حسين كوراني/ خاص موقع أوراق
بعد العدوان الإسرائيلي المباغت على إيران في 13 حزيران الجاري، برز مجدّدًا اسم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي، وذلك بعد تهديدات وجهها له كل من رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب باغتياله و"لكن ليس الآن". تهديد ترامب لاقى استنكارًا على مستوى العالم الإسلامي، وذلك لما يمثله السيد الخامنئي من مكانة دينية وسياسية ليس على فقط في إيران بل في جميع الدول والمجتمعات الإسلامية، خاصة أنه أصبح المدافع الأكبر عن القضية الفلسطينية والشخص الأبرز في مسألة الصراع مع "إسرائيل".
من هو السيد الخامنئي
وُلد قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي في مدينة مشهد عام 1939في كنف أسرة عالمة مجتهدة تعيش حياةً بسيطة. في العام 1958 دخل إلى حوزة قم العلمية لإكمال الدراسة الدينية العليا على يد كبار الأساتذة والعلماء، ووصل لمرتبة مجتهد ديني.
بدأ السيد في العام 1963 بالتأليف، فكان له العديد من المؤلفات الدينية المهمة. ولديه إلمام كبير بالشعر والأدب كما أنه يجيد عدّة لغات منها التركية والعربية والفارسية.
حياته الجهادية ضد الشاه
خاض السيد الخامنئي حياة كفاح طويلة ومريرة ضد نظام الشاه، حيث كان يقيم اجتماعات عدة تزامناً مع اشتعال الثورة الإسلامية بقيادة أستاذه الإمام الخميني، تضم كافة طبقات الشعب المختلفة وخاصة الشباب والطلاب الجامعيين. مع بدء الثورة بدأ السيد نضاله بشكل أوسع وأعمق باعتباره أحد أقرب الشخصيات الموالية للإمام، حيث كان رائدًا في بيان المفاهيم الإسلامية والثورية وإرساء القواعد الفكرية العليمة.
استمر نضال السيد 16عاماً، سُجن خلالها 5 مرات على يد السافاك، كان أولها خلال أحداث 4 حزيران 1963، وتعرض للتعذيب ولوحِق وتم التضييق عليه، ولم يثنه ذلك عن اكمال ما بدأه.
بعد انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 شغل السيد الخامنئي عدد من المسؤوليات الهامة منها منصب رئيس الجمهورية، وقد حصل عام 1981 على أكثر من 16 مليون صوتاً من مجموع 17 مليوناً، وأعيد انتخابه لفترة رئاسية ثانية.
بعد رحيل الامام الخميني عام 1989 اختار مجلس خبراء القيادة السيد الخامنئي لمنصب الولي الفقيه، وكان الإمام قد طرح اسمه قبل وفاته، بسبب تضحياته ودوره الكبير في انتصار الثورة.
مكانته الدينية والسياسية
يعتبر السيد الخامنئي من أكبر مراجع الشيعة في العالم مكانةً، حيث يقلده الكثيرون في الأمور الدينية والسياسية في العديد من الدول، وينظرون اليه كقائد جهادي وسياسي وديني استثنائي. ولم تنحصر مكانته عند الشيعة فقط بل تمتد للعديد من المجتمعات السنيّة التي ترى فيه المسلم المدافع عن قضايا الأمة الإسلامية جمعاء. فهو ساند الكثير من المسلمين المستضعفين في العالم وخاصة الفلسطينيين، كما سعى لعقد مؤتمرات في طهران تقرب وجهات النظر بين مذاهب المسلمين كافة وتعمل على حل خلافاتهم.
وكان السيد الخامنئي من أبرز الداعمين لحركات المقاومة في العالم طبقاً للعقيدة التي يؤمن بها بحق الشعوب في تقرير مصيرها وأن تنعم بالحرية، إضافة إلى دعمه الكبير للقضية الفلسطينية.
مواقف منددة بعد التهديد باغتياله
أدى تهديد ترامب باغتيال السيد الخامنئي الى حالة من الاستنكار لدى العديد من الشخصيات والأحزاب الإسلامية في جميع العالم، إذ أدان المرجع الديني الأعلى في العراق السيد علي السيستاني بشدة استمرار العدوان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، محذرًا من أي تهديد يمسّ القيادات الدينية والسياسية العليا في إيران.
ودعا السيد السيستاني في بيان المجتمع الدولي، ولا سيّما الدول الإسلامية، إلى تحمّل مسؤولياتهم الإنسانية والأخلاقية، وبذل أقصى الجهود لوقف هذه الحرب الظالمة على إيران. وعمّت المظاهرات عدد من المدن العراقية منددة بتهديد ترامب.
هذا، ووجّهت جماعة "الإخوان المسلمين" رسالةً إلى قائد الثورة والجمهورية الإسلامية في إيران، أكّدت فيها دعمها الكامل لطهران، في مواجهة العدوان الإسرائيلي.
وشدّدت الجماعة على أنّ العدوان الإسرائيلي على إيران يمثّل "مرحلةً جديدةً من العدوان على فلسطين المحتلة"، مضيفةً أنّ "دوافع الانتقام من جرّاء الدعم الذي تقدّمه الجمهورية الإسلامية إلى المقاومة الفلسطينية".
كما استنكرت الأمانة العامة للرابطة الإسلامية الشيعية العالمية والمجلس الاستشاري للرابطة في دول العالم حديث الإدارة الأمريكية عن التفكير في اغتيال المرجع الديني المجاهد السيد علي الحسيني الخامنئي الذي ترجع له ملايين الشيعة حول العالم، وتساءلت الرابطة "هل نزل مستوى الإدارة الأمريكية إلى لغة المجرمين والتهديد بالقتل للرموز الدينية".
وفي السياق، اعتبر حزب الله أن "التهديد بالقتل حماقة وتهوّر له عواقب وخيمة"، مؤكدًا أن "هذه التصريحات تمثل إساءة مباشرة لمئات الملايين من المؤمنين والمحبين للإمام الخامنئي، ولنهج المقاومة الإسلامية في إيران والمنطقة".
أما "تجمع العلماء المسلمين" لفت إلى أن "التهديد بالقتل والاغتيال للولي الفقيه السيد علي الخامنئي هو دليل إفلاس وفشل، وهم يظنون انهم بقتل القادة سيكسبون المعركة وستنهزم الأمة، في حين أن التاريخ اثبت انه كلما استشهد منا قائد قام قائد مكانه وحمل الراية واستمر بقيادة الأمة أو الجماعة نحو الهدف المنشود وهو زوال الكيان الصهيوني".
وتشهد العديد من الدول لقاءات استنكار من ضمنها لبنان واليمن وفلسطين والعراق، كما سيشهد هذا الأسبوع عدد من اللقاءات للتنديد بهذا التهديد بالاغتيال.