زكية الديراني/ جريدة الأخبار
مع اندلاع العدوان الإسرائيلي على إيران، ارتفعت أصوات إعلاميين لبنانيين لاستكمال الهجوم على المقاومة، والذي بدأ قبل الحرب على لبنان. لقد انتشرت أول من أمس مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيها الإعلامي وليد عبود مهاجمًا المقاومة، قائلًا «إيه نعم حلّو عنا. أنتم وسلاحكم ومسيراتكم وأبواقكم ومرشدكم وإيرانكم ومحوركم... نريد أن نعيش.
"حلّوا عنا»، مُطلقًا دعوةً تحريضية لتهجير نصف الشعب اللبناني. وأشارت صفحات افتراضية إلى أنّ كلام عبود جاء ضمن برنامجه السياسي «مع وليد عبود» الذي يُعرض على «تلفزيون لبنان» منذ نحو ثلاث سنوات من دون تقاضي أتعاب.
إذ تشير مصادر إلى أن انضمامه إلى المحطة جاء ضمن صفقة إعلامية تهدف إلى تمرير خطاب حزب «القوات اللبنانية» على القناة الرسمية.
كما يطل المقدّم اللبناني على قناة «هلا أرابيا» التي تتخذ من بيروت مقرًا لها ليقدّم برنامجًا حواريًا سياسيًا بعنوان «يا أبيض يا أسود». علمًا أنّ عبود يشغل أيضًا منصب مدير الأخبار في قناة MTV.
ردود أفعال غاضبة على المنصات الرقمية
بُعيد انتشار الفيديو، انطلقت حملات إلكترونية تهاجم «تلفزيون لبنان»، معتبرة أنها باتت منبرًا لمهاجمة المقاومة والتحريض على بيئتها، قائلة «إنّ وليد أطل على شاشة الوطن ليقول لأبناء الوطن حلّوا عنا». حتى إنّ بعض المؤيدين لخطاب عبود التحريضي راحوا يهلّلون لـ«تلفزيون لبنان»، معتبرين بأنه «الآن أصبح تلفزيون كل اللبنانيين».
تجاوزت بعض الأصوات الغضب الشعبي، مطالبةً وزير الإعلام بول مرقص بمنع عبود من الظهور على المحطة. هذا الخطاب التحريضي لم يكن مفاجئًا من شخصية معروفة بمواقفها «الانعزالية»، لكن شائعة «ظهوره» على شاشة وطنية أثارت تساؤلات كثيرة مشروعة حول تطبيع خطاب كاره للآخر على شاشة تعدّ لكل اللبنانيين. سرعان ما تبيّن لاحقًا أن فيديو وليد عبود لم يُعرض على «تلفزيون لبنان»، بل على قناة «هلا أرابيا»، حيث يقدم عبود برنامجه «يا أبيض يا أسود». مصادر مطّلعة نفت بثّ التصريحات على القناة الرسمية، مؤكّدة على أنّ «تلفزيون لبنان» يسعى إلى الحفاظ على موضوعيّته.
تأجيل الحلقة محاولة لاحتواء الغضب
في ظل التفاعل الكبير على تصريحات عبود، قررت إدارة «تلفزيون لبنان» تأجيل بثّ حلقة الأمس من برنامج «مع وليد عبود»، على أن يُعلن الموعد الجديد لاحقًا. وتأتي الخطوة في سياق امتصاص الانتقادات الموجهة للإعلامي، بينما تتذرّع المحطة المحلية بأن التأجيل سببه مواكبة تطورات الحرب الإسرائيلية على ايران.
في المقابل، لم يصدر أي بيان رسمي من وزارة الاعلام يؤكد أو ينفي المعلومات المتداولة حول توقيف برنامج عبود نهائيًا على الشاشة المحلية. مع العلم أن الأصوات داخل «تلفزيون لبنان» تطالب بتجميد اطلالة عبود، بعدما زجت القناة المحلية في مشكلة هي في غنى عنها. علمًا أن التلفزيون يغرق في مشاكله المالية والادارية، مما عرقل تعيين مجلس إدارة جديد له، بسبب الخلافات السياسية والطائفية التي تتحكم بقراراته. ويرى بعضهم أن توقيف برنامج وليد عبود قد يستمر حتى الخريف المقبل، مع دخول القناة في العطلة الصيفية وتوقيف برامجها السياسية.
على الضفة نفسها، يبرر القائمون على برنامج «يا أبيض يا أسود» كلام عبود بأنه مجتزأ، لافتين إلى أن الحلقة تحمل اسم «سجال بين لبنانيين»، وتتضمن هجومًا على طرفي الصراع السياسي في لبنان، وليس المقاومة فقط. حيلة إعلامية تسعى إلى تمييع صورة حقيقة الصراع والموازاة بين الجلّاد والضحية، ما يصبّ موضوعيًا في مصلحة العدو الذي يسعى إلى زرع الشقاق والفتنة والتفرقة. وسواء نُشرت تصريحات عبود على قناة رسمية أو خاصة، فإنّ مضمونها يُعدّ تحريضًا طائفيًا يعاقب عليه القانون اللبناني، كما يُشكل إساءةً مباشرة لمؤسسة إعلامية رسمية.