اوراق خاصة

سياسة أمريكا الإمبريالية تجديد لثقافة الاستعمار القديم !

post-img

فادي الحاج حسن/ كاتب وباحث لبناني

تعدّ الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من القوى العظمى في العالم، وقد ارتبط اسمها بالعديد من المفاهيم السياسية والاقتصادية المعقدة، بما في ذلك الإمبريالية والاستعمار والعولمة. اتبعت أمريكا سياسات خارجية تهدف إلى توسيع نفوذها في مختلف أنحاء العالم، ما جعلها محطّ جدل ونقاش.

الإمبريالية الأمريكية تُعرّف بأنها مجموعة من السياسات والتوجهات التي تسعى إلى توسيع النفوذ الأمريكي عبر القوة العسكرية والدبلوماسية والاقتصاد. بدأت هذه السياسات تتبلور بعد الحرب العالمية الثانية، عندما أصبحت الولايات المتحدة القوة المهيمنة على الساحة الدولية. بداية؛ استخدمت أمريكا الجيش أداةً رئيسة لتحقيق مصالحها، حيث تدخلت في العديد من النزاعات العسكرية مثل الحرب في فيتنام، والغزو العراقي والحرب في أفغانستان.

على الرغم من انتهاء حقبة الاستعمار التقليدي، إلا أن العديد من النقاد يرون أن الولايات المتحدة تمارس "استعمارًا جديدًا" عبر فرض سياساتها وثقافتها على الدول الأخرى. يتمثل هذا الاستعمار في:

  1. الدعم العسكري: تقديم الدعم العسكري للأنظمة الحليفة، ما يؤدي إلى تعزيز النفوذ الأمريكي في تلك الدول.
  2. التدخل في الشؤون الداخلية: استخدام أدوات مثل العقوبات الاقتصادية والتدخلات المباشرة لتغيير الأنظمة التي لا تتماشى والمصالح الأمريكية.
  3. الشركات متعددة الجنسيات: استغلال الموارد الطبيعية في الدول النامية من خلال الشركات الأمريكية، ما يعزز من التبعية الاقتصادية.
  4. مؤسسات الضغط الداخلية: تعمل هذه المؤسسات ضمن القانون الامريكي للتأثير في السياسات الداخلية والعامة للدولة، ولا أحد يستطيع إدراك مدى قدرة هذه المؤسسات في السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية، ومن هي الجهات الفعلية المسيطرة عليها.

فرض العولمة الجديدة !

العولمة الجديدة هي مفهوم يرتبط بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت في العقود الأخيرة، إذ تتداخل الاقتصادات والثقافات بشكل متزايد. تعزز الولايات المتحدة هذه العولمة عبر:

  1. التحرير الاقتصادي: دفع الدول النامية نحو تحرير أسواقها وفتحها أمام الاستثمارات الأجنبية، ما يؤدي إلى تعزيز الشركات الأمريكية.
  2. التكنولوجيا والمعلومات: السيطرة على مجالات التكنولوجيا والمعلومات، ما يمنح أمريكا القدرة على تشكيل كيفية تفاعل الثقافات والاقتصادات.
  3. القيم الديمقراطية: فرض القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في جزء من السياسة الخارجية، ما يُعدّ وسيلة للتأثير على الأنظمة السياسية في الدول الأخرى.

تظل السياسة الإمبريالية الأمريكية موضوعًا معقدًا يتداخل فيه التاريخ والاقتصاد ووالثقافة. بينما يسعى البعض إلى فهم هذه السياسات وسيلةً لتعزيز السلام والديمقراطية. ويرى آخرون أنها تعبر عن طموحات هيمنة عالمية. في نهاية المطاف، يبقى تأثير أمريكا على العالم معقدًا، ولا يمكن فهمه إلا من خلال دراسة دقيقة للسياسات والممارسات التي تتبعها.

القيم الديمقراطية الكاذبة في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية:

رؤية من خلال الحزبين الجمهوري والديمقراطي؛ إذ تعدّ القيم الديمقراطية أحد الأسس الرئيسة التي تقوم عليها الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن هناك جدل واسع حول مدى التزام الحزبين الرئيسين، الجمهوري والديمقراطي، بهذه القيم. يتساءل الكثيرون عن مدى صدق هذه القيم عندما تتعارض مع المصالح السياسية والاقتصادية، ما يؤدي إلى انتقادات حول "الديمقراطية الكاذبة".

أولًا: الحزب الجمهوري

  1. الخطاب الشعبوي: يعتمد الحزب الجمهوري، في بعض الأحيان، على خطاب شعبوي يزعم أنه يمثل "صوت الشعب"، ولكن هذا الخطاب غالبًا ما يتجاهل قضايا حقوق الأقليات والمجموعات المهمشة. يستخدم هذا الخطاب لتحقيق مكاسب سياسية، ما يعكس تضاربًا مع المبادئ الديمقراطية.
  2. سياسات الانتخابات: هناك اتهامات للحزب الجمهوري بسن قوانين تهدف إلى تقويض حق التصويت، مثل قوانين تحديد الهوية في الانتخابات، والتي تؤثر بشكل غير متناسب على الناخبين من الفئات الضعيفة.

