أوراق ثقافية

"سراج" تعيد فن الحكي إلى الواجهة بحكايات فلسطينية للعالم كله

post-img

اختتمت مكتبات "سراج، دار الحكايات"، في الضفة الغربية المحتلّة، فعاليات مهرجان ومؤتمر الحكي الدولي الذي جمع حكواتيين فلسطينيين ودوليين محترفين، لمشاركة "فن الحكي" مع المجتمعات المحلية والمدارس والجامعات والمكتبات في مختلف أنحاء فلسطين. واحتفت الفعاليات بـ"القوة الكامنة للقصص" وقدرتها على جمع الأشخاص وتعزيز انتمائهم لمجتمعهم.

تقول المديرة الفنيّة لـ"سراج، دار الحكايات" فداء عطايا: "إن المهرجان يسعى إلى تسليط الضوء على أهمية الحكايات الخرافية والقصص الشعبية وحكايات العجائب، مُكرّماً التقاليد الشفوية التي حفظتها النساء وتوارثتها الأجيال. وتشير إلى أن "فن الحكي" متجذّر في أقدم التقاليد الثقافية للإنسانية، وله حضور مركزي في الثقافة الفلسطينية. وتوضح عطايا أن "سراج، دار الحكايات"، وهي مؤسسة غير حكومية وغير ربحية، تعمل على تطوير "فن الحكي" من ممارسة مجتمعية إلى شكل فني نابض يمتلك مهرجاناته وأصواته المتنوعة، ويستضيف حكواتيين أجانب أسوة بمشاركة الحكواتيين الفلسطينيين في مهرجانات دولية. تضيف أن المهرجان يهدف أيضاً إلى "تعريف العالم بالحكايات الفلسطينية من أرض فلسطين، ليصبحوا جزءاً من هذه الحكاية الكبيرة؛ نستمع إليهم ويستمعون إلينا، ونحتفل بتاريخنا مع دول أخرى تهتم بفن الحكي".

جمع المهرجان والمؤتمر عشرات العاملين في "فن الحكي" والثقافة في فلسطين، ممن شاركوا في جلسات نقاش وعرضوا أبحاثاً أُعدّت خصيصًا للمؤتمر حول أهمية الأرشفة والتوثيق الشفوي والمكتوب للحكايات ودور الحكواتيين في حفظ التراث الفلسطيني. وإلى جانب عروض عدة في الضفة الغربية قدّمها حكواتيون فلسطينيون ودوليون، قدّم الحكواتي بسام أبو جيّاب عرضين للأطفال النازحين في إحدى مدارس قطاع غزة.

يأتي المهرجان ثمرة لعمل "سراج، دار الحكايات" منذ تأسيسها في العام 2005 بهدف خلق مساحات ثقافية عائلية في مناطق بعيدة عن مراكز المدن واستثمار المباني التاريخية المهجورة. وترى عطايا، التي احترفت "فن الحكي" على مدى عشرين عاماً، أن هذا الجهد المستمر "يسهم في تكوين جمهور متزايد"، مؤكدة أن تنظيم العمل في إطار مؤسساتي يرسّخ قواعد هذا الفن ويمهّد لمستقبله، ضمن طموح "سراج، دار الحكايات" إلى أن تصبح "المركز الوطني لفن الحكي". وتضيف: "نؤمن بأن التاريخ الشفوي الفلسطيني من حكايات وخرافات هو تاريخ غير مادي يُسمع ويُحسّ، وله مُكمّل مادي يتمثل في العمارة والملبس والمأكل. لذلك، سعينا إلى دمج هذين العنصرين، واخترنا بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة، في بيت المختار الذي كان ملتقى للسمر والتجمع. خلقنا مكاناً يشعر الناس فيه بالأمان والجمال، لتجذير وجودنا والحفاظ عليه عبر الحكاية".

توضح عطايا أن تأسيس أول مكتبات "سراج، دار الحكايات"، ومن ضمنها مقر بيرزيت شمال رام الله، جاء لخدمة المجتمعات المحلية في مخيمات اللاجئين والقرى. وتشدد على أن المكتبة، في رؤيتهم، "ليست فضاءً مغلقاً أو مقبرة للكتب، بل منصة للإبداع والتخيّل ورواية الحكايات، ومكان يحتضن الفنون والموسيقى". وتتابع: "نجاحنا يتجلى في تحويل الأماكن المهجورة إلى مراكز حيوية تغمرها القصص والحياة".

تؤمن عطايا بأن الفن، ولا سيما "فن الحكي"، أداة لتوثيق الواقع ونقده ومناقشته بعيداً عن الأساليب التلقينية المباشرة. وتقول: "فن الحكي يسعى إلى جمع الناس على الخير، وإبعادهم مؤقتاً عن فوضى الواقع إلى عالم خيالي يمنحهم الأمان، بما يساهم في عملية الشفاء ويمنحهم القوة. نحن الأحق برواية حكاياتنا، لذلك نعمل على إعداد حكواتيين محترفين مُدركين لعمق قصصهم. فالحكاية شهادة على تجارب إنسانية عاشت الألم، لكنها استعادت الحب والأمل".

الحكواتي الحديث: الامتناع عن لفت انتباه صبية مشغولة في هاتفها

إلى جانب النصوص الشعبية والتراثية، تعمل "سراج، دار الحكايات" مع حكواتييها على إنتاج نصوص جديدة وإعادة تقديم حكايات قديمة بأساليب عصرية تمزج الموسيقى والفنون البصرية بالسرد. من بين هذه الأعمال عمل جديد عنوانه "أصوات الأرض"، يجمع الأساطير بالحكايات الواقعية والمقاطع الشعبية، إضافة إلى توثيق شهادات من غزة ومخيمات النزوح ودمجها بالخيال والرمزية ضمن عروض الحكي.

تؤكد عطايا أن استمرار العمل في "سراج، دار الحكايات" يهدف إلى بناء شبكة واسعة تضع سياسات جديدة لفن الحكي في فلسطين، تمكّن الحكواتيين والحكواتيات من سرد القصص الفلسطينية الخرافية والواقعية. وتختم بالقول: "المكتبة بالنسبة لنا فضاء حي يجمع بين التاريخ الشفوي والتاريخ المكتوب، ولا يكتمل من دون شخص يروي الحكايات".

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد