يارا عبود/ جريدة الأخبار
فجر 13 حزيران (يونيو)، بدأ الكيان العبري حربه ضد إيران، مستهدفًا بالتواطؤ مع الولايات المتحدة الأميركية عددًا من المدن الإيرانية والمنشآت النووية، ما أسفر عن اغتيال قادة وعلماء نوويين وتدمير عدد كبير من الأبنية ووقوع شهداء من بينهم أطفال.
شيطنة النظام
في موازاة هذا العدوان، شهدت إيران هجمةً إعلامية منظمة وتزييفًا وفبركةً للأخبار على نطاق واسع. هذه الإستراتيجية تدخل ضمن حرب إعلامية يشنها الغرب بقيادة أميركا بهدف الضغط لتقديم إيران تنازلات وصولًا إلى تغيير النظام نفسه.
هذه الإستراتيجية الإعلامية يتّبعها الغرب منذ مدّةٍ طويلة بهدف شيطنة الأنظمة المعادية له أو لتسويغ حروبه على الدول وسرقة ثرواتها تمامًا كما حصل في سوريا وقُبَيل اجتياح أفغانستان والعراق.
صناعة الوعي المنحاز
مع دخول المواجهة بين "إسرائيل" وإيران يومها الرابع، استهدف الطيران الإسرائيلي مبنى الإذاعة والتلفزيون الرسمي في طهران. وانتشرت تقارير تفيد عن استشهاد عدد من العاملين فيه، وكان البروفيسور والخبير في الشؤون الإستراتيجية محمد مرندي موجودًا في المبنى وقت الهجوم على القناة لإجراء مقابلة مع الصحافي البريطاني بيرس مورغان، لكنه نجا رغم محاولة الاغتيال.
«الحقيقة لا تشكل خطرًا إلا على من يرتكب الشر، أما من يفعل الخير فيحبّ الحقيقة». هكذا علق البروفيسور مرندي خلال ظهوره على قناة الميادين الناطقة بالإنكليزية بعد نجاته من الاستهداف.
على الجهة المقابلة، فضح مرندي دور الإعلام الغربي في صناعة الوعي المنحاز الذي ينتج الأكاذيب متجاهلًا الحقائق والوقائع. في أثناء ظهوره على قناة «سكاي نيوز»، وبّخ المذيعة بسبب تردادها الأكاذيب الإسرائيلية بشأن الهجوم الإيراني.
في حين ركزت المذيعة أسئلتها على عدد القادة الإيرانيين الذين استهدفتهم إسرائيل، أعادها مرندي إلى معنى «الهجوم العدواني» الذي يدعي استهدافه أهدافًا «دقيقة جدًا» بينما «يطلقون فجأة صواريخ على أهداف مدنية وعلى مبان سكنية ويذبحون عائلات بأكملها. "بالنسبة إليكم هذا استهداف دقيق جدًا، أليس كذلك؟». وأكمل أنّ «عدد الشهداء الذين سقطوا في تلك الأبنية ليس مهمًا بالنسبة إلى أمثالك ممّن يدعون التفوق العرقي».
عندما سألته عن احتمال أن تكمل إيران المفاوضات النووية بصفته عمل مع فريق التفاوض الإيراني، أجابها «نظامكم يجب أن يعلم وقناتكم أيضًا أننا كنا على طاولة المفاوضات، لكن ترامب هو الذي تآمر مع نتنياهو لمهاجمة إيران»، مشيرًا إلى تزوير الإعلام الغربي للحقائق. وأنهى حديثه بعبارة «يا للوقاحة... أظهروا القليل من النزاهة قد يفيد».
مواجهة مع بيرس مورغان
على الجهة ذاتها، واجه البروفيسور محمد مرندي بيرس مورغان، خلال ظهوره في برنامجه، بشأن تواطؤ الغرب في الإبادة الجماعية والأيديولوجية الصهيونية، مواجهًا مورغان بالاستشهاد من مسرحية «ماكبث» لشكسبير: «يدك ملطّخة بالدماء. كل عطور الجزيرة العربية لن تستطيع تطييب هذه اليد» في إشارة واضحة إلى الدور التحريضي الذي لعبه مورغان في تبني السردية الإسرائيلية وفبركة الأحداث، إذ ما برح يسوّغ الإجرام الإسرائيلي بحق غزة متبجّحًا بحق الكيان بالدفاع عن نفسه.
ردود الأكاديمي الإيراني محمد مرندي جعلت منه نموذجًا في الذكاء وقوة البيان والاتزان، إذ تعامل مع الأسئلة الاستفزازية بهدوء وثقة، مستخدمًا المنطق والحجج الأخلاقية والسياسية لكشف التناقضات الغربية في الخطاب الإعلامي.
تفكيك الخطاب الغربي
من أبرز ملامح رده تفكيك الخطاب الغربي، إذ أشار إلى أنّ الإعلام الغربي يمارس ازدواجية المعايير، فيغض الطرف عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، بينما يهاجم كل من يندد بها كما يحصل حاليًا مع إيران. كان يحاجج بالوقائع، ولم ينفعل أو يتهرب، بل واجه بوقائع دامغة عن جرائم الحرب في غزة، ودور الغرب في تمويل وتسليح الاحتلال.
قلب مرندي الطاولة، محوّلًا النقاش من موقع الدفاع إلى الهجوم، مبيّنًا كيف أن قنوات مثل «سكاي نيوز» هي أداة دعائية تخدم مصالح الاحتلال، بدل أن تكون منصات للبحث عن الحقيقة. هذا النوع من الردود أثار إعجاب كثيرين في العالمين العربي والإسلامي، لأنه لا يكتفي بالتسويغ أو التهدئة، أيضا يعرّي النفاق الغربي بلغة رزينة وموثقة بالأدلة.