اوراق مختارة

المنتدبون من «التربية» إلى «العدل»: موظفون «مكتومو القيد»!

post-img

راجانا حمية (جريدة الأخبار)

عام 2003، طلبت وزارة العدل من وزارة التربية والتعليم العالي انتداب 195 من الموظفين في ملاك الأخيرة للقيام بمهمات إدارية في المحاكم القضائية في المحافظات. وعليه، التحق مدرّسون ونظّار، على دفعات، بالمحاكم، وأُطلق عليهم مصطلح «منتدبون وملحقون»، فيما بقي توصيفهم الوظيفي «مدرّسون ونظار»، وظلوا يتقاضون رواتبهم ومخصصاتهم من وزارة التربية والتعليم العالي بلا زيادة ولا نقصان. واستمروا على هذه الحال سنوات طويلة إلى أن أتت الأزمة المالية التي عزّزت الغبن الذي لحق بهم بسبب هذا الانتداب.

فطوال هذه المدة، بقي الملحقون بـ«العدل» خارج كل الفئات في وزارة التربية والتعليم العالي، أو كما يقولون، «محسوبون على الوزارة ومش محسوبين عليها»، فلم يُعاملوا يوماً وكأنّهم جزء من هذا الجسم. وتفاقمت مشكلتهم بعد الأزمة المالية وإقرار مجلس الوزراء تباعاً - منذ 2023 - مراسيم بإعطاء الموظفين والعاملين في القطاع العام تعويضاً مؤقتاً شهرياً يتكون من رواتب إضافية على الراتب الأصلي ومن بدلات المثابرة والحوافز، إذ لم يحصلوا سوى على الرواتب الإضافية، فيما لم تلحظهم بدلات المثابرة وغيرها من المساعدات، إلى أن صدر أخيراً المرسوم 189 الذي لحظ حقهم بتعويض المثابرة والتعويض الشهري المؤقت «اعتباراً من شباط 2025» فقط.

عامان كاملان لم يحصل فيهما المنتدبون إلى وزارة العدل على تلك البدلات، على عكس زملائهم من الرتبة نفسها. ويؤكد كثير من المنتدبين إلى المحاكم أن «أعلى الرواتب» بينهم لا يلامس الـ500 دولار، رغم أنهم يعملون بدوامات تفوق ما كانوا يخدمونه في مدارسهم، وأحياناً كثيرة حتى الرابعة عصراً، وبمعدّل عشرة أشهرٍ في السنة، إذ تقتصر استراحتهم على العطلة القضائية بين تموز وأيلول من كل عام.

ورغم تواصلهم الدائم مع وزارة التربية والتعليم العالي، لم يعامل هؤلاء في «التربية» معاملة الموظف في ملاكها، ولا تعاملت وزارة العدل معهم باعتبارهم من «أهلها»، فبقوا لسنوات طويلة في خانة تشبه تلك التي يُسقط فيها «مكتومو القيد»، مع كثير من اللامبالاة طوال العامين الماضيين. ومع تشكيل الحكومة الجديدة، أعاد المنتدبون التواصل مع الوزارة الجديدة، فصدر في 17 الجاري المرسوم رقم 189 الذي يُعيد إدراجهم في لائحة المستفيدين من التعويض المؤقت الشهري وتعويض المثابرة «اعتباراً من الأول من شباط 2025».

إلا أن دون هذا المرسوم محاذير منها أنه بلا مفعول رجعي، إذ لا يلحظ العامين الماضيين اللذين أُقرت فيهما البدلات والحوافز، «وهذه ستكون معركتنا التالية لتحصيل حقوقنا أسوة بما تقاضاه زملاؤنا» كما يؤكدون. ثاني المحاذير هو كيفية احتساب «الأنصبة». فالمرسوم ربط تحصيل بدل الإنتاجية والمثابرة «بقرار يصدر عن وزير التربية والتعليم العالي يحدّد بموجبه أنصبة التدريس المحددة قانوناً والواجب تأمينها من قبل أفراد الهيئة التعليمية». بمعنى أنه إذا كان هذا البدل يعطى عن 15 يوماً من الإنتاجية والحضور، فإن تعطيل يومٍ واحد يسقط هذا الحق كلّه. ولذلك، لا يعرف هؤلاء «كيف ستصدر اللوائح عن الوزارة وكم يحقّ لنا من بدلات، ولذلك قد لا يكون ما سنحصّله كبيراً».

عندما صدر التعميم الأول (2003) الذي قضى بانتقال أفراد من الهيئة التعليمية لا يقومون بالتدريس لأسباب مختلفة إلى إدارات عامة للقيام بمهمات إدارية ومنها المحاكم في المحافظات، اشتغل بعض هؤلاء بكل قوته للالتحاق بالمحاكم لتحسين معيشتهم. وانتقل إلى المحاكم في المحافظات نحو 200 موظف، تقاعد منهم كثيرون في المدة الأخيرة من دون تحصيل ما هو حق لهم، واستقرّ عددهم اليوم على 10 موظفين «يناضلون» للحصول على بدلٍ مقابل عملهم.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد