محمد باقر ياسين
يقف طلاب لبنان، اليوم، في عين عاصفتين: خطر الاعتداءات الإسرائيلية المتعمّدة التي تطال المدنيين، وباتت تستهدف حافلات تقلّ طلابًا، وخطر حوادث السير المتكرّرة التي تشهدها الطرقات اللبنانية، وتودي بحياة أطفال وتلاميذ وطلاب أو تتركهم مصابين بجروح خطيرة.
بين تهديد الحرب واستهتار السلامة العامة، يجد الطلاب أنفسهم الحلقة الأضعف في واقع يفتقر إلى حماية حقيقية؛ تضمن لهم أمنهم وحقهم الطبيعي في التعليم والحياة الآمنة.
الطلاب هدف مباشر للاعتداءات الإسرائيلية
في أعقاب سلسلة الاعتداءات الصهيونية الأخيرة، والتي طالت مدنيين في الجنوب وهددت الاستقرار، ناشد النائب حسن مراد المجتمع الدولي حماية الطلاب والمدنيين. وقد بات واضحًا أن الاعتداءات لا تميّز بين هدف عسكري ومدني، بل تتعمّد إصابة باصات تقلّ طلابًا، على الرغم من تمسّك لبنان الكامل بالقرار 1701.
استهداف الطيري… روايات تؤكّد استهداف الطلاب المقصود
أكد النائب علي فيّاض أن الاستهداف الإسرائيلي لبلدة الطيري وللباص الذي كان يقلّ طلابًا لم يكن حادثًا عرضيًا، بل هو جزء من نهج عدواني متصاعد، يعتمد الضغط النفسي والمعنوي عبر استهداف المدنيين، وبشكل خاص الطلاب، لإرباك حياتهم اليومية.
رئيس بلدية الطيري الحاج علي شعيتو أوضح أن شظايا الصواريخ أصابت باصًا مدرسيًا، بشكل مباشر، مؤكدًا أنّ العدو تعمّد ضرب السيارة أمام الباص وبعده لترهيب الطلاب ومنع عودة الحياة الطبيعية إلى القرى.
أما سائق الباص حسين وهبي، فقد روى لحظات الرعب التي عاشها مع الطلاب، مشيرًا إلى قوة الانفجار ورهبة المشهد داخل الباص، ومحاولته تهدئة الطلاب وحمايتهم على الرغم من الصدمة الكبيرة التي أصابتهم جميعًا.
الجامعات أيضًا في دائرة الخطر… التعليم تحت النار
الاعتداء الذي طال باص طلاب الجامعة الإسلامية، في بلدة الطيري الجنوبية، يؤكّد أن الخطر لا يستهدف فقط المدارس، الجامعات أيضًا. وقد شدّد الدكتور غسان جابر على أن الجامعة لن توقف مسيرتها، رافضًا أن يتحوّل الخوف إلى واقع يفرضه الاحتلال على طلاب لبنان. وروى حادثة الطالب الذي أصرّ أهله على إكمال امتحانه على الرغم من إصابة شقيقته، في مشهد يعكس صلابة وإرادة طلاب الجنوب.
حوادث السير… خطر داخلي يهدد حياة الطلاب يوميًا
في موازاة العدوان، يشهد لبنان سلسلة حوادث سير مرتبطة بباصات نقل الطلاب، ما يضيف خطرًا داخليًا لا يقلّ خطورة عن اعتداءات العدو الإسرائيلي. إذ خلال شهر واحد فقط، سُجّلت حوادث متتالية:
1. سقوط حافلة طلاب في بشامون.
2. انقلاب فان على طريق شحرور – صور.
3. حادث مؤسف في صيدا أدى إلى وفاة طفل.
4. اصطدام فان بحافلة طلاب في زحلة أدى إلى إصابات عدة.
هذا الارتفاع المقلق يكشف هشاشة شروط السلامة في وسائل النقل المخصّصة لتلاميذ المدارس وطلاب الجامعات.
وزارة التربية تدقّ ناقوس الخطر وتحدد المسؤوليات
مصادر وزارة التربية، خلال تصريح صحفي، تؤكد أن تكرار الحوادث يستدعي تحركًا جديًا، مشيرة إلى ضرورة:
1. التزام المدارس بوجود مراقب داخل كل حافلة.
2. إجراء صيانة دورية للحافلات
3. وجود تأمين شامل.
4. تحميل السائق والمدرسة المسؤولية في حال المخالفة
5. تشدد القوى الأمنية في إصدار محاضر ضبط بحق أي باص غير مطابق للشروط.
نخلص إلى أنه بين الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف الطلاب، في جزء من حرب نفسية ممنهجة، وحوادث السير المتكرّرة الناتجة عن ضعف الرقابة والاستهتار بالسلامة، يبرز سؤال أساسي: من يحمي طلاب وتلاميذ لبنان؟
إن حماية الطلاب والتلاميذ ليست مسؤولية ظرفية، بل هي واجب وطني وأخلاقي يقع على عاتق الدولة والمجتمع الدولي والمؤسسات التربوية.. فهؤلاء الطلاب والتلاميذ هم مستقبل لبنان، وحمايتهم اليوم هي أساس بناء غدٍ آمن وأكثر استقرارًا.