اوراق مختارة

المحادثات تدخل "مرحلة التخصّص".. إيران - أميركا: تفاهم على الإطار العام

post-img

محمد خواجوئي (الأخبار)

مع انعقاد جولة ثانية من المحادثات «البنّاءة»، والتي «أحرزت تقدُّماً»، بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف، السبت الماضي، في العاصمة الإيطالية روما، من المُقرَّر أن يبدأ فريقا خبراء البلدَين محادثاتهما - التي كانت مقرّرة اليوم -، السبت المقبل، في العاصمة العُمانية مسقط، وذلك بحضور رئيسَي وفدَي التفاوض.

ووفقاً للناطق باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، فإن تأجيل الاجتماع الفنّي جاء على خلفية «اقتراح عُماني». وبمعزل عن سبب التأجيل، فإن ثمّة توافقاً ظاهراً بين الجانبَين على مواصلة المسار الدبلوماسي؛ إذ يُبيّن قرار طهران وواشنطن إجراء محادثات تخصّصية أنهما توصّلتا إلى تفاهم في شأن الأُطر العامة وجداول الأعمال، والتي من المُقرّر أن يخوض الخبراء والمختصّون في تفاصيلها، للبدء في عملية صياغة نصّ الاتفاق.

ويبدو أن إيران نجحت، إلى الآن، في حصْر المحادثات الجارية في برنامجها النووي، وعدم ربط أيّ اتفاق محتمل بقضايا من مِثل دعمها لمجموعات المقاومة في المنطقة، أو ببرنامجها الصاروخي. وعلى الرغم من بعض المواقف الأميركية الداعية إلى تفكيك البرنامج النووي، ووقف التخصيب، فإن ما طُرح على طاولة التفاوض لا يشير إلى هكذا اتجاه؛ إذ يدور النقاش حول تقييد هذا البرنامج، تماماً كما في «خطة العمل الشاملة المشتركة» لعام 2015، والتي سُمح لإيران بموجبها بالتخصيب عند مستوى 3.67%، جنباً إلى جنب اضطلاع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» بدور رقابي صارم على نشاطات طهران النووية.

وفي هذه الأجواء، أثيرت خلال محادثات روما، السبت الماضي، قضيّتان رئيسيتان: تحديد مصير مخزونات اليورانيوم العالي التخصيب، وحصول إيران على ضمانات تحول دون تكرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق؛ علماً أن الجمهورية الإسلامية تدعو إلى حفظ اليورانيوم العالي التخصيب داخل البلاد، فيما تطالب الولايات المتحدة بتدميره أو نقله إلى بلد آخر، يمكن أن يكون روسيا. لكنّ طهران تريد، من جهتها، ضمانات عملية في حال انتهكت واشنطن الاتفاق، بما في ذلك إعادة مخزونات اليورانيوم من موسكو، التي تتيح لها الشروط المتقدّمة لعب دور محوريّ في مستقبل العلاقات الإيرانية - الأميركية، على حساب العواصم الأوروبية، والأمم المتحدة.

وفي أحدث تصريحاته، قال وزير الخارجية الإيراني، أمس، إن اتفاقاً تُرفع بموجبه العقوبات الأميركية عن طهران، سيتيح فرصاً اقتصادية تُقدَّر بتريليون دولار، «يمكن الشركات الأميركية الاستفادة منها». وفي منشور عبر منصة «إكس»، أكّد عراقجي في خطابه الذي كان مُقرّراً أن يلقيه عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» في مؤسسة «كارنيغي» حول «السياسة النووية الدولية»، وتمّ إلغاؤه نتيجة ضغوط مجموعات تابعة للّوبي الإسرائيلي، أن أيّ حرب محتملة ضدّ بلاده، ستكون لها تكلفة باهظة على الاقتصاد الأميركي، مشدّداً على أهمية العلاقات الاقتصادية مع الأميركيين في أيّ اتفاق محتمل.

وفي موازاة التحضير للجولة الثالثة من المحادثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن، يلتقي عراقجي، في بكين، اليوم، مع كبار المسؤولين الصينيين، وذلك في إطار «المشاورات المنتظمة التي تجريها طهران مع حلفائها، بمن فيهم الصين وروسيا» حول الموضوع النووي. وكان الوزير الإيراني زار موسكو قبيل بدء الجولة الثانية من المحادثات، وسلّم رسالة من المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قيل إن الأول شدّد فيها على حفظ العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، في حال تمّ التوصّل إلى اتفاق مع الأميركيين حول الموضوع النووي.

وقبيل انطلاق الجولة الأولى من المحادثات بين إيران وأميركا، عُقد اجتماع ثلاثي إيراني - روسي - صيني في التاسع من الجاري، أعلنت السلطات الإيرانية أنه جرى على مستوى الخبراء، وناقش الموضوع النووي و»خطّة العمل الشاملة المشتركة» والقرار الرقم 2231. وفي هذا السياق، تناولت صحيفة «غارديان» البريطانية الدور المحوري لموسكو في المحادثات النووية الإيرانية - الأميركية، مشيرةً إلى أن روسيا اختيرت لتكون الوجهة المحتملة لمخزونات اليورانيوم الإيراني المخصّب، «وقد تضطلع بدور الحَكَم في حالات انتهاك الاتفاق مستقبلاً».

وفيما كان مُقرَّراً بدء المحادثات الفنية اليوم، فإنها تصدّرت اهتمام وسائل الإعلام الإيرانية، إذ أشارت صحيفة «هم ميهن»، المحسوبة على التيار الإصلاحي، إلى انخراط الطرفَين في المحادثات التخصّصية، معتبرةً أن «نجاح المفاوضات يتوقّف على أن تجري بصورة مباشرة». ورأت، في مقالها الافتتاحي، أنه «من غير الممكن إجراء محادثات فنّية من دون الجلوس وجهاً لوجه وبشكل مباشر»، إذ إنه «عندما نصل إلى مرحلة التخصّص، فهذا يعني أنّنا اتّفقنا على الخطوط العريضة إجمالاً، وهذه الحالة، تزيل الحاجز الناجم عن انعدام الثقة أمام الحوار المباشر».

أمّا صحيفة «كيهان»، القريبة من التيار الأصولي، فرأت، في مقال لسعد الله زارعي، أن «المحادثات مع إيران، وبغضّ النظر عن محتواها، تحوّلت إلى هدف لدونالد ترامب، الذي يبدو مستعداً لتقديم تنازلات في هذا المجال». وقال الكاتب إن «مطالب أميركا في عمان كانت أدنى بكثير من مفاد خطّة العمل الشاملة المشتركة: وقيل بناءً على ذلك إن القضية الرئيسية لترامب هي أن يسجّل الاتفاق النووي مع إيران باسمه، ولذلك فهو جاهز لمنح تنازلات ليحصل على هذا التسجيل». ورجّح المقال الافتتاحي لصحيفة «كيهان» التي يُعيَّن مديرها المسؤول بقرار من المرشد الأعلى، أن يغيّر ترامب لهجته، فيما رحّب الكاتب بوضع أوروبا جانباً، باعتباره قراراً «يتّسم بالواقعية والحكمة»، ذلك أن «الأوروبيين، ومنذ انخراطهم في هذا المشروع، لم يفعلوا سوى الشرّ ضدّ إيران».

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد