا، ضد خطة حكومة حزب العمال الهادفة إلى تخفيف القيود المفروضة على استخدام المحتوى الإبداعي في تدريب الذكاء الاصطناعي، وهي خطة اعتبرها الفنانون «بوابة مفتوحة لنهب الإبداع دون مساءلة».
من يملك المعرفة والإبداع في عصر الـ AI؟
هذا؛ وبينما تتصاعد وتيرة تطور الذكاء الاصطناعي، يتجدد الجدل حول من يملك الحق في استخدام المعرفة والمحتوى الإبداعي، وهل يحق للشركات الكبرى بناء تقنياتها على أكتاف ملايين الكتب والأعمال من دون موافقة أصحابها؟
الإجابة لمّا تتضح بعد، لكن مع تصاعد الاحتجاجات والدعاوى القضائية، يبدو أن معركة الملكية الفكرية في عصر الذكاء الاصطناعي ما تزال في بدايتها إلى حين تحديد قواعد جديدة للعبة.