الأخبار
بعد إطلالاته الإعلامية التي انطبعت بتناقضات كثيرة، والموقف الذي أطلقه بُعَيد وصوله إلى باريس حول حصيلة لقاءاته في بيروت، جاء الموقف الأخير للموفد الأميركي إلى سوريا ولبنان توماس برّاك على منصة «أكس»، والذي قال فيه إن «مصداقية الحكومة اللبنانية تستند إلى قدرتها على التوفيق بين المبادئ والتطبيق. وكما قال قادتها مراراً، من الضروري أن تحتكر الدولة وحدها السلاح». وأضاف: «ما دام حزب الله يحتفظ بالسلاح، فلن تكون الكلمات كافية. يجب على الحكومة وحزب الله أن يلتزما بالكامل ويتخذا خطوات عملية الآن، كي لا يُحكم على الشعب اللبناني بالبقاء في حالة الجمود والتعثّر».
موقف براك كان له الطابع التحذيري، وترافق مع حملة إعلامية داخلية تهويلية تولتها وسائل اعلام بطلب من السفارة الاميركية في بيروت، وهي المنابر نفسها التي تولّت منذ مغادرة الموفد الأميركي، تسريب أجواء تشاؤمية تتحدّث عن «عدم اقتناع الولايات المتحدة بالجواب اللبناني الأخير، ولا حتى الموقف الذي نقله رئيس مجلس النواب نبيه بري»، مُروّجةً لفكرة أن «لبنان دخل في مدار الخطر وهو على بعد خطوات من جولة تصعيدية ستقوم بها إسرائيل لتنفيذ ما لم تقم به الدولة اللبنانية».
واليوم، بدا ان رئيس الحكومة نواف سلام اكثر المتأثرين بهذه المناخات، وهو عاد من باريس حاملا طرحا نقله الى الرئيس نبيه بري، يقضي بانعقاد مجلس الوزراء في جلسة خاصة، لمناقشة ملف السلاح، والاعلان عن التزام لبنان بتنفيذ قرار حصرية السلاح بيد الدولة. ومع ان سلام قال انه غير ملتزم بالاجندة التي عرضها براك، لكنه حاول مع رئيس المجلس الوصول الى «مبادرة لبنانية». ويبرر سلام موقفه بأن ذلك سيساعد على تعطيل مشروع سحب قوات الـ«اونيفل» من الجنوب، ويمنع الاميركيين من اعلان مواقف تصعيدية يمكن ان تكون غطاء لعدوان اسرائيلي جديد على لبنان.
وقد بات واضحا من خلال إعادة ملف التجديد الدوري لـ«اليونيفل» نهاية آب المقبل إلى الواجهة، ضمن حملة ابتزاز لبنان مجدّداً بأنه لن يتم التجديد لها بشكل تلقائي، وبأن هذا ما اتُّفق عليه في المحادثات الأميركية - الفرنسية في باريس، وذلك بعد الإيحاء بتقليص ميزانيتها والدفع نحو إنهاء مهمتها، إلّا في حال إدخال تعديلات على دورها، ليصبح من دون قيود، وتكون لها حرية مطلقة في تفتيش أيّ مكان بمعزل عن مؤازرة الجيش اللبناني.
وفيما تقول مصادر مطّلعة إن «إنهاء مهمة اليونيفل وإخراجها من الجنوب هما مطلب إسرائيلي بالدرجة الأولى، وهو ما تعمل عليه»، لفتت إلى «أن ما نسمعه اليوم من تهويل داخلي هو مطلب أميركي يدخل في إطار الضغوط الدولية على لبنان الذي لم يقدّم تنازلاً لبرّاك في ما خصّ مطلب سحب سلاح حزب الله ضمن مهلة زمنية محدّدة (لا تتجاوز نهاية العام) وبناءً على قرار في مجلس الوزراء وموافقة معلنة من الحزب»، خصوصاً بعد أن «رفض الموفد الأميركي تقديم أي ضمانات بعدم حصول تصعيد إسرائيلي أو قيام إسرائيل بخطوات مقابلة».
وكشفت المصادر أن «هذا التهويل طلبه برّاك نفسه من اللبنانيين حين أكّد أمامهم أنّ عليهم أن يفعلوا شيئاً للضغط على حزب الله، وهو ما ترجمه النائب السابق وليد جنبلاط بقوله إن «على حزب الله أن يقتنع بأن احتفاظه بسلاح ثقيل سيجلب الويلات على لبنان، كما أنني لا أؤمن بإمكانية تجريد السلاح بالقوة وهنا لا بُدّ من دعم دولي للجيش اللبناني».
ووفقاً للمصادر نفسها، فإن «ما يطلبه الأميركيون يستحيل القبول به، ولا سيما في ظل المتغيّرات الحاصلة، خاصة في سوريا»، مشيرة إلى أن «لبنان يرصد نتائج المفاوضات السورية - الإسرائيلية في باريس، خاصة أن العلاقة اللبنانية - السورية مذكورة كبند أساسي في الورقة الأميركية، ولأن هذه المفاوضات سيكون لها تأثير كبير على ملفات مشتركة بينها الحدود والاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن مطالب إسرائيلية مفروضة على سوريا مرتبطة بحزب الله ولبنان».
هذه الأمور وغيرها، كانت من ضمن النقاشات التي حصلت في لقاء رئيس الحكومة مع رئيس مجلس النواب، إذ أطلع سلام بري على نتائج زيارته الرسمية إلى باريس ولقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وما تخلّل ذلك من تأكيد فرنسي بخصوص «دعم لبنان في مختلف المجالات، فضلاً عن تأكيد العمل على التجديد لقوات اليونيفل في إطار الحفاظ على الاستقرار في الجنوب»، كما قال رئيس الحكومة.
وربطاً بالتطورات السورية، التقى المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان في دارته في خلدة، وبحث الطرفان آخر المستجدات السياسية والأمنية التي تمر بها المنطقة ولبنان وسوريا، وتوقّفا عند الأحداث الأليمة في محافظة السويداء، وأكّدا «حق كل المكوّنات السورية في أن تكون محمية في بلادها وشريكة في الحكم وإدارة البلد».