هذه السياسات تتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي تدعو إلى شمولية المشاركة.

ثانيًا: الحزب الديمقراطي

  1. الالتزام الانتقائي: بينما يُعرف الحزب الديمقراطي بأنه مدافع عن حقوق الإنسان والمساواة، إلا أن هناك انتقادات حول انتقائية التزامه بهذه القيم. في كثير من الأحيان، يتجاهل الحزب انتهاكات حقوق الإنسان في الدول التي هي حليفة لأمريكا، ما يثير تساؤلات حول مصداقيته.
  2. الفساد المالي: تُتهم الأحزاب الديمقراطية بقبول التبرعات الكبيرة من الشركات، ما يعزز من نفوذ المال في السياسة ويقوض من المبادئ الديمقراطية. هذا الفساد يُظهر كيف أن المصالح الاقتصادية يمكن أن تؤثر على السياسات العامة، ما يضعف الثقة في العملية الديمقراطية.

كلا الحزبين يمارسان "ديمقراطية انتقائية" أقل ما توصف به أنها دمقراطية كاذبة تتجاهل حقوق بعض الفئات أو تستخدمها وسيلة لتحقيق أهداف سياسية. وتُعد هذه الممارسة تهديدًا لمبدأ المساواة الذي يُفترض أن تُبنى عليه الديمقراطية. تستخدم الولايات المتحدة خطاب الديمقراطية وسيلةً لتسويغ التدخلات العسكرية في الدول الأخرى، ولكن هذه التدخلات غالبًا ما تؤدي إلى نتائج عكسية وتزيد من الفوضى. هذا الاستخدام الانتقائي للقيم الديمقراطية يعكس نفاقًا في السياسة الخارجية.

الخلاصة والاستنتاج:

تُظهر السياسات الممارسة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي كيف يمكن للقيم الديمقراطية أن تُستخدم أداةً لتحقيق مصالح سياسية بدلًا من أن تكون مبادئ ثابتة. هذا النفاق يثير تساؤلات حول مصداقية الديمقراطية في الولايات المتحدة ويعكس التحديات التي تواجهها في تحقيق العدالة والمساواة لجميع المواطنين. من المهم أن يستمر النقاش حول كيفية تعزيز الديمقراطية الحقيقية، بعيدةً عن الممارسات الكاذبة والتلاعب السياسي.

أما المثال الحضر أمامنا اليوم يظهر من خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة؛ وبحسب ما يقوم به الإعلام العالمي عبر فرض بروباغندا واحدة ذات وجه إمبريالي ومن خلال فرض فكرة الدولة الأقوى الذي يعمق الصورة التي تريد الولايات المتحدة تعزيزها وتثبيتها وهذا ما كان واضحًا وجليًا في كل من خطابات المرشحين للرئاسة الامريكية بأن الحل للحروب، إن كان في أوكرانيا روسيا أو غرب آسيا (الشرق الأوسط) هو من خلال انتخاب أحد هذين الرئيسين، وأن الحل الوحيد سيكون من خلال أمريكا فقط وهذا ما يعزز موقعها السلطوي المتغطرس وتثبيت نظرية الدولة الواحدة القوية ذات القطب الواحد (شرطي العالم).

علينا ألا ننسى ان المخطط والمحرض والداعم الأول والأكبر لهذه الحروب هو أمريكا بأجهزتها وإمكاناتها الاقتصادية والعسكرية وخاصة الاستخباراتية، وأستطيع القول إنها المستفيد الأول؛ بل يمكن أن تكون الدولة الوحيدة التي سوف تكون مأل هذه الحروب لصالحها ولتنفيذ مأربها السلطوية والاستعمارية لتعزيز الفكر الإمبريالي والعولمة الجديدة؛ وذلك بصرف النظر عن حجم او عدد ما تحتاجه من دماء الأبرياء في هذه الحروب وبصرف النظر عن الخاسر والرابح.

بذلك لا أهمية لكم، الدماء الأوكرانية أو العربية أو حتى الصهيونية، والذي سيبذل في تحقيق أهداف هذا الوحش الامبريالي المتعولم؛ بل إن الهدف هو تحقيق الغاية الحقيقة لهذه الدولة التوسع وفرض سيطرتها على العالم. وعلى هذا؛ للإمبريالية الأمريكية تأثيرات سلبية عميقة على الشعوب والثقافات في العالم. من خلال التدخلات العسكرية والسياسات الاقتصادية، تُعاني العديد من الدول عدم الاستقرار والفقر وفقدان الهوية. إن نقد هذه الإمبريالية لا يتطلب فقط فهم تلك التأثيرات، بل يستدعي أيضًا تعزيز الحركات الشعبية والدعوات للعدالة والكرامة الإنسانية.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد