اوراق خاصة

بين شهري آب وأيلول مجازر تروي نتفًا من تاريخ لبنان الحديث

post-img

جعفر سليم/ كاتب لبناني

في منتصف شهر آب من العام 1976، غدرت أحزاب الجبهة اللبنانية بسكان "مخيم تل الزعتر"، وذلك عندما فتحت النار عليهم جميعًا، لبنانيين وفلسطينيين، وهم يغادرون المخيم عزلاً من السلاح وفقًا لاتفاق عُقد مع منظمة التحرير الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، حاصدين ما يزيد عن 3000 قتيل؛ بينما انقض آخرون على داخل المخيم وراحوا يطلقون النار على كل من يصادفونه,..

في الوقت نفسه؛ راح سواهم يوقفون الناقلات التي تراكم فيها الناجون على الحواجز المنصوبة على الطرقات وينتزعون من داخلها جميع الفئات العمرية من الذكور؛ ثم يقتلونهم بوحشية أو يقتادونهم إلى جهات مجهولة.

"مخيم تل الزعتر"، والذي كان يضم ما بين 50.000 و 60.000 ألف نسمة، تعرض قبل المجزرة الكبيرة إلى حصار وقصف شديد أدى إلى سقوط الآف من الشهداء والجرحى.

في شهر آب من العام 1976، إلى شهر أيلول من العام 1982، ست سنوات هي الفاصل بين مجزرة "تل الزعتر" ومجزرة صبرا ومخيم شاتيلا، والفاعل واحد، وإن اختلف الرعاة في الحضور المباشر أو من خلف أكياس رمل من لبنانيين.

لقد كانت مجزرة صبرا وشاتيلا عملية قتل جماعي؛ راح ضحيتها ما بين 1,300 و3,500 مدني من الفلسطينيين واللبنانيين، والمنفذ نفسه في المجزرتين. وهو ميليشيا "القوات اللبنانية" مع مشاركة قوات تابعة لما يسمى بــ"جيش لبنان الجنوبي" المنشق والعميل للكيان الصهيوني بقيادة سعد حداد، بشهادة الشهود من الأحياء بالصوت والصورة، واعترافات بالتلميح لا بالتصريح من رؤساء سابقين عن مسؤولية أحزابهم المنضوية في الجبهة اللبنانية.

في هذه المجزرة؛ تمت عمليات القتل بإشراف مباشر من وزير حرب الكيان الصهيوني-أنذاك- أرييل شارون، في أثناء وقوفه قرب مستديرة "مدينة كميل شمعون الرياضية". ومن المعلوم أن شمعون هو رئيس حزب الوطنيين الأحرار الذي شارك عناصره بوحشية فاقت التصورات، في مجزرة "مخيم تل الزعتر"، وتحدث عن بشاعتها مراسلو الوكالات الأجنبية قبل غيرهم .

في "مخيم تل الزعتر"؛ قُتل الفلسطينيون كما قُتل اللبنانيون الذين رفعوا هوياتهم عاليًا، ولم تشفع لهم أو تمنع عنهم حقدًا دفينًا عند من يُسمى "الشريك" في الوطن، بل كانوا شريكا للعدو المحتل للأرض اللبنانية، منذ العام 1967 في كفرشوبا ومزارع شبعا، وفي العام 1978 لمدن وقرى لبنانية واسعة، وارتكبوا معه مجازر، ومنها مجزرة مدينة الخيام- على سبيل الذكر وليس الحصر- والشهداء الأحياء فيها لم ولن تمحى من ذاكرتهم وحشية الاحتلال في قصفه للمنازل والمؤسسات ودور العبادة، إضاقة إلى المؤسسات الصحية التي لم تسلم من غدرهم.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد