اوراق خاصة

في ذكرى شهداء الصحافة.. صوت الحقيقة لا يخبو

post-img

خاص موقع أوراق- الوكالة الوطنية للإعلام

احتكار الحقيقة من أجل تحريفها أو إخفاؤها لطالما كان هدف الأقوى والأنظمة التسلطية عبر التأريخ؛ عاشتها مختلف الشعوب التي مرت بمحن شديدة كي تنال حريتها واستقلالها. ومن هم ناقلو الحقيقة؟

هناك، عادة، نوعان من المهن، واللتين تطورتا مع تطور أشكال الحياة والحضارات؛ وهما المؤرخ والكاتب الصحفي، ومعه المراسل الميداني الذي يكون الأقرب من الحدث وتفاصيله. في العصر الحديث؛ كان لدور الإعلام المصوّر أو المرئي، خصوصًا بعد سلسلة تطورات تكنولوجية، الدور المائز الأكثر حضورًا بين الجماهير؛ حتى بات دوره مهمًا وخطيرًا ولا يمكن الاستغناء عنه. كما أضحى جزءًا من حياتنا اليومية؛ وروتينًا صباحًا أن تطلع أو تقرأ الصحف والجرائد أو تتصفح المواقع الإلكترونية أو تشاهد التلفاز لتعرف ما يجري حولك..

لقد باتت الصحاقة والإعلام عصب الحياة؛ ومن لا يملك وسلة صحفية أو إعلامية لا صوت له، لا صوت يُسمع ولا صورة تُرى، ولا رؤية خاصة به يطلع الآخرين عليها.. سيكون معزولاً بالمطلق؛ حتى لا يشعر أحد به، ولا يعلمون ما يحدث له..

لذلك؛ ليس مستغربًا أن ندرك مدى إصرار العدو الإسرائيلي على قتل أكبر عدد من الإعلاميين والصحفيين؛ سواء في لبنان أم فلسطين المحتلة؛ لقتل الحقيقة ومنع الصورة من الوصول إلى الرأي العام.. ولكن مع ذلك؛ لقد كشفت هذه الصور التي نقلها هؤلاء الشهداء الصحافيون، ومعهم زملاؤهم، حقيقة نازية هذا العدو المتوحش الذي يتلذذ بدماء ضحاياه..

في هذا اليوم، السادس من أيار، يستذكر اللبنانيون شهداء الصحافة الذين قتلهم الاحتلال العثماني، حين علّقهم جمال باشا السفاح على المشانق، ومعهم عدد آخر من اللبنانيين روّاد التحرير والاستقلال، و كان ذلك في ساحة الاتحاد في وسط بيروت، والتي اصبحت ساحة البرج، قبل أن تستعيد اسمها "ساحة الشهداء". ويعود هذا اليوم التأريخي ليخلّد بشكل أكبر في تاريخ لبنان مع الاحتلال الإسرائيلي الذي؛ هو الآخر؛ استهدف عددًا من الصحافيين في جنوب لبنان، خلال الحرب العداونية على لبنان في صيف العام الماضي.

إثر غارة إسرائيلية استهدفت عمدًا مقر إقامة الصحفيين في بلدة حاصبيا، استشهد وأصيب عدد منهم الاعلاميين وهم يقومون بعملهم النبيل والسامي وهو تغطية تفاصيل العدوان الاسرائيلي من قتل وتدمير وارتكاب المجازر. وكان منهم مصور قناة المنار "وسام قاسم" والمصور "غسان نجار" في قناة الميادين ومهندس البث في القناة "محمد رضا"؛ وهذه القناة التي أيضا فقدت المراسلة فرح عمر وربيع المعماري بغارة إسرائيلية متعمدة في بلدة طيرحرفا.. هذا إضافة إلى عدد من الصحافيين الجرحى..

تكريم رسمي

لمناسبة ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية في السادس من أيار، أحيت هذه الذكرى نقابة محرري الصحافة اللبنانية قبل ظهر اليوم، خلال تجمع للصحافيين والإعلاميين أمام تمثال الشهداء، في وسط بيروت، تخللها تكريم للزملاء الذين قاموا بتغطية وقائع الحرب على لبنان.

حضر الاحتفال: وزير الإعلام المحامي بول مرقص، نقيبا الصحافة والمحررين عوني الكعكي وجوزف القصيفي وأعضاء النقابتين، المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحه، وفد رابطة خريجي كلية الاعلام برئاسة الزميل خضر ماجد وحشد من الصحافيين والاعلاميين والمراسلين والمصوريين الصحافيين وعدد من رؤساء تحرير الصحف والمواقع الالكترونية.

 مرقص

بعد النشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الوطن والصحافة، ألقى الوزير مرقص كلمة، قال فيها:" "أقف إجلالا واحتراما لشهداء الصحافة في ذكراهم. وأعاهدكم العمل معكم بالشراكة المتينة، على بناء ذكرى آتية، تحل علينا بأفضل من الحالية. هذا الذي نعاهدكم به، ونعاهد شهداء الصحافة الأبرار"، داعيا الجميع "الى التأمل والعمل في سبيل نهضة الصحافة والانتصار لشهدائنا".

الكعكي

من جهته، نقيب الصحافة عوني الكعكي، بدأ كلمته بقراءة سورة الفاتحة على أرواح جميع الشهداء". وقال:"عيد الشهداء في السادس من أيار، مناسبة وطنية يحتفل بها اللبنانيون وهم يرفعون رؤوسهم فخرا واعتزازا. وأضاف:"السادس من أيار، هو تاريخ تنفيذ أحكام الإعدام العرفية التي أصدرتها محكمة عاليه، ونفذها جمال، باشا المعروف بــــ"السفاح"، في حق عدد من الوطنيين اللبنانيين والسوريين. ومن هؤلاء : عبد الكريم الخليل، محمد المحمصاني، محمود المحمصاني، محمود العجم، صالح حيدر، سعيد فاضل عقل، عمر حمد، عبدالغني العريسي، الشيخ أحمد طبارة، توفيق البساط".

وأشار إلى: "أن عددا مهما من الشهداء كانوا من الصحافيين أصحاب القلم الحر... ومن هنا كان السادس من أيار أيضا عيدا لشهداء الصحافة اللبنانية". وتابع الكعكي:" نقف اليوم، نتذكر أولئك الأبطال الذين ضحوا بدمائهم في سبيل الحق والكلمة الحرة.. لم يخافوا، ولم يستسلموا... بل توجوا موقفهم البطولي بالشهادة". كما قال: لقد بات السادس من أيار مناسبة لتكريم شهداء الصحافة اللبنانية وجميع العاملين في الاعلام. والصحافة اللبنانية الحرة التي لم تبخل بشيء، بل هي تقاوم وتناضل من أجل الوصول الى الحقيقة".

كما توجه الكعكي إلى: "رجال الإعلام والصحافة"، وقال:"ظلوا على مواقفكم، وتمسكوا بالقِيم والضمير الحي. فأنتم رعيل لا يخشى في الحق لومة لائم.. وظلوا صامدين فالنصر لكم... لكلمتكم الحرة وهي أمضى سلاح". وختم الكعكي، متوجها بالشكر للكلمة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بهذه المناسبة: "إن هذا تأكيد منه على مكانة ودور الاعلام في بناء الوطن".

القصيفي

قال النقيب القصيفي في كلمته :" ككل عام، نحن هنا، لإحياء ذكرى شهداء الصحافة اللبنانية الذين ارتفعوا إلى أعلى العليين مضرجين بالأحمر القاني، حبر الخلود.  ومنذ مطالع القرن العشرين حتى يومنا هذا الشهيد تلو الشهيد...والسبحة تكر ولا تنتهي". وأضاف :"نكرم اليوم الزميلات والزملاء الذين تولوا تغطية حرب إسرائيل على لبنان ووثقوها بامانة، وقد دفع بعضهم حياته ثمنا، والآخرون يحملون جراحاتهم أوسمة عز".

كذلك أضاف: "كانت "إسرائيل"، ولا تزال، عدوا، ونحن لجرائمها بالمرصاد...نكتب...نذيع، نصور...نصرخ ولا نخاف. في هذا اليوم نقول لمن له اذنان سامعتان: حرية الصحافة والاعلام خط أحمر، قانون جديد للاعلام واجب وجود، اي محاصرة أو تطويق أو التفاف على دور النقابات التي انشأها القانون لن تمر، لا والف لا لاحصنة طروادة "الانجيئوزية" التي تريد ضرب الاعلام اللبناني واستهدافه". وختم :"سنيقى أوفياء لذكرى شهدائنا طالما أشرقت شمس، وهل قمر، وشدا طير، وخفق علم يحتضن ارزة خضراء رمز الاباءة والشمم".

كما أعلن القصيفي أنه: "سيحدد يوم لتكريم المصورين الصحافيين، فور عودة نقيب المصورين من السفر".

ممثل نقيب المصورين

ألقى نائب نقيب مصوري الصحافة اللبنانية المصور كريم الحاج ممثلا النقيب علي علوش، والموجود خارج لبنان، كلمة النقابة، فقال:"نقف اليوم وقفة وفاء وإجلال أمام تضحيات نساء ورجال حملوا القلم والكاميرا بصدق، وجعلوا من الكلمة الحرة والصورة موقفا، ومن الحقيقة رسالة لا تساوم". وأضاف: "نحيي ذكرى شهدائنا في مهنة الصحافة، أولئك الذين سقطوا وهم يؤدون واجبهم المهني والوطني، وندرك جيدا أن الحرية لم تكن يوما مجانا، بل دفعت أثمانها بالدم والشجاعة والصدق". وتابع:"إن تضحيات هؤلاء الشهداء تذكَّرنا دوما بأن الصحافة ليست مجرد مهنة، بل التزام ومسؤولية، وعلينا كجسم صحافي أن نصون هذه الأمانة، وأن نكون دائما في صف الحقيقة والناس".

ريفي

نائب نقيب محرري الصحافة غسان ريفي رحب بالحضور وقال: "في مثل هذا اليوم من كل عام نلتقي في ساحة المجد والحرية لنلقي التحية على شهداء الوطن الذي يرمز اليهم هذا التمثال الذي نقف امامه بخشوع واجلال. ونكرم بالمناسبة كل الزميلات والزملاء الذين تولوا تغطية الحرب الإسرائيلية على لبنان،تقديرا لجهودهم وتضحياتهم".

في الختام؛ وضع الوزير مرقص ونقيبا الصحافة والمحررين اكليلا من الغار على تمثال الشهداء. وجرى بعدها توزيع الشهادات التقديرية على الاعلاميين والصحافيين الذين شاركوا بتغطية الحرب الاسرائيلية على لبنان، وتسلم الصحافيون الذي أصيبوا وسام الجريح من نقابة المحررين.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد