اوراق خاصة

الكتّاب والشعراء الإسرائيليين ... الإنسانية من طرف واحد

post-img

حمزة البشتاوي/ كاتب وإعلامي

أول ما قرأت العريضة التي وقّع عليها المئات من الكتّاب والشعراء الإسرائيليين؛ سألت نفسي:

هل يوجد لدى الكتاب والشعراء الإسرائيليين الصامتين أو المشاركين بالحرب حسًا أدبيًا مرهفًا؟

هل لديهم تجربة شعرية أو شعورية في ظل ما يطغى على الأدب الصهيوني، في الشعر والقصة والرواية، الدعوة إلى اغتصاب الأرض وهدم البيوت والقرى والمنازل والمساجد والكنائس، والتحريض على القتل والتنكيل، وصولًا إلى الحض على قطع الأشجار وإتلاف المزروعات والمحاصيل وتجريف التربة وطمس المعالم الجغرافية، إضافة إلى الخداع والتزوير والتضليل الذي يعدّ أهم ميزات الأدب الصهيوني؟

على الرغم من وجود بعض الأصوات الرافضة للقتل، فإنّ هذه الأصوات غائبة ولم تظهر حتى بعد مرور أكثر من سنة ونصف على حرب الإبادة على قطاع غزة، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير المدن والمخيمات والمدارس والجامعات والمساجد والمستشفيات، ولم نرَ سوى خبر عن عريضة وقع عليها مئات من الكتّاب والشعراء الإسرائيليين يطالبون فيها بإنهاء فوري للحرب وعودة 59 أسيرًا إسرائيليًا من دون أي ذكر لمعاناة ومأساة الفلسطينيين من أهوال الحرب والجوع والعطش والتهجير.

أبرز الموقعين على العريضة أسماء معروفة ومشهورة، في الأوساط الإسرائيلية؛ مثل: نيتسا بن دوق والكاتب المسرحي يهوشع سوبول وعوفر أرون وشوهم سميث ودانييلا لندن ديكل وأفرايما غولان ومناحيم بيري، وغيرهم من الكتّاب والشعراء الإسرائيليين الذين أجمعوا على أن الحرب تعرّض حياة الأسرى والجنود والضباط الإسرائيليين للخطر، من دون التطرق إلى حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد البشر والحجر في قطاع غزة، وخاصة الأطفال الذين تطلق نحوهم، وهم في الخيام الصواريخ الذكية والغبية، آلاف الأطنان من المتفجرات والقنابل الإرتجاجية التي تحوّل أجسادهم إلى أشلاء تتطاير في الهواء..

هذا ما لم يره الكتّاب والشعراء الإسرائيليين في عريضتهم، والتي يمكن أن تكون على سبيل الدعاية أو لتفريغ شحنة ضمير أو مكياج لوجه الاحتلال القبيح.

لقد كان لافتًا، قبل صدور هذه العريضة، أن نشرت صفحات ومواقع إسرائيلية قصائد لجنود إسرائيليين يقاتلون في غزة، حمل بعضها التحريض على الإبادة وثقافة الانتقام، وهنا لا يكون الشعر عاطفة ومتعة؛ بل جريمة وتشجيع على ارتكاب المزيد من المجازر والإرهاب.

هذا؛ وإذا كانت هذه العريضة وغيرها من العرائض الشعبية والعسكرية، والتي تعدّ بأنّ الحرب أصبحت تخدم مصالح سياسية وشخصية، وليست مصالح أمنية، وأن الحرب تهدد حياة الأسرى والجنود، فإنّ الكتاب والشعراء الإسرائيليين يعبّرون في هذه العريضة عن إنسانيتهم من طرف واحد من دون أي التفات إلى الألم الفظيع الذي تسببه الحرب للفلسطينيين وأطفالهم وكتّابهم وشعرائهم الذين يتناولون الوجع كوجبة أساسية في ظل الحرمان من الطعام، وينادون العالم بحبرهم ودمهم للوقوف إنسانيًا بوجه حرب الإبادة الوحشية التي كشفت استهتار الكثيرين بالقيم الإنسانية والأخلاقية، خاصة عندما يتعلق الأمر بغزة والفلسطينيين.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد