اوراق خاصة

الحكومة وخطة الجيش.. كل الاحتمالات مفتوحة

post-img

حسين كوراني

يعيش اللبنانيون حالًا من الترقب والحذر بانتظار جلسة مجلس الوزراء، يوم غد الجمعة، والمخصصة لعرض خطة الجيش لنزع سلاح المقاومة. ومن أجل ذلك تتكثَّف الاتّصالات بهدف توفير أجواء هادئة ومنتجة، تقي لبنان الانزلاق نحو مواجهة أنصار المقاومة، في الشارع، وتحديدًا الثنائي الشيعي الوطني.

يبدو أن حزب الله بعث برسائل واضحة، في حال المس بسلاحه، وهذا ما عبرت عنه قناة "المنار"؛ فقد ورد في مقدمة نشرتها الإخبارية المسائية خبر يشير إلى أن: "الاتّصالات قائمة على قاعدة إيجاد صيغة مناسبة لتجاوزِ قراري الحكومة السابقين على مستوى حصرية السلاح، وإلا فإن احتمالات التصعيد كلها مفتوحة، بما فيها عدم تعاون حزب الله مع الجيش حتّى في جنوب الليطاني".

ما صدر عن "المنار" لا يمكن أن يُقرأ على أنه وجهة نظر إعلامية فحسب، هو خطاب سياسي مدروس يراد له أن يصل إلى المعنيين في الداخل والخارج. وهذا الموقف يضع الحكومة أمام معادلة صعبة: هي من جهة تحتاج إلى الحفاظ على الاستقرار وتأكيد دورها بصفتها مرجعية شرعية، لكنّها من جهة أخرى لا تستطيع الدخول في مواجهة مفتوحة مع حزب الله في ظل موازين القوى الحالية. لذلك؛ قد يُفهم أن الحزب يتعمّد رفع سقف التحدي، حيث يضع الجنوب في موقع المواجهة مع الحكومة، وفي الوقت نفسه يوسّع إطار الخلاف ليشمل لبنان كله. إذ برأيه، لا معنى لتنسيق محدود في الجنوب إذا كان الخلاف الإستراتيجي على امتداد الساحة الوطنية.

الأهم من ذلك كلّه، أن حزب الله يحاول يريد القول بهذه الرسائل للحكومة: "اكتفي بما تحقق". فهو يرى أن التوازنات الراهنة، على الرغم من تبدلهالغير مصلحته بعد جولة القتال الأخيرة، لا تسمح بالذهاب أبعد مما وصل إليه الوضع. 

بكلام آخر، يكون حزب الله قد رسم خريطة الطريق المقبلة: إذ إنّ جنوب الليطاني ليس ملفًا منفصلًا عن باقي لبنان، والسلاح ليس موضوعًا للتفاوض أو التنازل. الرسالة واضحة: على الحكومة أن توازن خطواتها بدقة، وأن تدرك أن أي محاولة لتجاوز الخطوط الحمر قد تعني فتح الباب على مرحلة جديدة من التصعيد.

بذلك، يتحول الجنوب إلى ورقة ضغط أساسية، ليس على "إسرائيل" هذه المرة، بل على الدولة اللبنانية نفسها، في معركة داخلية قد لا تقل تعقيدًا عن المواجهة مع العدوّ الخارجي.

بالعودة إلى جلسة مجلس الوزراء المرتقبة يوم الجمعة، كشفت مواقف وتسريبات مختلفة أنّ مصير جلسة الحكومة المقبلة مُرجّح بين احتمالات عدّة، أبرزها: أولًا تأجيل مناقشة خطّة الجيش، وثانيًا مناقشتها على مراحل بما يُفسح المجال أمام معالجة هادئة، وثالثًا عدم إعطاء أيّ موعد زمني لتنفيذ الخطّة إلى حين توافر ظروف أفضل، تجنّب البلاد أيّ خضّات.

على الرغم من تأكيد رئيس الحكومة نواف سلام إصراره على تنفيذ الخطة، مع ما يعتريها من المصاعب، قالت مصادر الثنائي الشيعي: "إنّ الاتّصالات مستمرة على مختلف المستويات، في شأن جلسة مجلس الوزراء، والاحتمالات كلها مفتوحة حيال مصيرها"، وعُلم أنه أُبلغ رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة سلام، ومن يعنيهم الأمر، بأنّ وزراء حزب الله وحركة أمل لن يشاركوا في الجلسة إذا كان جدول أعمالها محصورًا بخطّة الجيش، مع التشديد على عدم السماح لرئيس الحكومة بإدراج بنود شكليّة لجرّ الثنائي إلى فخّ جديد. 

كما أضافت المصادر: "أنّ الموقف النهائي سيتحدّد في ضوء الاتّصالات الجارية، خصوصًا بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادة حزب الله، إذ يبدي الرئيس عون مرونة ورغبة في معالجة ملف السلاح بعيدًا عن أي تشنج أو خلاف".

في المحصلة، في حال لم تقم الحكومة بالمباشرة بتنفيذ الخطة، أو في حال قامت بتنفيذها في ظلّ انقسام عمودي، لا يُهدّد حكومة سلام فقط إنّما يُهدّد البلاد كلّها ويضعها على شفير الهاوية، والأنسب هو معالجة هادئة مع عدم إعطاء أيّ موعد زمني لتنفيذ الخطّة إلى حين توافر الظروف المناسبة.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد