اوراق مختارة

هل هنالك ضوء في آخر النفق؟

post-img

فادي عبود (صحيفة الجمهورية)

أعلن حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، خلال مؤتمر «بيروت 1»، أنّ لبنان يستهدف إنجاز قانون الفجوة المالية وتقديمه إلى مجلس الوزراء ثم البرلمان قبل نهاية العام. القانون، كما عرّفه الحاكم، يهدف إلى تحديد كيفية توزيع الخسائر المالية بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف التجارية، في محاولة لتنظيم المرحلة المقبلة ووضع حدّ للفوضى التي يعيشها القطاع.

وإذا كان هذا القانون يهدف فعلاً إلى إعادة الودائع للجميع كاملة وحالاً، فهذا أمر جيّد بلا شك، لكنّه غير كافٍ ما دامت الحقيقة الأساسية لم تُكشَف بعد، وما دام البلد لا يعرف حتى الآن كيف حصل ما حصل.

إنّ جوهر الأزمة هو في المسار الذي أنتج هذه الكارثة. فلا جدوى من نشر جداول حسابية، وبيانات عامة مبهمة، بل يجب أن يُوضَّح كيف تراكَمَت الفجوة، وكيف استُخدمت الودائع، وعلى أي أساس اتُّخذت القرارات المالية التي سمحت باحتجاز أموال الناس. الفهم الكامل لطريقة حصول ذلك هو وحده الضمان الحقيقي لعدم تكراره.

حتى الحديث عن إعادة الودائع كاملة، أي كما هي حالياً، لا يمكن التعامل معه كإنجاز بطولي. فالمودعون، حتى لو استعادوا أموالهم «كاملة»، يكونون قد خسروا فعلياً جزءاً من قيمتها، بسبب عدم دفع الفوائد والوسائل الملتوية التي اعتمدتها المصارف لتقليص الودائع منذ 2019. فوق ذلك، لا يمكن أن يلغي حقيقة أنّ الناس خسروا ما هو أهم: تعليم أولاد توقّف، علاج تعذّر، مؤسسات أقفلت، خطط حياة تبدّدت، ومستقبل عائلات بأكملها اهتزّ.

ونذكر هنا، أنّ أساس أي شيء يتعلّق بالإصلاح من الضروري أن يرتكز على قانون للشفافية المطلقة، كما ذكرنا مراراً. فالشفافية هي أهم نظام حماية لمنع كل أنواع الفساد، وأهمّها الكارثة المالية التي حصلت.

أمّا أي كلام عن شطب ودائع، فهو غير مقبول بالمطلق. إذا تبيّن أنّ أموالاً سُرقت، فيجب أن تُعاد إلى أصحابها مباشرةً، أو إلى حكوماتها إذا كان أصحابها من دول مثل سوريا أو العراق أو ليبيا وغيرها. سرقة السارق تظل سرقة، فلا يمكن قبول أن يسرق لبنان أموالاً لا تخصّه.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد