اوراق خاصة

لبنان على حافة العطش.. أزمة المياه والإنذار الأخير..!

post-img

محمد باقر ياسين / خاص موقع أوراق

يشهد لبنان، في هذا العام، أزمة مياه حادة غير مسبوقة؛ حيث فقدت بحيرة القرعون أكثر من 60% من مخزونها المائي خلال سنة واحدة، بينما جفت بحيرة البياضة في بعلبك، وعجزت شبكات المياه في الجنوب عن تلبية حاجة السكان بسبب تدمير 60% من مصادر المياه السطحية والآبار بفعل الاعتداءات الإسرائيلية والإهمال الرسمي (البنك الدولي، منظمة أوكسفام).

هذا الواقع يشكل تهديدًا مباشرًا على الزراعة والبيئة ووتوفير المياه الصالحة للشرب، ويستدعي تحركًا عاجلًا من الدولة والمزارعين والمواطنين؛ على حد سواء.

انهيار مائي وزراعي في بحيرة القرعون والبقاع

وفقًا لسجلات مصلحة مياه الليطاني:

•    انخفض مستوى بحيرة القرعون من 849.51 مترًا فوق سطح البحر، في 22 آب 2024، إلى 838.06 مترًا في 22 آب 2025.

•    كما تراجع المخزون من 133.092 مليون متر مكعب إلى 53.312 مليون متر مكعب، ما أدى إلى توقف كامل لإنتاج الطاقة الكهرومائية (8.46 م³/ث في 2024 إلى صفر في 2025).

كما أشار المدير العام للمصلحة السيد سامي علوية، في تصريح صحفي، إلى أن المتساقطات لم تتجاوز 40% من معدلها السنوي، محذرًا من الاعتماد المفرط على الآبار الجوفية التي بلغت نسبة جفافها 60%، فيما المياه الأقدم انخفضت حتى 80%.

في المقابل؛ امتنع نحو 70% من مزارعي البطاطا، في البقاع الأوسط والشمالي، عن زراعة حقولهم، بينما تُرك أكثر من 100 ألف طن من المحاصيل مخزنة ومكدسة في البرادات بسبب انخفاض الأسعار وتكلفة الري المرتفعة.

كارثة بحيرة البياضة والتحولات المناخية

في منطقة رأس العين في مدينة بعلبك في محافظة البقاع، انعكس الجفاف على حياة السكان اليومية، حيث باتوا يشترون المياه بعدما كانت البحيرة مصدر ارتواء واكتفاء ذاتي، هذا بحسب شهادات أهالي المنطقة.

هذا؛ ويؤكد الخبير البيئي دوميط كامل، في مقابلة صحفية، أن: "لبنان سجل أكثر من 225 يومًا من الجفاف التام، في العام الماضي، مقارنة بأقصى حد تاريخي سابق بلغ 70 يومًا، فيما وصلت درجات الحرارة إلى 40 درجة على الساحل و43 في البقاع في تموز العام 2024".

كما يشير الخبير كامل إلى أن محاصيل أساسية: مثل المشمش والكرمة واللوز، لم تعد تنمو فوق 800 متر، والنباتات البرية بدأت تذبل، ما يضع الزراعة في مواجهة أزمة بيئية وزراعية حادة.

تدمير شبكات المياه في الجنوب

منذ اعتداءات العدو الصهيوني، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرضت شبكات المياه في الجنوب لتدمير واسع، حيث دُمّرت:
•    26 محطة ضخ.
•    28 شبكة أنابيب.
•    46% من الخزانات العامة الكبيرة.
•    64% من خزانات القرى

هذا كله حرم 700 ألف شخص من المياه المنتظمة؛ وفقًا لتقارير من: البنك الدولي، منظمة أوكسفام، مكتب الأمم المتحدة الإنمائي).

أضف إلى ذلك استشهاد عدد من العاملين في أثناء أداء مهامهم، بينهم صالح أحمد مهدي ومحمود حسن عطوي، نتيجة القصف المباشر.

لقد تسببت الاعتداءات بتوقف تدفق 260 ألف متر مكعب يوميًا لري 6 آلاف هكتار، من أشجار الموز والحمضيات والخضار، فيما بلغت الأضرار المباشرة على البنية التحتية 171 مليون دولار، مع أعباء إضافية على المشتركين لشراء المياه بأسعار تصل 10 أضعاف الأسعار الرسمية.

النجاة من الجفاف.. تحذيرات وإجراءات عملية

يواجه لبنان، في هذا العام، شحًا مائيًا غير مسبوق، حيث لم تتجاوز معدلات الأمطار 30-40% من المعدل السنوي في معظم المناطق، ما يهدد الزراعة، البيئة، والحياة اليومية للمواطنين (وزارة الزراعة، مصلحة الأرصاد، مصلحة مياه الليطاني).

لتخفيف آثار الأزمة، توصي الجهات الرسمية والخبراء بما يلي:

* الترشيد المنزلي والري بالتنقيط لتوفير المياه.

* الحفاظ على رطوبة التربة وتجنب الحراثة الزائدة.

* استخدام الأسمدة العضوية والأغطية البلاستيكية للحد من التبخر.

* إصلاح الشبكات المنزلية والزراعية ومنع هدر المياه.

* تنسيق توزيع المياه مع الجهات المعنية لضمان الاستفادة القصوى.

خلاصة القول، بين الجفاف الكارثي، وتدمير البنية التحتية، وغياب السياسات الحكومية الفاعلة، يواجه لبنان خطرًا مائيًا وزراعيًا وبيئيًا وجوديًا. وفي الوقت ذاته، تؤكد المؤسسات والخبراء أن اعتماد الإجراءات الوقائية، مثل الترشيد وصيانة الشبكات والري بالتنقيط، يمكن أن يخفف من آثار الكارثة.

لكن يبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح السلطات والمزارعون والمجتمع الدولي في إنقاذ لبنان من كارثة مياه شاملة ومستدامة، أم أن البلاد ستدخل حقبة جديدة من شح المياه والانهيار البيئي؟

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد