محمد ناصر الدين/ جريدة الأخبار
بعد ثلاثة عقود بالضبط على «إعلان أفينيون» الأول الذي رفع الصوت بإدانة المجازر في يوغوسلافيا السابقة، جاء «الإعلان الجديد» لمهرجان «أفينيون» متضامنًا بشكل لا لبس فيه مع معاناة الشعب الفلسطيني في غزة ليفجر قنبلة في وجه عتاة اللوبي الصهيوني في فرنسا ومحاولتهم طمس وتزوير الحقائق لمصلحة كيان الاحتلال.
في مستهلّ الدورة التاسعة والسبعين من «مهرجان أفينيون الدولي» التي تحتفي باللغة العربية هذا العام، وتستضيف وجوهًا فكرية وثقافية من العالم العربي، نشر مدير المهرجان تياغو رودريغيش قبل أيام على حساب المهرجان على انستغرام: «ينطلق مهرجان «أفينيون» بينما المجزَرَة على قدم وساق في غزة»، وهو ما استكمله في نصّه الافتتاحي المدرَج في البرنامج: «لنحتفل، من دون أن ننسى أبدًا مآسي الماضي والحاضر».
كان الإعلانُ الجديد للمهرجان الذي بدأ بـ «نحن نساء ورجال الفعالية، المُجتمعون في أفينيون لأنّ هذا المهرجان هو أيضًا مهرجانُ الكلمةِ العامةِ والمتطلباتِ المدنية، غيرَ مُستسلمين للعجز، ولا لإخفاءِ الجريمة، نُعلنُ تضامنَنا مع الشعبِ الفلسطيني».
أوضح البيان الجديد هدفه الواضح: إدانة «السياسة التدميرية لدولة إسرائيل»، والمطالبة «بوقف المجزرة الجماعية الجارية التي قتلت بالفعل عددًا مروِّعًا من الأطفال» و«المطالبةِ بالاعتراف بدولة فلسطين، وتطبيقِ العقوبات المنصوصِ عليها في القانون الدولي، وتعليقِ اتفاقِ الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ووقفِ تجريمِ الخطاباتِ والجمعياتِ الداعمةِ للقضية الفلسطينية».
أثار هذا الإعلان ــ القنبلة سخط أنصار اللوبي الصهيوني الفرنسي والأوروبي الذين انهالوا بالشتائم والاعتراضات على صفحات المهرجان على وسائل التواصل، مستهلين حملتهم المضادة بحجج واهية واعتراضات وقحة تتنوع بين مطالبة المهرجان بالتعاطف مع الأسرى الإسرائيليين، أو مطالبة وزارة الثقافة بوقف التمويل السنوي للفعالية، أو مخاطبة المحامي الصهيوني أرنو كلارسفيلد لاستحضار التهمة الجاهزة لرئيس المهرجان بمعاداة السامية وتسييس الفعالية التي لم تغب السياسة عنها يومًا، من تموز (يوليو) 1968 حين طغت أجواء الاحتجاجات الطالبية والاجتماعيةُ في البلاد عليها، إلى تموز 2003 حين أدّى حراكُ نقابي من قبل العاملين في العروض إلى إلغاء الفعالية مرورًا بتموز 1995، عند الإعلان الأول عن مجازر يوغسلافيا. اللافت في هذه الدورة المستمرّة حتى 22 تموز، هو العدد الكبير من المثقفين والفنانين الموقّعين على الإعلان الجديد مثل: محمد الخطيب، كلارا هيدوين، وكريستوف مارثالِر، إسرائيل غالفان، إضافة إلى فنانين ومديري مسارح أوروبية.
كما نُشر البيان الذي تلته مؤسسة مسرح «رادو» لورانس شابل باسم الموقعين عليه في مجلة «تيليراما» الفنية المرموقة في الخامس من تموز تحت عنوان «لم يعد الصمت ممكنًا».