ندى أيوب (صحيفة الأخبار)
في جنوب المعمورة، ثمّة استثناء صارخ يُسمّى «إسرائيل». سكان هذه الأرض لا يتمتّعون بحماية القوانين وشرعة حقوق الإنسان كما يتمتّع بها الآخرون... إلا الإسرائيلي الذي إذا ما تعرّض حتى لخطر العوامل الطبيعية، تُفتح له الأجواء والممرّات الآمنة، ولو في بلد يسلب فيه الإسرائيليون أهله حقّهم بالعودة الآمنة إلى بيوتهم، ويعتدون عليه قتلاً وقصفاً وانتهاكاً للسيادة. مفارقة تتجلّى فيها ازدواجية المعايير الدولية ونفاق المجتمع الدولي تجاه القضايا الإنسانية. إذ يشرّع أجواء الدول لحماية إسرائيليين من سوء الطقس، ويضمّ آذانه عن حرب إبادة يرتكبها هؤلاء الإسرائيليون منذ عامين ضدّ الفلسطينيين واللبنانيين.
أمس، طلب قبطان طائرة تابعة للخطوط الجوّية اليونانية، تقلّ سياحاً إسرائيليين من مدينة لارنكا القبرصية إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، دخول المجال الجوي اللبناني، بذريعة الاضطرابات الجوّية الشديدة التي تفرض عليه اعتماد مسار طارىء يمرّ فوق بيروت، بحسب ما أبلغ الطيار برج الملاحة الجوّية في قبرص.
وبحسب المدير العام للمديرية العامة للطيران المدني اللبناني، أمين جابر، «تلقّينا طلباً قبرصياً كي نأذن للطائرة بدخول مجالنا الجوّي. وعندما رفضنا، أصرّ الجانب القبرصي، بناء لإصرار قائد الطائرة. وبالفعل دخلت الطائرة في عمق 20 ميلاً فوق بيروت، وحلّقت في الأجواء اللبنانية لمدة 13 دقيقة، على علوّ 29 ألف قدم. بعدها طلب المراقب الجوّي في مطار بيروت، التواصل مع الطيار لتنسيق الحركة في وقتٍ كانت تسير فيه حركة الملاحة بشكلٍ طبيعي في بيروت». وأضاف جابر أنّ قائد الطائرة «طلب إكمال رحلته فوق الأجواء اللبنانية، باتجاه الجنوب، ومن هناك باتجاه تل أبيب، فكان جواب المراقب الجوّي اللبناني أنّ الجنوب منطقة خطرة وأمنية ممنوع المرور فوقها».
وحتى لا يُفاجأ اللبنانيون مجدّداً إذا ما سُمح مرة أخرى بعبور إسرائيليين أجواءهم، فإنّ ذلك سيتكرّر إذا ما تعرّضت طائرة أخرى لظروف مماثلة، إذ إنّ «قانون الطيران المدني الدولي، يضع معيار السلامة فوق أي اعتبار، ويجبرنا على الحفاظ على سلامة الركاب مهما كانت المحاذير الأخرى. وفي حالات الطوارىء لا يمكن لأي بلدٍ وفق هذا القانون أن يمنع دخول أي طائرة إلى أجوائه».
في نهاية المطاف، وصل «العابرون» الإسرائيليون (ربما المشاركون في قتلنا) إلى منازلهم بأمانٍ، بينما الجنوبيون الذين لهم في هذه السماء حقّ يكفله دستور البلاد، لم تسعفهم الذرائع الإنسانية التي تفرض إيجاد الممرّات في ذروة الخطر.
ورغم أنّ هذه الظروف الجوّية العاصفة تتكرّر كل عام، لم يحدث من قبل أن سُمح لطائرة إسرائيلية بالمرور فوق الأجواء اللبنانية باتجاه تل أبيب. لذلك، فإنّ الخشية اليوم هي أن يكون التساهل والخضوع لإملاءات إسرائيل بات «عادة لبنانية».