أوراق ثقافية

"الإعلام الإسرائيلي والحرب على غزة" فيما كان يسود أخفق ..لقوة صور الإبادة

post-img

لمناسبة الذكرى الـ 60 لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة؛ أقام قسم الدراسات المركزي في الجبهة حلقة نقاش تحت عنوان "الإعلام الإسرائيلي والحرب على غزة"، شارك فيها عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية والثقافية، وقدمت فيها مداخلات وأوراق مهمة؛ وذلك في مخيم برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية.

الورقة الأولى قدمها خالد بركات؛ تحدث فيها عن أنّ العلاقة بين "الحرب والاعلام" قديمة ومتصلة، ولكن لفت إلى أن الاعلام الإسرائيلي العبري ضعيف وحدوده ضيقة وتأثيره محدود يكاد لا يذكر. الاعلام الصهيوني الغربي هو المشكلة؛ أي الاعلام في دول المركز الامبريالي. وكما تجري رعاية المشروع الصهيوني في فلسطين بالسلاح والمال والسياسة تجري رعايته بالإعلام ونشر سردية الكيان الصهيوني أيضا، خاصة في ظل هيمنة شبه مطلقة للإعلام الغربي والامريكي بشكل خاص".  وقال إنّ ثمة مؤسسات صحافية وإعلامية مهمة في الغرب لها مصداقية عالية حول ما تنقله وتكتبه، مثل صحيفة نيويورك تايمز مثلا. لكن هذه الصحيفة الكبرى والمهمة تفقد كل أخلاقيات المهنة وتتحول إلى أداة مجرمة وصحيفة كاذبة حينما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية وما يجري في غزة.

تابع بركات: "مؤسسة هوليود تقوم هي الأخرى بدور كبير وخطير في تضليل الجمهور وتشويه الحقيقة. وهناك الاف الأفلام التي جرى انتاجها من أجل تكريس صورة معادية للفلسطينيين والعرب والمسلمين، ومن أجل التعاطف مع الكيان الصهيوني".  أما بخصوص الحرب على غزة؛ فقد رأى بركات:" كيف جرت عملية التخلص من كل صوت يدعو لاحترام الحقيقة أو حتى "المساواة بين الطرفين" ووقف العدوان. وطرد العديد من الإعلاميين والإعلاميات من مؤسسات في الغرب لأن هؤلاء دافعوا عن السردية الفلسطينية، أو قالوا الحقيقة. في المانيا مثلا لا يمكن لصحفي نشر مقال نقدي للسياسة الإسرائيلية. المقال ذاته يمكن نشره بسهولة في صحيفة صهيونية في الكيان الصهيوني، لكن لن تحتمله صحف المانيا المعادية بشدة للفلسطينيين. ‘نها أكثر تطرفا وعنصرية من صحف الكيان نفسه في بعض الأحيان".

وفي الوقت ذاته؛ يؤكد بركات، أن العدو الصهيوني يمنع دخول الطواقم الصحفية الدولية إلى قطاع غزة منذ بدء العدوان وحرب الإبادة الجماعية على شعبنا في غزة. وفي الوقت نفسه يستهدف الصحفيين والكتاب والمؤثرين في القطاع من أجل منع خروج القصص والأخبار والحقائق من داخل غزة إلى العالم.  إن الحقيقة وحدها لا تحرر الشعوب. مع ذلك، فإن ما نحتاجه الفلسطينون وعرب هو إعلام رصين ومحترم يقول الحقيقة للعالم من دون مبالغة او تقزيم".

الورقة الثانية؛ وهي بعنوان "كيف تناول الإعلام الغربي السابع من أكتوبر؟ قدمها أحمد الصباهي؛ والذي بدأها بتعداد أبرز أشكال هذا التعاون؛ ومنها:

1- التحيّز في التغطية التي تعطي الأولوية للسردية الإسرائيلية على السردية الفلسطينية، والتي تعتمد إلى حدّ بعيد على التقارير الرسمية الصادرة عن الجانب الإسرائيلي من دون التدقيق في الحقائق بشكلٍ مناسب، ويترجم ذلك بالتالي:

أ- عدم الإبلاغ عن عدد الإصابات الحقيقي في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

ب- عدم العمل على إخبار القصص الشخصية حول الخسائر والمعاناة بشكلٍ معمّق.

ج- عدم نقل وجهات نظر الفلسطينيين بشكلٍ كاف.

أما الدعاية من الجانب الإسرائيلي؛ فقد كشف الصباهي أن هناك مبلغ تسعة مليون دولار دفع للدعاية في الغرب؛ وكان أبرزها أن مقاتلي حماس قطعوا رؤوس أطفال إسرائيليين وأحرقوا جثثهم، واغتصبوا فتيات إسرائيليّات قاصرات.(جو بايدن رددها وتراجع عنها)؛ ولديهم أنفاق سريّة ومنشآت عسكريّة مخبأة تحت البنى التحتيّة المدنيّة كالمستشفيات ومخيّمات اللاجئين.

بعد تعداد الكثير من أشكال هذه الدعاية؛ قال أحمد الصباهي أنه جرى تبنّي الوصف الإسرائيلي للأزمة على أنّها "حرب"، ما يخلق مساواة زائفة بين الطرف المِحتَّل والطرف المُحتَّل. والأصح أنه عدوان، إبادة جماعية، تطهير عرقي، مجرمي حرب. كما وصف وسائل الإعلام الغربية الإسرائيليين ما دون سن الـ18 بأنّهم أطفال، والفلسطينيين بأنهم قصّر. وعندما يحلّ متحدّثون عرب ضيوفًا في مقابلات على وسائل إعلام غربيّة، غالبًا ما يُسألون أوّلًا: “هل تدين حماس؟” وحين يرفض أحدهم الإجابة على السؤال، يلحّ المضيف ويصرّ على الإجابة والإدانة قبل مواصلة المقابلة.

هذا الأداء الإعلامي؛ يقول الصباهي، خلق سرديّات بديلة، إذ تشكّل منصّات مثل “إنستغرام” و”فايسبوك” و”تويتر” منبرًا للمواطنين العاديين على الأرض وتسلّط الضوء على قصصهم الشخصية وصورهم وتحديثاتهم في الوقت الفعلي. وقد انتشرت منشورات ووسوم مثل #FreePalestine  (فلسطين حرة) و #GazaUnderAttack (غزة تحت الهجوم) أدّت إلى زيادة الوعي والحديث عبر الحدود الجغرافية والأيديولوجية). ( قصص عبود). ونقل وجهات نظر متنوّعة من خلال عرض قصص قد لا تنشرها وسائل الإعلام التقليدية. على الأرض (الأطباء- المسعفين- الأطباء الغربيون ودورهم) ..كما تأثر الأمريكيون، لا سيما الشباب منهم،  حيث يستمدّ الجمهور الأصغر سنًا أخباره من وسائل التواصل الاجتماعي – خاصة “تيك توك” و”إنستغرام". (حركة الجامعات الأمريكية).

الورقة الثالثة كانت بعنوان "السمات العشر للإعلام الإسرائيلي في الحرب على غزة"، قدمها الكاتب حمزة البشتاوي؛ ومما قاله: "يعمل الإعلام الإسرائيلي في الحرب على ترويج سردياته وبناء تصورات مزعومة عن شرعيته، موظفًا نفسه خلال الحرب للعمل على طمس الحقائق وتحريف الواقع بما يتلائم مع المشروع الصهيوني وإخفاء الوجه الحقيقي لهذا المشروع عبر تلميع صورته وتشويه صورة المقاومة، وبأخذ الإعلام الإسرائيلي دوره في الحرب إستنادًا إلى ما قاله ديفيد بن غوريون: إن الإعلام: أقام دولتنا على الخريطة وأسهم في تكريس وجودها".

عدّد الكاتب البشتاوي  أبرز سمات الإعلام الإسرائيلي في الحرب؛ ومنها: أنه دعاية منظمة ومخططة ذات أهداف إستراتيجية واضحة، تسبق الأحداث وتواكبها، ويضع لكل حدث ما يلائمه من الأساليب والمضامين، وما يتلائم مع الجمهور الذي يخاطبه والمرحلة التاريخية التي يقع فيها. ويركز على تكرار مجموعة من القضايا والدعاوى الباطلة التي يتم الإلحاج عليها لترسيخها في الأذهان وتثبيتها في ذاكرة الإنسان حتى تصبح وكأنها حقائق يجب التسليم بها. كما يعتمد أسلوب اثارة العواطف والإنفعالات التي تؤدي إلى إستجابة سريعة استنادًا لمنطق تشويه الحقائق والكذب للوصول إلى الجمهور المستهدف والقول بأن ضحايا حرب الإبادة على غزة هم مجرد أضرار جانبية لا أكثر ولا أقل. والعمل على تحويل كل المعارك حتى الخاسرة إلى معارك رابحة من خلال تكرار نشر الرواية الإسرائيلية في الإعلام الغربي وبعض الإعلام العربي. كما استخدم شعار ومقولة يهودية الدولة باعتباره السلاح الإيديولوجي الذي يراهن عليه المشروع الصهيوني خاصة الإئتلاف اليميني الحالي بقيادة بنيامين نتنياهو.

بيّن البشتاوي أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية  تشرف وتوجه الإعلام الإسرائيلي للقيام بدوره في أثناء العدوان عبر التحكم بالتغطية الإخبارية والرقابة المشددة عليها والعمل على تصوير الضحية جلادًا والقتيل قاتلًا، إضافة لاستهداف الصحافيين حيث أستشهد أكثر من 130 صحفيًا فلسطينيًا و 12 صحفيًا لبنانيًا، وهذه الأخبار لا يغطيها الإعلام الإسرائيلي كونه إعلامًا مجندا مراقبًا وغير نقدي بل مجرد كلب حراسة للمستوى السياسي والعسكري وذراع دعائي يعمل خلال حرب الإبادة على تضخيم النجاحات المفترضة للجيش الإسرائيلي، ويدعو إلى مواصلة الحرب التي يمكن القول بأن الاحتلال الإسرائيلي خسر فيها على الجبهة الإعلامية أكثر بكثير مما حققه، وذلك من خلال ضرب السردية الإسرائيلية وظهور مؤيدين جدد للقضية الفلسطينية يشككون في الرواية والدعاية الإسرائيلية لحرب الإبادة على قطاع غزة.

 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد