اوراق خاصة

المقاومة اللبنانية مصدر إلهام وشوكة في خاصرة الأعداء

post-img

حمزة البشتاوي/ كاتب وإعلامي فلسطيني

صباح اليوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر في العام 2023، استفاق العالم وحلفاء المقاومة في فلسطين، على صوت "معركة طوفان الأقصى"، ثم انطلاق الحرب الدموية الصهيونية على قطاع غزة.

وفي يوم التالي/ اليوم الثامن من تشرين الأول/أكتوبر في العام 2023؛ أعلنت مجموعة الشهيد القائد عماد مغنية تنفيذ عملية عسكرية؛ استهدفت فيها ثلاث مواقع للاحتلال الإسرائيلي، في منطقة مزارع شبعا المحتلة، تضامنًا مع الشعب الفلسطيني ومقاومته، ثم تحول هذا الدعم والتضامن إلى ما عُرف لاحقًا بــ"جبهة الإسناد اللبنانية" لتخفيف أهوال الحرب الوحشية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي تحمل آثارًا كبيرة تتعلق بمصير المنطقة ومستقبلها، وليس غزة والدول المحيطة بفلسطين وحسب.

لقد خاضت المقاومة اللبنانية معركة الإسناد دعمًا لغزة ودفاعًا عن لبنان، بهدف واضح ومحدد وهو عدم الاكتفاء بالكلمات، بل تقديم الدماء والتضحيات، بهدف ودافع إنساني وأخلاقي وديني، ولكي لا يقال بأن شعوب وقوى ودول وأنظمة هذه المنطقة، جميعها بلا إنسانية وبلا أخلاق وبلا دين.

هذا؛ ولأن المقاومة اللبنانية تمتلك بُعدًا إنسانيًا وأخلاقيًا، وخيار المقاومة بالنسبة إليها ليس خيارًا عابرًا؛ هو خيار حياة، تحركت المقاومة بجرأة وشجاعة وإيمان لمساندة قطاع غزة، وذلك انطلاقًا من إيمانها العميق بعدالة القضية الفلسطينية ومظلومية الشعب الفلسطيني.

لذلك قررت المقاومة القيام بالواجب الديني والمسؤولية الإنسانية والأخلاقية، وتقديم الإسناد والدعم للشعب الفلسطيني الذي يخوض معركة الدقاع عن النفس، ويكافح من أجل حقوقه المشروعة وتحرير أرضه من الاحتلال المدعوم من الولايات المتحدة وقوى الهيمنة ومشاريعها التي تشكل خطرًا على المنطقة بأكملها، من خلال أطماعها ودعمها للمشروع الصهيوني الذي يسعى لعودة الاستيطان في قطاع غزة وضم الضفة الغربية، وتثبيت ما يسمى بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، وصولًا إلى تحقيق الأطماع الإستيطانية في لبنان.

في مواجهة حرب الإبادة والأطماع الإستيطانية التوسعية وارتكاب المجازر ضد الأرض والإنسان، اتخذت المقاومة اللبنانية قرارها بعدم الوقوف على الحياد، كما فعل أصحاب المواقف المتخاذلة الذين شجعوا كيان الاحتلال على ااإستمرار في حرب الإبادة على قطاع غزة والعدوان على لبنان.

ومع استمرار الحرب والعدوان ما تزال المقاومة اللبنانية على الموقف المبدئي والأخلاقي نفسه من دون أي تراجع، على الرغم من القصف وتدمير المباني والبنى التحتية والاغتيالات والكثير من التضحيات، وما تزال كلمات الشهيد الأسمى السيد حسن نصر الله خاصة؛ عندما قال للشعب الفلسطيني: "نحن معكم، ولن نترككم، ويمكنكم في الشدائد أن تراهنوا علينا وكفى".

هي دليل نظري وعملي لجميع الأحرار الشرفاء أبناء المقاومة في لبنان الذين جسدوا هذه الأقوال بالأفعال، وبمقاومة قوية لا تنكسر، مهما كان حجم التآمر والخذلان، وتقدم الموقف والسلاح والدماء، وما هو غير معلن ومتروك كشفه للمستقبل والأيام.

في تحديد دقيق للفرق بين موقف ودعم وإسناد وتضامن المقاومة اللبنانية مع غزة وفلسطين ومواقف ودعم الأنظمة الرسمية العربية، ومن يدور في فلكها يقول أحد أبناء قطاع غزة: إن من يبخل في تقديم الحليب والأرز والعدس، ليس كمن يقدم الدماء وأغلى وأثمن التضحيات.

إن العلاقة ما بين المقاومة اللبنانية المحاصرة من كل الجهات وقطاع غزة المحاصر بالقتل والتجويع، هي علاقة نضال وصمود مشترك وإرادة ثابتة تتحدى الاحتلال، وتبني جسورًا من الأمل واليقين بالنصر، وفقًا لرؤية استراتيجية تنبض بالثقة وتجربة واقعية كان لها الدور الجوهري في ترسيخ فعل وثقافة المقاومة كشريان حياة. وهذا ما يفسر جانب من القدرة الاستثنائية على الصمود والصبر في مواجهة أطول وأعنف وأشرس حرب يشنها الاحتلال منذ تاريخ إنشائه على أرض فلسطين.

والتاريخ اليوم وغدًا؛ لا يجامل ولا ينسى، وسوف يسجل بوضوح من كان مع فلسطين قلبًا وقالبًا، ومن خذلها بشعارات جوفاء وتواطئ مع الأعداء والتخفي وراء العجز والصمت القاتل.

لقد حافظت المقاومة اللبنانية على تميزها، ليس فقط على صعيد ما تقدمه من دعم وإسناد، بل باستمرارها بالالتزام بمبادئها التي لا تقبل المساومة أو التراجع عن نصرة غزة وفلسطين.

في هذا تأكيد على صحة وصوابية النهج والطريق الثابت والأصلي، وعلى أن المقاومة وبيئتها الحاضنة، ستبقى شوكة في خاصرة الأعداء ومصدر إلهام للشرفاء والأحرار في هذه المنطقة والعالم.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد