يتحول معرض لندن للكتاب إلى حدث مميز كل عام؛ حيث تستضيف قاعات “لندن أولمبيا ” عددا كبيرا من دور النشر العالمية لتعزيز التواصل والاطلاع على جديد مبتكرات عالم النشر والتوزيع، ومواكبة الذكاء الاصطناعي في عالم الكتاب والتأليف وصناعة المحتوى بأشكاله المتعددة.
المعرض انعقد هذا العام، من صباح الثلاثاء 11 مارس /آذار وحتى مساء الخميس بتاريخ الـ 13 منه. وعند تجوالك في أروقة المعرض تسمع دوياً كدوي النحل، يرافق مسامعك أينما ذهبت، حيث يتبارى ممثلو دور النشر وهيئات الأدب والثقافة ومراكز الدراسات في استقطاب المشاركين والزائرين على حد سواء، لإطلاعهم على ما في جعبتهم من نتاجات توزعت عناوينها على مناحي الحياة بما فيها الكتب المدرسية والجامعية وكتب الأطفال وعالم السياسة وعلم الاجتماع والطبيعة ، حتى يُخيل لك أن قدرا كبيرا من صناعة الوعي يعصف بريحه داخل هذه القاعات قبيل انطلاقه نحو أربع أصقاع الأرض.
المساحات التي تقاس بالأمتار لكل عارض، تتسع وتضيق على قدر الغنى المالي لمن يشغلها في المعرض وتفصل بينها ديكورات تتنوع بين الفارهة والبسيطة. أما لغة التواصل الرئيسة بين المشاركين فليست محصورة بالإنكليزية، فالتنوع كبير ” في اختلاف الألسن والألوان ” فتجد العربي والصيني والفرنسي والأمريكي الشمالي والأمريكي الجنوبي والبولندي والأوكراني، والألماني والفرنسي، وغيرهم.
كما لوحظ أن اتحاد الناشرين العرب كان له حضور مهم في معرض لندن الدولي للكتاب، وهو من أهم الأجنحة التي يقصدها الزوار الراغبون في التعاون مع ناشرين من العالم العربي نظرا لخبرة الاتحاد الطويلة في قطاع النشر، كما أن وجود الناشرين العرب في هذا الجناح يشكل فرصة كبيرة للتواصل مع المترجمين والوكالات الأدبية والمهتمين بشراء أو بيع حقوق للنشر.
عن قصة كتاب غزة الصادر عن دار "السنونو"، تنشر قصصا للأطفال في إصدارين منفصلين باللغة العربية والإنكليزية، وعندما صارت الحرب وشاهدوا في الدار محنة الأطفال فيها، صار من الصعب الاستمرار في عملية النشر بالطريقة المعتادة، وبأنه من الواجب القيام بتدوين هذا الحدث ونقل معاناة الأطفال بطريقة مختلفة ليس على طريقة قصص الأطفال، لذلك قاموا بإنجاز العمل ليكون على شكل كتاب فوتوغرافي مؤلف من صور فوتوغرافية التقطت في غزة منذ تاريخ شهر أكتوبر /تشرين الأول العام 2023 وحتى نهاية العام 2024″.
الهدف من الكتاب هو توثيق حياة الأطفال خلال الحرب على قطاع غزة: كيف يأكلون ويشربون، وما معنى المدرسة والحصول على الماء في تلك الظروف، وكل هذه القضايا تم توثيقها وعرضها في صور.
طبع الكتاب بنوعية طباعة مميزة وفاخرة، وهو بحجم طاولة القهوة، وصنع الغلاف من الكتّان، وطبع على الغلاف بالحرير، كما أن الغلاف الخلفي طبع بشكل منفصل ثبت على جِلدة الكتاب، فقضية معاناة أطفال غزة يجب أن تبقى حيّة، ويجب أن ينظر للأطفال بشكل أفضل ومغاير لما هو عليه الأمر الآن ، فهم لا ذَنْب لهم، بل وجدوا أنفسهم وسط هذا الصراع، ولا يحق لأحد مهما كانت أسبابه أن يؤذي هؤلاء الأطفال، أو يسوغ قصف مدرسة أو مستشفى، ومن غير المسموح أن يتم النظر إلى مقتل الأطفال على أنه أضرار جانبية”.
قد يصبح هذا الكتاب يوما ما وثيقة ومعرضَ صُور، وسيشاهده الناس، وسيدخل الى البيوت الفارهة ونراه على طاولات تلك البيوت، وألا يقتصر الأمر على خارطة فلسطين أو الكوفية، بل ستتم أيضا رؤية هذا الكتاب ذاكرة يجب أن يخلدها”.
تتحدث الكاتبة والناشرة فدا اشتية أن هذا الكتاب: “سيمثل نوعا من الصفعة لوجه ذلك النوع من الإعلام الذي قمع الصورة وقام باختيار المحتوى بشكل انتقائي، لذلك لن يستطيع ذلك الإعلام أن ينزع منا فكرة هذا الكتاب الذي ركزنا فيه على الأطفال حتى لا يكون هناك جدل هل أنت مع هذا أو مع ذاك، فنحن مع الأطفال وهذا هو ما يركز عليه الكتاب”.
تختم فدا اشتية إن كتاب “غزة ” يحتوي في نهايته على مقتطفات تدوينية لكل صورة تشمل المكان الذي التقطت فيه وباقي المعطيات المتعلقة بها حيث ساعدنا في ذلك شابان شجاعان هما الصحافيان من غزة :أنس عياد وهمام الزيتونية، حيث قاما بالتقاط الصور حصريا للكتاب، وشاركنا في العمل أيضا عنصر نسائي هي السيدة صابرين الباز فهي قامت – مثل كثير من الأمهات- بالتقاط صور لأطفالها ووثقت النزوح من خان يونس إلى دير البلح إلى مدرسة النصيرات ومخيم الشاطئ ثم البريج مرة أخرى، وقامت هذه الأم بتدوين حياتها مع بناتها الثلاث وهن جميعهن دون سن السادسة من العمر، ولله الحمد ما زلن مع أمهن في غزة على قيد الحياة، ولذلك فإن التدوين من خلال الصورة هو حقيقة ساطعة لا يمكن لأحد أن ينتزعها منا".