أوراق ثقافية

فيلم «فلسطين 36» يدخل المنافسة على جائزة الأوسكار

post-img

أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية اختيار فيلم «فلسطين 36» للمخرجة آن ماري جاسر ليكون الممثل الرسمي لدولة فلسطين في جائزة الأوسكار في دورتها الثامنة والتسعين عن فئة الفيلم الدولي الطويل، والمقررة إقامتها في الخامس عشر من آذار/مارس المقبل. ويأتي هذا الترشيح ليكون الفيلم الثامن عشر الذي تقدمه فلسطين منذ بدء مشاركتها في هذه الجائزة العالمية في العام 2003، في خطوة تحمل الكثير من الدلالات الثقافية والسياسية في آن واحد.

الفيلم يعود إلى العام 1936 ليستعيد الثورة الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني، تلك اللحظة التاريخية التي حملت أولى شرارات النضال الوطني الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال. ومن خلال شخصية «يوسف»، الشاب الممزق بين قريته البسيطة ومدينة القدس المشتعلة، يرسم الفيلم لوحة عن فلسطين التي كانت تتشكل وسط تصاعد الهجرات اليهودية القادمة من أوروبا، وضغط الاستعمار البريطاني، وصوت الشعب المطالب بحقه في أرضه.

استعادة هذه اللحظة التاريخية اليوم لا تنفصل عن الراهن المأساوي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، حيث ما زالت مشاهد الدم والدمار في غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 شاهدة على استمرار المأساة.

وهكذا يربط الفيلم بين ذاكرة الأمس وجرح الحاضر، ليؤكد أن القضية الفلسطينية ليست حدثًا عابرًا، بل سردية متواصلة لم تنكسر.

جاء العمل ثمرة تعاون واسع بين مؤسسات عربية ودولية، إذ شاركت في إنتاجه فلسطين إلى جانب قطر والسعودية والأردن، وحظي بدعم من مؤسسات مثل مؤسسة الدوحة للأفلام وصندوق البحر الأحمر وصندوق الأردن للأفلام والهيئة الملكية الأردنية للأفلام، إضافة إلى مساهمات فلسطينية وعربية مستقلة.

هذا الدعم يعكس قناعة عربية ودولية بأن السينما الفلسطينية قادرة على أن تكون صوتًا جامعًا للحرية والعدالة.

من المقرر أن يُعرض الفيلم لأول مرة عالميًا في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي في دورته الخمسين خلال أيلول/سبتمبر المقبل، ضمن قسم «العروض الكبرى» المخصص للأعمال ذات القيمة الفنية والإنسانية الكبيرة، وهو ما يمنحه دفعة قوية قبل دخوله سباق الأوسكار.

يضم الفيلم مجموعة من الأسماء اللامعة التي جمعت بين العالمية والجذور الفلسطينية والعربية، من بينهم الفنان البريطاني الحائز على جائزة الأوسكار جيرمي آيرونز، والفنانة الفلسطينية هيام عباس، والفنان كامل الباشا الفائز بجائزة أفضل ممثل في مهرجان البندقية، إلى جانب صالح بكري وياسمين المصري وجلال الطويل، والممثل التونسي ظافر العابدين. كما يشارك عدد من المواهب الفلسطينية الجديدة مثل ورد حلو ووردة عيلبوني ويافا بكري وكريم داوود عناية.

أما خلف الكاميرا، فقد اجتمع فريق عالمي من المبدعين بقيادة مديرة التصوير هيلين لوفارت، والمونتيرة تانيا ريدين، ومصمم الديكور نائل كنج، ومصمم الأزياء حمادة عطا الله، مع موسيقى تصويرية وضعها المؤلف الشهير بن فروست، ليشكل العمل في مجمله ملحمة سينمائية متكاملة.

المخرجة آن ماري جاسر صاحبة مسيرة حافلة بدأت مع فيلمها الشهير «ملح هذا البحر» الذي دخل مهرجان كان العام 2007، تلاه فيلم «لما شفتك» (2012) الذي حصد جائزة مهرجان برلين، ثم فيلم «واجب» (2017) الذي جال المهرجانات العالمية محققًا أكثر من ست وثلاثين جائزة. كما شاركت جاسر في لجان تحكيم كبرى المهرجانات العالمية، وهي عضو في الأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون السينمائية والأكاديمية البريطانية للسينما، إضافة إلى عضويتها في أكاديمية آسيا والمحيط الهادئ.

هي إلى جانب ذلك أسست «دار جاسر» في بيت لحم كمؤسسة مستقلة تهدف إلى رعاية المواهب الفلسطينية الشابة وتوفير فضاء ثقافي يدعم التعبير الفني والحرية الإبداعية.

تقول جاسر عن فيلمها: «كان حلمي أن أصنع فيلمًا عن ثورة 1936 منذ سنوات، لكن ليس من زاوية تسجيلية، بل من خلال قصة إنسانية حميمة عن شخصيات عادية تجد نفسها أمام قرارات كبرى تغير حياتها إلى الأبد. أردت أن أُظهر كيف يمكن للتاريخ أن يمر عبر تفاصيل إنسانية صغيرة».

تضيف: «كان العمل على هذا الفيلم الأصعب في حياتي، خصوصًا أنه جاء في وقت يتعرض فيه شعبنا لإبادة ممنهجة في غزة. لكن وسط هذا الألم، وُلد الفيلم أيضًا بالحب والإصرار والأمل».

 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد